كان لافتاً جداً الحشد الإسلامي المتشدد الذي شارك في صلاة الجمعة الأخيرة التي أقيمت في مسجد التقوى وخطب فيها الشيخ خالد حبلص. هذا الشيخ الذي يقطن في منطقة المنية، بات يشكل حالة بالنسبة الى أهالي باب التبانة لا سيما بعد تنفيذ الخطة الأمنية والتوقيفات فيها، وعلى رأسها إلقاء القبض على الشيخ حسام الصباغ. وعلى رغم ما يمثله طرابلسياً لا سيما في شارع الإسلاميين، شعر مشايخ المدينة أنّ ما من أحد فوق رأسه خيمة، وإذا كان توقيف الشيخ عمر بكري فستق حصل لعدم وجود غطاء سياسي وإسلامي له في عاصمة الشمال، فتوقيف الصباغ المدعوم والمغطى شكّل صدمة من العيار الثقيل لشارعه، ودفع بالمشايخ الى التخفيف من لهجة خطبهم، أكانت في المساجد أم في مناسبات إجتماعية أخرى. وهذا الأمر لم يعجب أبداً القواعد الشعبية المتطرفة، لذلك طلب أهالي قادة المحاور والموقوفين الآخرين عندما كان اعتصامهم قائماً على مستديرة أبو علي من الشيخ سالم الرافعي إذناً يسمح لحبلص بأداء صلاة الجمعة في مسجد التقوى على إعتبار أن الأول هو إمام المسجد، ومن هناك كانت البداية.

ففي كل مرة يتوتر فيها الجو في شارع الإسلاميين أكان على خلفية أحداث تحصل في عرسال، أو بسبب تصريح لسياسي يرفض فيه مبدأ المقايضة بين الدولة وإرهابيي جبهة النصرة أو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، يترك حبلص منزله متوجّهاً إلى مسجد التقوى حيث يخطب بلهجة نارية، لا ينجو من شظاياها الجيش اللبناني وحزب الله، إضافة الى الرئيس السوري بشار الأسد، وصولاً الى سياسيي طرابلس بتهمة "التخلي عن أهل السنة المظلومين". وفي كل مرة يركز حبلص في خطبته على ضرورة إطلاق سراح الموقوفين الإسلاميين، جامعاً موقوفي فتح الإسلام ومخيم نهر البارد مع الذين شاركوا في جولات القتال بين باب التبانة وجبل محسن في سلة واحدة، كل ذلك من دون أن ينسى موقوفي عبرا.

كلّ ذلك كان ضمن حدود المعقول بالنسبة الى السلطات الأمنية، ولم يتخط حدود خطبة الجمعة. أما ما حصل بالأمس فينذر بخطورة الحالة التي ظهرت في مسجد التقوى بعد خطبة الشيخ حبلص. "الشعب يريد الدولة الإسلامية" شعار ردّده المصلون بالمئات، قبل أن يهتفوا دعماً للإرهابي الفار من وجه العدالة ​أحمد الأسير​، خاتمين صلاة الجمعة بإعلان الدعم الكامل للشيخ خالد حبلص.

أكثر ما يثير قلق الأجهزة الأمنية، هو حضور مقاتلين من الجيش السوري الحر الصلاة التي يلقيها حبلص، خصوصاً أن هؤلاء الذين جاؤوا مصابين الى باب التبانة بعد سقوط تلكلخ، باتوا اليوم من المنتمين الى "داعش" و"جبهة النصرة" بعد أفول نجم الجيش الحر.

وفيما تتركز الجهود الأمنية على كيفية التخلص من خلية شادي المولوي وأسامه منصور المؤيدة للنصرة، يتخوف الأمنيون من تجمعات داعمة للتنظيمات الإرهابية كالتي يخطب فيها حبلص، تجمعات قد تؤدي الى نشوء خلايا أخرى في طرابلس شبيهة بخلية المولوي- منصور.

فهل ستنسحب الخطة الأمنية على هذه التجمعات أم أن الجو السياسي الراهن لن يسمح بذلك؟