أوضح الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، في كلمة له تناول فيها الأوضاع في لبنان والمنطقة، أنه "في قضية العسكريين الرهائن من قبل الجماعات المسلحة في جرود عرسال، نحن نتجنب اتخاذ المواقف في هذا النوع من القضايا، لأن الفريق الآخر له طريقته وحساباته. ونكون حذيرين كما فعلنا في قضية مخطوفي أعزاز"، مستطردا "ليس المهم ما نقوله بل ان يتم اطلاق سراح هؤلاء العسكريين. كنا دائما نفضل ان نناقش الأمور بعيدا عن وسائل الاعلام لكن لخطورة هذه القضية وأهميتها قررنا التطرق لها".

وتوجه في بداية كلمته، "بأحر آيات العزاء لعوائل شهداء الجيش الذي قتلهم الارهابيون ونقدر مواقف عائلاتهم الوطنية. ونتمنى أن يرقى السياسيون إلى مستوى هذه العائلات"، مشيرا الى أنه "نقف بكل صدق إلى جانب عائلات العسكريين الرهائن، نعيش ونفهم هذه المشاعر الخاصة ونحن أكثر من نعلم هذه المشاعر، وهذه المعاناة نحن جزء منها ونحيي تضحيات الجيش اللبناني والقوى الأمنية".

وتابع "الكل يعلم ان الجماعات الارهابية المسلحة قامت بالاعتداء على الجيش بحجة توقيف عماد جمعة، ما أدى في هذا العدوان الواسع الذي لم يكن ابن ساعته إلى استشهاد العديد من الضباط والجنود وأسر العديد منهم. وبنتيجة المواجهة بقي عدد كبير من العسكريين رهائن لدى هذه الجماعات وأصبح لبنان أمام قضية انسانية وطنية وأخلاقية لا تخص منطقة أو حزب أو طائفة، فهذه القضية هي قضية اللبنانيين جميعا وتعني الجميع".

ورأى أنه "منذ البداية كان من الواجب ان تتعامل القوى السياسية كلها كما الناس والاعلام، مع هذه القضية بمستوى القضية الوطنية الأخلاقية والانسانية، وكان يجب أن يكون هدف الجميع استعادة العسكريين إلى أهلهم بأسرع وقت. هذا الهدف سيبقى هدفنا إلى ان ينجز"، معربا عن أسفه، إذ إن "بعضهم حول هذه القضية إلى مادة للسجال وتوجيه الاتهامات الكاذبة واثارة النعرات الطائفية وقلب الحقائق والتزوير والكذب ورفع مطالب هي أكبر من مطالب الخاطفين أنفسهم".

وإعتبر أن "ما حصل خلال الأسابيع الماضية مؤلم ومحزن جدا ويدل على مستوى التعاطي مع قضية من هذا النوع، هذه القضية هي بالدرجة الأولى مسؤولية الحكومة وعلى الجميع ان يساند الحكومة في مواجهة هذه القضية. ومن الطبيعي في قضية من هذا النوع ان الجهة المعنية تقوم بالتفاوض، ونحن فاوضنا في مناسبات عدة لاستعادة أسرانا، لذلك نحن لم نرفض على الاطلاق مبدأ التفاوض"، مشيرا الى أن "من حق السلطة السياسية أن تفاوض، ونطالب منذ اليوم الأول ان يكون التفاوض من موقع قوة، لا أحد يتوسل ويقدم نفسه للخاطفين، ان لا حول له ولا قوة. ففي العالم من يريد ان يفاوض يفتش عن نقاط القوة ويضعها على الطاولة، والحكومة اللبنانية تعرف ما هي نقاط القوة الموجودة لديها، ويجب المفاوضة من موقع القوة وليس من موقع التوسل".

ورأى السيد نصرالله، أنه "إذا أردنا أن يعود العسكريون بصحة يجب ان نفاوض بقوة، التفاوض من موقع ضعيف سيؤدي إلى كارثة. أي سلطة تفاوض وأي جهة تفاوض لا أحد من الفريقين يعلن بالملأ ماذا يقبل وماذا يرفض".

