تسأل الناس عنه، فيذكرون أنه الوزير الذي وقّع استقالته بدل توقيعه "مرسوم بدل النقل" الذي يعارض كل ما كوّنه من افكار خلال مسيرة نضاله، كما قال في واحدة من مقابلاته الصحافية.هو شربل نحاس، الأكاديمي المشاكس، نصير المطالب العمّالية،والعنيد في الدفاع عن قناعاته.

شكّل ترشّح نحاس الى الانتخابات النيابية عن المقعد الكاثوليكي في المتن الشمالي، أكبر مفاجآت استحقاق العام 2014. لماذا في المتن الشمالي؟ سؤال طرح في الأوساط السياسية والشعبية. فنحاس المولود في بيروت في السادس عشر من آب 1954، والعاشق لقضاء جبيل من بوابة قرية العاقورة الجردية، مسقط رأس والدته، شقيقة المطران منجد الهاشم، يرى أن "البلد كلهقدّ مدينة، ولا معنى في هذا السياق للتقسيمات الجغرافية والطائفية، لاسيما أن ما يحتاجه لبنان هو التمثيل السياسي والرقابي والتشريعي والانمائي، لا الى نواب يكتفون بممارسة الدور المطلوب عادة من رؤساء البلديات، والذين يفوقونهم نشاطاً احياناً".

هكذا اذا، فبين المناطق والدوائر الانتخابية المختلفة، وجد نحاس الأفضليةفي المتن الشمالي، "لأنها المنطقة التي شهدت نشوء وتكتل الأحزاب والتيارات السياسية والفكرية المختلفة، ما يمنح هذا القضاء تحديداً اكثر من سواه، البعد السياسي المطلوب في أي عملية انتخابية".

بجملة واحدة، يختصر شعاره على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" رؤيته ومشروعه، "فالنظام يتخبط، المبادرة واجب، والتغيير ممكن". وانطلاقاً من هذه القاعدة، يسعى الى اعادة النقاش السياسي الى موقعه الحقوقي والدستوري والقانوني خارج الاصطفافات القائمة في محاولة لتغيير واسقاط النظام القائم. وضمن هذا "التحدّي"، فرهانه على وعي الناس، من دون ان يحمّل الاستحقاق النيابي أكثر مما يحمل، "فالانتخابات النيابية البداية وليست النهاية، ولا انظر اليها الاّ كساحة من ساحات النضال".

يدقّ أبواب ساحة النجمة بعدما خبر دهاليز الجلوس على طاولة مجلس الوزراء. وقد راكم على مدى سنوات خبرات عدة في تعاطيه مع القطاعين العام والخاص، فعرف عن قرب إيجابيات وسلبيات كلّ منهما، فعايش التحدّيات بانجازاتها وتسوياتها في بعض الأحيان، الأمر الذي ولّد لديهالقناعة التالية: "لاعادة بناء الدولة طريق الزامي يمرّ بالإصلاح".

درس نحاس الهندسة والتخطيط في معهدي بوليتكنيك والجسور والطرق في باريس إلى جانب العلوم الاقتصادية والأنتروبولوجيا. وبعد عودته إلى لبنانالعام 1979 ، دخل في التعليم الرسمي استاذاً محاضراً في الجامعة اللبنانية لأكثر من عقد. كان مسؤولا عن إعهادة إعمار وسط بيروت بين 1982 و 1986، قبل ان ينتقل إلى القطاع المصرفي . بين عامي 1998 و1999 وضع "برنامج تصحيح مالي" وقدمه إلى الحكومة اللبنانية، في سياق عمله في مجالي الاستشارات والأبحاث الاقتصاية. بعدها، كان منسق السيسات العامة والشؤون الاقتصادية ضمن الفريق الذي وضع "المخطط الشامل لترتيب الأراضي في لبنان" بين 2002 و2004 وقاد الفريق الذي وضع "خطة الاستثمارات العامة" في 2005 و 2006 ، إلى جانب إسهامات مختلفة حول مسائل وطنية وإقليمية.

