أشار رئيس الحكومة ​تمام سلام​ في حديث لصحيفة "النهار" الى ان "أولويات لبنان هي المحافظة على الوحدة الوطنية وتلاقي القوى السياسية على الحد الأدنى من التفاهم لانتخاب رئيس جديد للجمهورية"، لافتاً الى ان "المؤسسات الديمقراطية مثل مؤسسة لبنان بحاجة الى رأس لتبقى وتستمر، هذا الرأس، مع الأسف، غائب اليوم، وندفع ثمناً سلبياً كبيراً من جراء ذلك"، مضيفاً "توصلوا الى صيغة مقبولة في تشكيل الحكومة الإئتلافية. تنازل هذا الفريق وذاك عن مطالب تعجيزية كانت تعيق هذا التأليف" ما نطالب به اليوم هو أن يذهب هذا التعاون بين القوى السياسية الى اتفاق والى انتخاب رئيس جديد"، موضحاً ان "هناك سوابق تمت على مستوى انتخابات رئاسة الجمهورية في لبنان، وأكثرها حصل في ظل أزمات، وصدام، وعجز في مواجهة هذا الاستحقاق، وتطلب ذلك دعماً ومؤازرة ويداً ممدودة من الخارج، لبنان بلد صغير يتأثر بمحيطه وبعلاقاته الخارجية"، مضيفاً "سوريا لها حلفاء وقوى سياسية في لبنان لم تتنازل عن علاقتها بها. هذا الأمر ليس خافياً على أحد، وهو جزء من الحياة السياسية اللبنانية، وليس عندي امكان لمقابلة وزير الخارجية السوري أو المعارضة السورية. نحن في حكومتنا اتخذنا قراراً واضحاً في البيان الوزاري يتمثل بالنأي بالنفس عن أحداث سوريا وما يدور في سوريا".

وأضاف سلام "طلبت من كل المسؤولين الذين التقيتهم أن يدعموا انجاز انتخاب رئيس للجمهورية، وقلت للرئيس الايراني حسن روحاني إنكم ساهمتم وساعدتم في تأليف الحكومة، على المنوال ذاته، يجب أن تساعدونا في انتخاب رئيس للجمهورية، وعليهم أن يدركوا ما عليهم القيام به"، معرباً عن "اعتقاده أن "جو اللقاء والحديث كان ايجابياً وبناء."

وإعتبر ان "موضوع العسكريين دقيق وحساس جداً، ويتطلب عناية وشفافية ووضوحاً"، مضيفاً "قلت من البداية إن لا عصا سحرية لدي، مررنا بتجارب حصل فيها خطف للبنانيين، وساعدتنا قطر وتركيا في ذلك، وتمكنا من انجاز تحرير هؤلاء"، أملاً في أن "نتمكن اليوم أيضاً، بمساعدة قطرية وتركية، من أن نواجه هذه الحال ونجد مخارج لها. لن نوفر وسيلة لمحاولة استعادة هؤلاء العسكريين، التفاوض مفتوح".

ولفت الى إنه "إذا كانت هناك فرصة كي ينجح التفاوض، على الخاطفين أن يتوقفوا عن القتل"، مضيفاً "لو كنا سنهادن، لما قام الجيش اللبناني بما قام به من استعادة مراكزه ومواجهة هؤلاء الإرهابيين على الأرض، وصون أرضنا وحدودنا بقدر ما تسمح امكاناته، كنا تراجعنا وانكفأنا، ونحن في مواجهة، وفي الوقت ذاته نحن في مفاوضة، الموضوع دقيق وحساس والخوض فيه كثيراً كما تحاول جهات عديدة لا يؤتي نتائج وثمرات طيبة".

واوضح اننا "لم نحصل على وعد بالحصول على اسلحة بدأنا بتلقي مساعدات عسكرية مباشرة، اميركا أرسلت قبل ثلاثة أسابيع الدفعة الأولى من الصواريخ الفاعلة والأعتدة والأسلحة، وفي ظل الدعم المالي غير المسبوق الذي أتى من السعودية، نحن نعمل على ابرام عقود لشراء المزيد من الأسلحة للجيش اللبناني"، مضيفاً "نحن منفتحون على كل الجهات التي لديها معلومات استخبارية تساعدنا على استباق الأحداث أو على تطويقها، أجهزتنا اللبنانية فاعلة جداً وتمكنت خلال السنتين الماضيتين من احباط ووقف تعديات وتفجيرات ارهابية كانت تستهدف لبنان بصورة مباشرة".