وإعتبر أن "لبنان يعيش اذلالا حقيقيا منذ أسابيع بسبب الأداء السياسي للعديد من القوى السياسية. فالجهة المفاوضة هي التي تبلغ الرسائل وهي التي تتصرف وتفاوض. استمرار المزايدات لن يؤدي إلى حل للقضية"، مواصلا، "لم نقل أن باب التفاوض مغلق، تكلمنا مع المسؤولين ومع المعنيين وقلنا ان موقفنا هو أن الجهة المفاوضة تأتي بمطالب الخاطفين وتدرس هذه المطالب وتناقشها، ومن خلال قنوات التفاوض تعرض الأمور على النقاش وهناك آليت لاتخاذ القرار".

وزاد في هذا الإطار، "الحكومة تريد ان تضمن توقف القتل ومن حق الحكومة اللبناني ان تقول انها لا تفاوض تحت القتل والذبح. إذا عادت الحكومة إلى التفاوض وهذا من الطبيعي ان يحصل، يجب الاستماع إلى المطالب والتفاوض. أما الخضوع الى التهديد فهذا أمر لا يمكن لدولة او حكومة أو جيش أو شعب ان يقبل به. ففي كل العالم أيضا لا أحد يتعاطى مع قضية من هذا النوع بخيار واحد، بل يجب وضد خيارات عدة وسيناريوهات أخرى، وهذا لا يناقش في وسائل الاعلام. لذلك أمام هذا العنوان نتمنى من أجل الجيش والبلد والشعب ان نبقي هذه القضية خارج المزايدات وتصفية الحسابات".

وأردف السيد نصرالله، "بعد حادثة تفجير الرويس التي أدت الى سقوط عشرات الجرحى، خاطبنا كل اللبنانيين بأن لا يمس أي نازح سوري وان لا يحمّل أحد جرائم الارهابيين والتكفيريين وقلنا هذا الكلام مرارا. لا يجوز المس بأي بريء من النازحين أو غيرهم ولا يجوز ان يحمل أحد مسؤولية جرائم هؤلاء الارهابيين". وأشار الى أنه "بعد أحداث الذبح التي حصلت بذلنا جهودا لحماية النازحين وابعاد الخطر عنهم، نحن نحمي النازحين وندافع عنهم ونعمل على تهدئة النفوس".

وأوضح أن "مسألة الخطف المضاد، أمر غير جائز لا شرعا ولا قانونا وهو غير مجد، لأن الجماعات المسلحة لا تأبه. الخطف المضاد لا يوصل إلى اي مكان بل أسوأ من ذلك يحقق أهداف الجماعات المسلحة التي تعمد الخطاب المذهبي التكفيري والتحريضي. هم يريدون خلق الفتنة في لبنان ونقل الارهاب إليه".

ولفت الى أنه "منذ دخولنا إلى القصير دعونا إلى تجنيب لبنان الفتنة ودعونا إلى إبقاء المعركة على الاراضي السورية في حين أن الجماعات الارهابية أرادت نقل الفتنة إلى الاراضي اللبنانية.

وتابع "لبنان حقيقة أمام تحدي حقيقي والمطلوب ضبط المشاعر والعواطف وعدم المس بالأبرياء والحفاظ على النسيج الوطني والاجتماعي".

وأوضح في الموقف من التحالف الدولي لمواجهة "داعش"، أنه "أولا الجميع يعلم اننا ضد "داعش" وضد هذه الاتجاهات التكفيرية ونقاتلها ونقدم التضحيات في هذه القتالات، والجماعات التي تقتل وتذبح تشكل تهديدا لكل سكان وشعوب هذه المنطقة. موقفنا حاسم من هذه الجماعات ونؤكد وجوب التصدي لها. اما موقفنا من التحالف الدولي بقيادة أميركا فهو أمر آخر لا علاقة له بموقفنا من "داعش". نحن بالمبدأ ضد تحالف دولي في سوريا أكان المستهدف النظام السوري أو "داعش" أو غير "داعش"، لدينا موقفا مبدئيا لا يتغير من ساحة وساحة أخرى ولا نوافق على ان يكون لبنان جزءا من التحالف الدولي".

