مقايضتان أساسيتان مرّرتا «صفقة» سلسلة الرتب والرواتب، التي أدرجت بنداً أول على جدول أعمال الجلسة التشريعية يوم غد الأربعاء. مقايضتان فسّرتا سبب عدم إقرار المشروع (نفسه) في المجلس النيابي في حزيران الماضي.

المقايضة الأولى تتمثل بإصدار قانون لتسوية التعديات على الأملاك البحرية، أو بمعنى آخر تشريع احتلال هذه الأملاك، إذ سيسير اقتراح قانون «معجل مكرر» قدمه النائب جورج عدوان، أمس، بشكل مواز مع السلسلة، على أن تفرض في مرحلة أولى غرامة تساوي ثلاثة أضعاف الرسم الذي يدفعه صاحب الترخيص عن كل فترة التعدي على الملك العام حتى عام 1994. يعني ذلك أن التسوية لن تشمل كل التعديات والمخالفات بعد هذا العام، إلاّ إذا كانت تتطابق مع شروط القانون والمراسيم. وعند إجراء التسوية، تحسم الغرامات لكل من يستحق التسوية. وليس مفهوماً ماذا سيحل بغير المستحقين وما إذا ستتم إزالة تعدّياتهم أو لا.

أما المقايضة الثانية، فكانت الاتفاق على إمرار مشروع قانون فتح اعتماد استثنائي لتسديد الرواتب في الشهرين الأخيرين من هذا العام، حيث تم التراجع عن كل الشروط لإمرار مثل هذا القانون، على أن تتعهد وزارة المال بإنجاز الحسابات النهائية للدولة عن السنوات السابقة في مهلة أقصاها 15 تشرين الأول المقبل، تمهيداً لإرسال مشاريع قطع الحسابات إلى مجلس النواب وديوان المحاسبة. يلي ذلك إرسال مشروع قانون الموازنة العامة وإقرارها بعد إقرار قطوع الحسابات السابقة. وتقضي التسوية بأن تبقى رقابة ديوان المحاسبة المؤخرة على قطع الحسابات.

ويقول عدوان لـ«الأخبار» إنّ الصيغة التي تم التوصل إليها أنجزت بالتوافق بين رئيس مجلس النواب نبيه بري وكتلة المستقبل النيابية والقوات اللبنانية، وبقيت هناك ملاحظات لدى الكتل النيابية الأخرى ستناقش قبل الجلسة التشريعية أو خلالها. وتستمر الاتصالات واللقاءات، اليوم، لضمان أكبر تأييد من جميع الأفرقاء السياسيين للصيغة.

كلفة السلسلة ارتفعت من 1807 مليارات ليرة، كما حددتها اللجنة النيابية الفرعية الثانية برئاسة عدوان، إلى 1940 مليار ليرة لبنانية. شملت الكلفة الإضافية الدرجات الست للمعلمين والموظفين الإداريين وبعض التعديلات على سلاسل العسكريين، مع خفض أرقامها 10%.

يؤكّد عدوان أن التمويل بات متاحاً مهما بلغت الكلفة، إذ يشرح أنّ زيادة الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 1% سوف تجمع 300 مليار ليرة، فيما ستوفر كل من زيادة الضريبة على ربح الفوائد من 5 إلى 7 %، وإعادة النظر بطريقة احتساب الضريبة على أرباح المصارف 410 مليارات ليرة، وكذلك تأمين 250 مليار ليرة من فرض ضريبة التحسين العقاري، على أن يعود فرض الغرامات على التعديات على الأملاك البحرية بـ 75 مليار ليرة، وبذلك يكون المجموع من أربعة مصادر ضريبية نحو 1035 ملياراً، يضاف إليها الإجراءات التي أقرت في الجلسة التشريعية الماضية. وبما أن الدولة اللبنانية تدفع غلاء المعيشة بقيمة 850 مليار ليرة منذ عامين، فهذا يعني، بحسب نواب، أن المطلوب تأمين 1100 مليار ليرة تقريباً، مقسطة على سنتين، أي بمعدل 550 مليار ليرة في السنة الواحدة.

وفي بند الإجراءات «الإصلاحية»، توافقت القوى السياسية على تعديل دوام الموظفين لينتهي عند الثالثة والنصف من بعد ظهر الاثنين حتى الخميس، وعند الحادية عشرة يوم الجمعة، مع يومي عطلة: السبت والأحد. ولا يبدو أنّ هناك اتجاهاً لتوحيد الصناديق الضامنة وهو إجراء ورد على شكل مادة قانونية ملتبسة في النسخة الأخيرة للسلسلة.

النقطة الأبرز في هذه «الإصلاحات» كانت التوافق على وقف التوظيف لمدة سنتين، حيث سيتضمن القانون الجديد مادة تنص على إجراء مسح للإدارات العامة لتحديد عدد الوظائف المشغولة والشاغرة والحاجات الحقيقية. وخلال هذه الفترة، تمنع كل أشكال التوظيف بالملاك والتعاقد والمياومة!

أمّا في مجال السلسلة نفسها، فقد قضت «الصفقة» بتجاهل مطالب القطاعات الوظيفية، واعتماد تصحيح ناقص للرواتب، وهو ما تبيّنه الجداول المرفقة مع مشروع قانون السلسلة، أما الفئات الوظيفية الدنيا فشكت من أن الزيادة هزيلة ولا تتناسب مع مؤشر غلاء المعيشة الذي تجاوز 130% منذ عام 1996.