بعد تصفية المخطوف محمد حمية من قبل إرهابيي "​جبهة النصرة​" في جرود عرسال، إختلف الوضع الأمني في البقاع عما كان عليه قبل هذه الجريمة. نفد صبر العشائر، ووصلت الرسالة الى "حزب الله" و"حركة أمل" بوضوح تام، "لا مونة لكم علينا بعد اليوم". القضية لم تعد قضية عائلة حميّة حصراً. تحركت فعاليات كل العشائر البقاعية في إتجاه دارة المخطوف، وهناك كان تأكيد على وحدة الصف والموقف والتحرك، "المخطوفون أولادنا جميعاً، وكل شيء مسموح بعد اليوم لتحريرهم". اللافت في ثورة العشائر هذه، تخطيها كل الخلافات السابقة فيما بينها، حتى أن هناك في البقاع من يروي عن عشائر بينها وبين عشيرة آل حمية ثأر، تخطته، وكانت من بين الذين زاروا دارة الشهيد معربين عن تضامنهم التام مع ذويه ومعلنين مشاركتهم بأي تحرك إحتجاجي أو أمني حتى، إذا كان هذا التحرك يساعد القضية الكبرى، قضية مخطوفي الجيش وقوى الأمن الداخلي لدى "جبهة النصرة" وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش".

منذ جريمة محمد حمية، عمدت العشائر الى تسيير مواكب سيارة عدة في البقاع الشمالي قاصدة أحياناً الأوتوستراد من دون أن تقتصر جولاتها على الطرقات الفرعية فقط، وفي كل هذه الجولات السيارة، رفعت سلاحها عالياً، سلاح يبدأ عياره من المسدسات وبندقيات الكلاشنيكوف، وينتهي على الأقل في الظاهر، عند حدود قذائف الـ"أر بي جي".

لدى العشائر أكثر من سلاح للضغط على الخاطفين، و"في معركة كهذه، لن نوفر سلاحاً، والسكين على رقاب أولادنا. مخيمات اللاجئين السوريين التي لا ينفك الخاطفون عن المطالبة بعدم التعرض لها، أولاً، إعتداءات وتهجير الى مناطق أخرى، خصوصاً بعد تأكد الجميع في لبنان، دولة وأجهزة أمنية وعشائر، أنها تحوي المئات لا بل الآلاف من المسلحين الذين ينتمون الى تنظيمات إرهابية، وحادثة الثاني من آب في عرسال خير دليل على ذلك. ثانياً، أهل عرسال، الذين ليس لديهم من ممر الى بلدتهم إلا طريق اللبوة، هذا الطريق الذي قد نلجأ الى قطعه بين لحظة وأخرى، وإذا قررنا ذلك فما من أحد يستطيع أن يمنعنا من التنفيذ، وإذا تم اللجوء الى هذه الخطوة، لن نسمح بالمرور إلا لآليات الجيش اللبناني". وفي الجلسة مع فعاليات العشائر، يتردد أكثر من مرة التهديد التالي "إياكم إذا قطعنا طريق اللبوة أن تقولوا لنا هذه المرة فلتفتح الطريق أمام شاحنة مساعدات غذائية وإنسانية، لأن ما من منطق في العالم يقول إن الإرهابيين تسري عليهم المعاهدات الإنسانية ونحن على قناعة بأن بلدة عرسال لا تزال تحتضن حتى اللحظة الكثير من المسلحين الإرهابيين، ولا يقتصر الأمر فقط على تمركزهم في جرودها".

ذروة غضب العشائر البقاعية، تخرج الى العلن عند الحديث عن تهديد "النصرة" أو "داعش" بتصفية عسكري آخر، عندها، تسمع من يهمس، "لقد خطفنا من أبناء عرسال، ومن السهل جداً أن نخطف سوريين، ولكن هذه المرة إذا قتلوا أحد العسكريين، فلن يكون من السهل أبداً ضبط الوضع، ومنع وقوع أي جريمة ثأر".

إذاً البقاع يعيش على فوهة بركان، ولن يهدأ شارع العشائر إلا بعد إطلاق سراح ولو عسكري واحد، أو في حال لجأت الدولة الى إتخاذ أي إجراء بحق محكوم إسلامي، إجراء قد يفش خلق أهالي العسكريين المخطوفين حتى لو أنه لن يعيد لهم أولادهم.