وصف دبلوماسي عربي المحادثات الايرانية السعودية بالتواصل الهادف إلى تنظيم الأزمة بين الدولتين وليس إلى حلها خصوصاً أنّ خطواتٍ غير متوقعة سبقت اللقاء وأدّت إلى عملية خلط أوراق سريعة نسفت كل الملفات التي كانت قد أدرجت على جدول الاعمال المُعَدّ أصلا على عجل لمواكبة التحولات الناشئة منذ إعلان دولة الخلافة وما رافقها من تداعيات ومجازر دفعت بالمجتمع الدولي إلى إدراجها على لائحة الارهاب واعلان الحرب عليها مع علمه اليقين بأنّ الواقع يستوجب أكثر من مجرد مواقف فضفاضة كما يحتاج إلى تحضيرات تشارك فيها دول العالمين العربي والاسلامي بصورة فعالة وليس انطلاقا من صراعاتها المذهبية والطائفية التي تحول دون توحيد الرؤية من سبل المواجهة. فالنتائج التي وصلت إليها الازمة اليمنية بين السلطات الرسمية والاخوان المسمين وفروع القاعدة الموالية للمملكة العربية السعودية من جهة، والمسلحين الحوثيين الموالين لايران من جهة ثانية لم تكن في الحسبان لا سيما لجهة سرعة عملية الحسم وما نجم عنها من انهيار للحكومة التي جاءت بعد مبادرة سعودية استأثرت من خلالها بحصة الاسد.

ويستند الدبلوماسي إلى قراءاتٍ حملتها التقارير الأخيرة الواردة إلى مراكز القرار ليعتبر أنّ تفجير الساحة اليمنية مع ما حمله هذا التفجير من تبدلات جذرية على متن خريطة التحالفات الخليجية واستمرارها جاء في لحظة سياسية اقليمية ودولية حساسة لم تغب عنها البصمات الايرانية بل على العكس تماما في مشهد يوحي بأنّ رد طهران على كل ما حصل في الاشهر الاخيرة الماضية بدءا من تحريك الخلايا الداعشية في العراق ومحاولة قلب الموازين في سوريا من قبل واشنطن قبل سواها لم يأت متأخرا، انما مدروسا في الشكل والمضمون والتوقيت لاسيما ان ​الاحداث اليمنية​ جرت على مقربة من الحدود السعودية الجنوبية ذات الاغلبية الشيعية المتعاطفة مع ايران، اضافة الى كونها تحمل رسائل نارية متعددة الاتجاهات مفادها ان اذرع ايران المنتشرة في الخليج قادرة على الحراك عند اللحظات السياسية الحاسمة، واكثر من ذلك فهي قادرة على خربطة اللعبة برمتها على غرار ما حصل في غزة وفي بعض المحافظات السورية فضلا عن لبنان وغالبية دول الخليج التي تضم مواطنين شيعة كالبحرين والكويت في مشهد يؤكد ان الكباش بين ايران والمملكة العربية السعودية لم ينته بعد، بل على العكس فإنّه ما زال في ذروته وهو قد يستمر طويلا بعد ان تحولت لعبة عض الاصابع بينهما الى لعبة اوزان واحجام وادوار في ظل فورة صناعية عسكرية ايرانية تضاهي باهميتها الكثير من المواقف الزنانة التي لا تبدل في الواقع.

بعيدا عن كل التحاليل التي تشير إلى أنّ ​إيران​ تسعى وتضغط باتجاه مشاركتها في الحرب الاميركية على الارهاب، يؤكد الدبلوماسي أنّ طهران لا تحبذ على الاطلاق فكرة مشاركتها كما أنها لم تعرض اي تنازلات جذرية في ما يخص ملفها النووي، بل على العكس تماما فهي تبدو اكثر تشددا من قبل، فهي الوحيدة من بين دول الخليج النفطي البعيدة نسبيا عن اخطار داعش، اكان من خلال الحزام الذي يشكله انصارها في العراق ام النتائج الذي حققها الحوثيون، او حتى من خلال دور حزب الله في القلمون وفي سوريا فضلا عن ان النظام السوري استعاد بنظرها المبادرة وبات قادرا على الاستمرار بحكم الواقع. بيد انه هو من يضع شروطه للمشاركة في حرب برية ضرورية ضد "داعش" وليس العكس، وذلك في مشهد يشير بوضوح الى ان ايران التي تحولت الى لاعب اقليمي ودولي بامتياز غير مستعجلة لتقديم اي تنازل طالما ان الخطر اقرب الى جيرانها من تشكيله حالة ضاغطة على حلفائها بما يعني انها تحارب خارج اراضيها وباذرعها المنتشرة في الدول العربية ما يعطيها نقاطا اضافية على حساب الدول الخليجية الدائرة في فلك واشنطن وتحالفها العريض لضرب الارهاب.