وزاد "أميركا بنظرنا هي أم الارهاب وأصل الارهاب في هذا العالم، وهي الداعم المطلق لدولة الارهاب الصهيونية. أميركا صنعت أو شاركت في صنع الجماعات الارهابية وهي ليست في موقع أخلاقي يؤهلها لقيادة تحالف على الارهاب. الادارة الاميركية غير مؤهلة أخلاقيا على ان تقدم نفسها على انها قائد لتحالف دولي ضد الارهاب. أغلب المصالح الأميركية هي على حساب مصالح المنطقة، نحن غير معنيين ان نقاتل في تحالف دولي من هذا النوع".

وأشار الى أن "من حق كل شعوب المنطقة ان يشككوا في نوايا أميركا من هذا التحالف الدولي، هذه فرصة أو ذريعة لتعيد اميركا احتلال المنطقة من جديد"، معيدا الى الأذهان أنه "في بدايات حرب تموز عرض علينا تسليم سلاح المقاومة وقبول وجود أو مجيء قوات متعددة الجنسيات تتواجد في الجنوب على الحدود وفي المطار وعلى الاراضي اللبنانية وهذا ما رفضناه وأسقطناء بالدماء والشهداء".

وسأل "أليس من حق اللبنانيين أن يشككوا من اليقظة الأميركية؟ نحن لا نؤيد ونرفض ان يكون لبنان جزءا من التحالف الدولي وليس من مصلحته أن يكون جزءا من هذا التحالف وهناك مخاطر عليه في حال انضم إلى هذا التحالف".

ورأى السيد نصرالله، أننا "قادرون رغم الانقسام السياسي والتجاذبات أن نواجه الارهاب من خلال جيشنا وشعبنا وصمودنا".

وأوضح أنه "على الدول المشاركة في التحالف الدولي أولا وقف تمويل وتدريب الجماعات الارهابية، تسليح الجيش اللبناني وحل مشكلة النازحين السوريين ومن يريد مساعدة لبنان ليساعده في هذه الأمور الثلاث".

وأكد أن "اللبنانيين قادرين على مواجهة أي خطر ارهابي يستفزهم، كل المناطق اللبنانية يجب ان تحمى في مواجهة أي خطر ارهابي، كل اللبنانيين مسؤولين ان يكونوا يدا واحدة لمنع تمدد أي ارهاب لأي منطقة من المناطق اللبنانية. اللبنانيون يستطيعون ان يدفعوا خطر الارهاب عن بلادهم لأننا ما زلنا على قيد الحياة ولا يمكن لأحد ان يفرض علينا تهويلا من هذا النوع"، داعيا إلى "الانتباه واليقظة ومتابعة الأحداث والانتباه".

وفي سياق آخر، بارك السيد نصرالله للشعب الفلسطيني بـ"الانتصار الكبير الذي تحقق، هو انتصار سياسي كبير لأنه عطل كل أهداف اسرائيل المعلنة وغير المعلنة".

ومن جهة أخرى، أوضح أنه "أمام تطورات اليمن، نبارك لليمن المصالحة التي حصلت والتي تشكل فرصة تاريخية لاخراج اليمن من مشاكله المعقدة ونحن نسعد عندما يصل أي شعب إلى حل سياسي".

وذكر بالخير الشعب البحريرني "الذي يواصل حراكه السلمي على أمل ان يصل إلى تحقيق أهدافه وان تساعد التطورات الإقليمية الشعب على تحقيق أهدافه"، لافتا الى أنه "نحن كجزء من هذه الأمة نتطلع ان تتمكن شعوبنا من تخطي مآسيها وآلامها وان تحول التهديدات إلى فرص". وأشار الى أن "المنطقة أمام تهديد كبير يمكن تحويله إلى فرصة".