اليوم، يعوّل على الارباك الحاصل بين اقطاب النظام اللبناني، ويراهن على يقظة عند المواطن لانقاذ الدولة. وعلى هذا الأساس، يخوض الانتخابات، "لا من باب حزازيات الضيع" على حدّ قوله، "فالنيابة ثقة وتكليف من الناس، وليست وظيفة ووجاهة". وعلى هذه القاعدة، "هناك 10نواب من اصل 128 يمكن وصفهم بالنواب".

منذ خروجه من الحكومة وتكتل التغيير والإصلاح، لم تنقطع اتصالاته لا مع العماد ميشال عون ولا مع أناس من مختلف التيارات السياسية والفكرية. حراكه سيستمر اليوم وغداً، بمعزل عن الانتخابات النيابية ونتائجها. بانضمامه الى لائحة المرشحين في المتن، خلط الأوراق، لاسيما أن لسيرته الذاتية والمهنية، وتجربته الوزارية وقعها بين من يلتقي معهم في القناعات، او من يختلف واياهم في التوجّهات. وبين هذه المعمعمة يقول "إن حظوظي كبيرة طالما ان المتن ساحة لصراع الافكار السياسية".

يرى نحاس في ما يحصل اليوم "محاولة انقلاب من خلال التمديد". يرفض البقاء مكتوف الأيدي امام هذا المشهد والاكتفاء بالتفرّج عليه. فلسفته تقول "إن عدم الترشح هو بمثابة براءة الذمة للانقلاب، والاعتراض من خلال الترشّح على أساس المشروع والرؤية، نوع من الرفض".

كيف سيتم الانقلاب؟ بالنسبة اليه، "الممثلون كثر ولكن المخرج لهذا الفيلمسيء...من هنا، من الصعب ان يحصل التغيير ربما، ولكن علينا أن لا نرضى بهذه الحقيقة"....عبارة تختصر كل ما يفكّر فيه ويسعى اليه المرشّح عن المقعد الكاثوليكي في المتن الشمالي شربل نحاس.

واقع المتن والرقم الصعب

بغض النظر عما يحكى من هنا وهناك، وما يشاع عن تطوّر او تراجع في الشعبية، يشير خبراء الإحصاءات، الى أن المختبر الأساس هو يوم الانتخاب الذي لا يقبل بحثاً او جدلاً. فقد اظهرت نتائج الانتخابات الأولى التي جرت خارج الوصاية السورية في العام 2005 تفوّقاً لتكتل التغيير والإصلاح على منافسيه حيث حل النائب إبراهيم كنعان اولاً في هذه الدورة، وفي التي تلتها العام 2009. اما النائب سامي الجميل، وكما حصل مع شقيقه الشهيد بيار في العام 2005، فقد حلّ في المرتبة السادسة، حيث تقدّم عليه كنعان وميشال المر وسليم سلهب وادغار معلوف ونبيل نقولا، حاصلاً على 47688 صوتاً بحسب ارقام وزارة الداخلية، بينما فاقت أصوات رأس اللائحة إبراهيم كنعان أصوات المرشحين الموارنة والارثوذكس والكاثوليك، بنيله 49647 صوتاً. وتبقى أسماء المرشحين الموارنة البارزين للعام 2014 ، ابراهيم كنعان و سامي الجميل هي هي.

اما على مستوى الكاثوليك، فثمة مرشحان بارزان هما شربل نحاس وشارل جزرا المخضرم متنياً و عونياً. كما يأتي ترشيح ادي معلوف لينافس عونياً على المقعد نفسه. ويشير الخبراء الى أن لشربل نحاس القدرة والامكانية على الاستقطاب، وإن لم تظهر في الاستطلاعات بعد، نظراً لمواقفه وتجربته الوزارية وقربه من الناس ونبض الشارع. فيما تظهر الأرقام اليوم تقدّم النائب غسان مخيبر عند الأرثوذكس، متفوقاً على منافسيه، من الفريق نفسه او من الخصوم وبروز اسم انطوان نصرالله من المرشحين الحزبيين الذين اطلق عليهم تسمية "جيل عون " و الياس بو صعب من الحلفاء.