لا شك أنَّ رئيس الحكومة تمام سلام، وهو جالسٌ في مقرِّ إقامته في فندق وولدورف أستوريا في نيويورك، نظر من النافذة ليلاً إلى نيويورك وهي تتلألأ بالأنوار، حتى المكاتب من مبانيها والتي لا تعمل ليلاً تبقى أضواؤها مشتعلة، ولا شك أنَّه سأل عن السبب فقيل له إنَّ الكهرباء عاملٌ من عوامل تشجيع السياحة، فهل أروع من منظر نيويورك ليلاً وهي تبدو كمدينةٍ ساطعة بأبراجها وشوارعها وكلِّ شيءٍ فيها؟

***

ولا شك أنَّه حين عاد إلى بيروت وشاهد العاصمة من فوق، لم يرَ أنوارها تتلألأ، فلا عندنا فائض كهرباء، والسائح لا يهتمُّ فينا هذه الأيام، فهل ينسى عز نيويورك ويعود إلى أرض الواقع في بيروت ليعرف في أيِّ حالٍ نحن؟

***

ولا شك أنَّ الرئيس سلام التقى بلبنانيين يعيشون في بلاد الإغتراب، ولا سيَّما تلك البلاد المتقدِّمة عنا بكثيرٍ من المجالات، ولا شك أنَّه سألهم عن أوضاعهم وكانت أجوبتهم أنَّ البنى التحتية في البلدان التي يعيشون فيها متقدِّمة بأشواط عما هي عليه في لبنان.

لا شك أنَّهم أخبروه أنَّ الكثير من البلدان المتقدِّمة يتزوَّدون بالكهرباء التي يتم توليدها من الرياح، بواسطة التوربينات، وهي إحدى أسهل مصادر الطاقة وأقلها كلفةً، ففي الدنمرك مثلاً بات الإعتماد على الكهرباء من الرياح بنسبة عشرين في المئة، وفي اسبانيا عشرة في المئة والنسبة ذاتها في المانيا.

هذا في أوروبا فماذا عن الولايات المتحدة الأميركية؟

في تكساس مثلاً يتمُّ تزويد 700 ألف منزل بالطاقة الكهربائية بواسطة الرياح.

***

لا شك في أنَّ مثل هذه المعلومات تُطرِب أذنَيْ الرئيس تمام سلام، ولكن ماذا بعد ذلك؟

لماذا لا يتمُّ إستيراد الأفكار والمقترحات من الدول التي سبقتنا في التقدُّم؟

هل لأنَّ استيراد الأفكار لا تُدفَع عليه عمولة كاستيراد الفيول والمازوت؟

ألا نستورد في لبنان إلا ما هو ملازِم للعمولة؟

***

دولة الرئيس، نعرف أنَّك كما كل الرؤساء السابقين، وكما كل مسؤول، تريد أن تترك إنجازاً خلفك، حتى الآن لا إنجاز يُسجَّل لك:

وَعَدْتَ بوضع قانونٍ جديدٍ للإنتخابات فلم تفِ بوعدك.

وَعَدْتَ بإجراء الإنتخابات النيابية، فيبدو أنَّك ستشرِف على عملية التمديد.

وَعَدْتَ ببذل كلِّ الجهود لإجراء الإنتخابات الرئاسية، فكنتَ في صفِّ عدم القادرين على إجرائها.

ضَع وعداً بالإمكان تحقيقه ويُسجَّل لك على أنَّه من إنجازاتك ومما تركته من أثرٍ يعتدُّ به أهلُ بيتك وناخبوك وأهل وطنك.

عليك بطاقة الرياح دولة الرئيس، ضَعها على جدول أعمال مجلس الوزراء، لنكن ولمرَّةٍ واحدةٍ حضاريين في طرح الأمور وأن لا تقتصر البنود على قضايا ثانوية.

قد لا يبدأ العمل بطاقة الرياح قريباً، ولكن لا بأس من وضع المدماك الأول أو إضاءة الشمعة الأولى بدلاً من لعن الظلام والفيول والمازوت.

لما لا تُقدِم دولة الرئيس، وتسجِّل ولو لمرةٍ واحدة إنجازاً بإسمك.