رغم الشعور بعدم التقدم في ملف العسكريين المختطفين بيد تنظيمي جبهة "النصرة" و"داعش" الارهابيين، بدأت جهود اللواء عباس ابراهيم التي يبذلها بتكليف من الحكومة اللبنانية تثمر في كسر تعنت القيمين على الخاطفين. اذ تشير المعلومات الى ان الوسيط القطري التقى ممثلي "النصرة" و"داعش" خلال عطلة نهاية الاسبوع في جرود عرسال وتوصل معهم الى تخفيف الشروط ولا سيما الاسماء التي يطلبونها ومن غير المحكومين والمطلوبين في قضايا ارهابية. هذه الجهود التي تبشر ببداية تفاوض بين الخاطفين والحكومة اللبنانية عبر الوسيط القطري مع اقترانها بتوقف الخاطفين عن قتل الرهائن العسكريين، لا تزال تحت المجهر الحكومي ولا سيما وزراء قوى 8 آذار واحزابها. وامس قارب ممثلو احزاب 8 آذار على طاولة إجتماعهم التنسيقي الدوري ملف العسكريين وتداولوا في آخر المستجدات. وكان الرأي متفقاً على عدم الخوض في تطورات الملف اعلامياً وترك الامر للسلطة السياسية واللجنة الوزارية المولجة المتابعة.

في المقابل يشير قيادي بارز في "حزب الله" الى ان الكلام الذي عبر عنه السيد حسن نصرالله في إطلالته المتلفزة اخيراً وفي موضوع العسكريين، كان يعرف انه ليس "مربحاً" او شعبوياً، وسيكون مكلفاً سياسياً لان الاهالي تحت الضغط وحريصون على ارواح ابنائهم ولا يمكنهم القبول بمزيد من القتل والذبح. لكنه اصر على مخاطبته اهالي العسكريين والرأي العام من منطلق الحرص على حل القضية بأسرع وقت ممكن ومن دون إراقة قطرة دم واحدة. وهو دعا الى تفاوض الحكومة مع الارهابيين بالآلية التي تراها مناسبة اكانت مباشرة او غير مباشرة بوسيط او من دونه لكن مع احترام سيادة الدولة ومصداقيتها وكرامة اللبنانيين وحفظ هيبة وكرامة المؤسسات الامنية والعسكرية.

رد السيد نصرالله على كل الاتهامات والتحريض الطائفي والمذهبي ضد "حزب الله" بعرقلة جهود الافراج عن المختطفين وتعريض حياتهم للخطر، لم يأت فقط من باب رد الاتهامات عن الحزب بل لاغلاق الابواب على الفتنة والتحريض وحرف مسار القضية التي كان يفترض ان تدار بسرية وان تعالج وراء الابواب المغلقة منعاً للاستثمار السياسي والطائفي واستغلال مشاعر الغضب والحزن والتأثر ومصاب الاهالي ومحاكاة غرائزهم وانفعالاتهم للقيام بفعل وردات فعل.

ويبدي القيادي استعداد الحزب للمساعدة في قضية المخطوفين اذا طلبت منه الحكومة ذلك على اعتبار انه كانت للحزب تجربة مع تنظيم جبهة "النصرة" خلال معارك القلمون. اذ سقط للحزب اربعة شهداء في إحدى المعارك وفقدت جثامينهم بينما سقط العشرات للتنظيم وتركت جثثهم في ارض المعركة وتمكنت قوات الجيش السوري من اسر بعض العناصر من ارهابيي النصرة. وخلال التحقيق معهم اعترف احدهم بمكان دفن جثث مقاتلي الحزب وبعد الكشف عليه وجدت جثة واحدة. بينما لم يكترث عناصر "النصرة" لاستعادة جثث مقاتليهم وانتهت المفاوضات عند استعادة جثامين الشهداء الذين يسقطون ويسلمون الى ذويهم لدفنهم.

ويوضح القيادي ان الجيش السوري يحتفظ بعشرات الاسرى من التنظيمات الارهابية بينما يأسر له الارهابيون عشرات الجنود ايضاً ويمكن مبادلتهم والتفاوض حولهم.

التبدلات المناخية في جرود عرسال والقلمون واقتراب الثلوج والامطار، ستدفع بالارهابيين حكماً الى التفتيش عن ممرات لتأمين الغذاء والدواء والمؤن ووسائل التدفئة بينما تشير مصادر في الجيش السوري الى تقدم ميداني واسع في هذه الجرود اذ صد الجيش السوري اخيراً هجوماً واسعاً للمسلحين في عسال الورد وفليطا ومنيوا بفشل ذريع وتكبدوا خسائر فادحة في الاوراح والعتاد.

وعلى صعيد المصالحات التي يقوم بها الجيش السوري في ريف دمشق وجرت مسبقاً في حمص يحاول تكريسها مع مسلحي جرود عرسال والقلمون لتجنب نزيف المزيد من الارواح اذ لم تعد الامور في صالح المسلحين وباتوا بين فكي الجيشين السوري واللبناني من الجهتين المتقابلتين من الحدود المشتركة. بينما يحمي "حزب الله" بعض القرى الحدودية اللبنانية من اي تقدم للمسلحين تجاهها او احتلالها. وحتى اللحظة لم تنجح المفاوضات بين الجيش السوري ومسلحي النصرة بإقناعهم بالانسحاب من هذه الجرود وتوفير ممر آمن لهم، اذ يطالبون بالانسحاب مع كامل عديدهم وعتادهم الكامل ومع الاسلحة الثقيلة الى مناطق في شمال سورية بينما يصر الجيش السوري على تخليهم عن السلاح.

العوامل المناخية والعسكرية غير المساعدة لخاطفي العسكريين ومجموعاتهم التكفيرية الارهابية يفترض ان يقابلها مزيد من الحراك السياسي للحكومة للوصول الى حلول سريعة لقضية العسكريين وتسمح بإعادة الاهالي من الشارع وتعيد الاعتبار لكل قطرة دم لبنانية سقطت في مواجهة الارهاب التكفيرية فإما ان تكون الحرية للاسرى وإما المواجهة الحاسمة.