وقال: "ليست لدينا قدرات للإشتراك بعمليات هجومية على هؤلاء الإرهابيين الآتين من خارج لبنان كما عند غيرنا"، مضيفاً "التحالف الدولي يضربهم من دون أن نطلب منه، نحن نخشى أن ضرب هذه الجماعات بالشكل الذي يتم أن يؤثر علينا سلباً، أي في أن يرتد علينا بعض تلك الجماعات. في ما يخصنا نحن، سنقوم وبالتعاون مع كل الدول للدفاع عن أرضنا، وكل من يضرب الإرهاب أينما كان يصب ايجاباً في وضعنا"، معتبراً ان "كل ما يعزز سياسة النأي بالنفس يفيدنا وله مردود ايجابي على لبنان."

وراى ان "لكل من القوى السياسية في لبنان مقاربته الموضوع. الدخول الى سوريا، وعلينا أن نستعين بما يصب في اطار التوافق، وكل ما هو خارج هذا التوافق ولا يساهم فيه، نتحمله ولكن ليس لدينا دائماً خيار فيه.

كما وأضاف سلام "حتى لو لم تكن هناك أجواء عنف وأجواء تطرف وارهاب. إن مجرد دخول لاجئين الى أي بلد من بلد آخر بهذا الحجم الذي يحصل، أي أن ثلث سكان لبنان صاروا من النازحين، بحد ذاته له أبعاده الإجتماعية والإنسانية والحياتية والسياسية والأمنية، هل يسهل الحديث عن مليون و300 ألف نازح في وسط شعب من اربعة ملايين نسمة؟، لو افترضنا أن هناك هدنة في المنطقة، هذا الوجود يشكل ثقلاً كبيراً وله تداعياته السلبية، من هنا كان توجهنا ولا يزال الى دول العالم بأن نطالبهم بأن يدعموا المجتمع الحاضن، أن يدعموا اللبنانيين بقدر ما يدعمون النازحين"، مشيراً الى ان "هناك نازحون يأتون من شمال سوريا وشرقها وجنوبها الى لبنان عوض الذهاب الى بلدان أقرب مثل تركيا والأردن، يأتون الى لبنان لأنهم ينعمون أولاً بضيافة لبنانية مميزة وثانياً بدعم مالي يأتيهم من المنظمات الدولية، يأتون الى لبنان ليتقاسموا معنا مدارسنا ومستشفياتنا وطرقاتنا ومياهنا وكهرباءنا وفي كل ما يساعدهم على حياة انتاجية، وبعضهم ذهب الى العمل في لبنان ومزاحمة اللبنانيين في قطاعات عمل معينة"، مشيراً الى ان "موضوع اقامة المخيمات خلافي في لبنان. إن نسبة 85 في المئة من النازحين يقيمون في البيوت والأحياء والمدن والقرى، هناك 15 في المئة فقط يقيمون في مخيمات عشوائية لا تحصل على الحد الأدنى مما يجب أن يحصل عليه أي مخيم لائق".

وشدد على ان "التخوف من مواجهة طائفية ومذهبية في لبنان أمر موجود دائماً ومررنا فيه وعانيناه بأشكال مختلفة، وهو ما يسعى عدونا اليوم الى استثماره والضرب على وتيرته"، مضيفاً "ليست عندي في هذه المرحلة أي بشرى تطمئن الشعب اللبناني الى أنه هو بمنأى عن تداعيات ما يحصل في المنطقة، نحاول من مواقعنا المسؤولة أن نقوم بكل مستلزمات هذه المواجهة، وأبرزها وحدتنا الوطنية الداخلية، إذا كان علي أن أبشر بشيء فهو أن أطالب جميع اللبنانيين أن يدركوا، وكل القوى السياسية في المقدمة، أن وحدتنا الداخلية وتذليل الخلافات بين بعضنا البعض والذهاب الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتفعيل مؤسساتنا الديموقراطية هو المدخل لمواجهة هذه الحال الصعبة."

وشدد على ان "لبنان في خطر وسيبقى في خطر ما دامت المنطقة مؤججة ومستعرة والعاصفة ضاربة بهذا الشكل".