تسبّبت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها سكان قطاع غزة، بتراجع كبير في موسم الأضاحي لهذا العام، خصوصاً أنّ ​عيد الأضحى​ المبارك سيحلّ بعد عدوان إسرائيلي همجي دمّر عشرات آلاف المنازل والقطاعات التجارية والصناعية والزراعية وغيرها، ما دفع الكثير من المواطنين للإحجام عن شراء الأضاحي، إلى جانب ما تكبّده القطاع الزراعي والحيواني من خسائر فادحة، واستمرار أزمة انقطاع التيار الكهربائي عن مناطق قطاع غزة المحاصر.

ويشهد إقبال المواطنين في غزة على شراء الأضاحي هذا العام انخفاضاً ملحوظاً مقارنة بالأعوام السابقة، رغم انخفاض أسعارها نتيجة للحصار والأوضاع والأزمات التي خلفها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

نعيش بألم وحسرة..

ويقول المواطن حمدان رضوان إنه لن يتمكن هذا العام من أداء سنة الأضحية بعد أن دمرت قوات الاحتلال الاسرائيلي منزله في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، والمصنع الذي كان يعمل به أيضاً والذي يُعد مصدر دخله الرئيسي، إذ فقد كل ما يملك في حياته هو وأسرته المكونة من ستة عشرة فرداً.

وفي حديث لـ"النشرة"، يقول رضوان: "كنا ننتظر قدوم عيد الأضحى بفارغ الصبر، حتى نُضحي كغيرنا من الناس ونوزع لحوم الأضحية على الفقراء والمساكين وصلة أرحامنا، لكننا الآن أصبحنا بلا شيء، نبحث عن مأوى وإعادة إعمار منازلنا التي تبدو بعيدة".

ويتابع: "لا نعرف كيف سنستقبل هذا العيد ونحن نعيش بألم وحسرة على ما حل بنا، فقدنا أبناءنا وأطفالنا ونساءنا، فقدنا كل شيء، كان أبنائي ينتظرون العيد كي يفرحوا ويمارسوا طقوسه باللعب وارتداء الملابس الجديدة، لكننا سنستقبل العيد بغصة في القلب".

أزمات مأسوية..

وفيما توقع اقتصاديون أن ترتفع نسبة البطالة في قطاع غزة بعد العدوان الإسرائيلي إلى 55%، ونسبة الفقر إلى 60%، يؤكد تاجر الأبقار والأغنام محمود عابد أنّ "الإقبال ضعيف"، موضحًا أن السوق هذا العام شهد حالة ركود حادة، حتى بعد انخفاض أسعار حصص الاشتراك في الأضاحي لهذا العام، إذ تتراوح ما بين 400 إلى 600 دولار أميركي.

ويُرجع التاجر عابد ضعف الإقبال على شراء الأضاحي هذا العام إلى سوء الأوضاع الاقتصادية واستمرار أزمة انقطاع التيار الكهربائي، إذ من غير الممكن تخزين كميات كبيرة من اللحوم في الثلاجات كما يقول لـ"النشرة"، مشيراً إلى أنّ "أحوال الناس بعد الحرب صعبة للغاية، وهذا أثر أيضاً بشكل كبير على الموسم بشكل عام".

ويضيف عابد: "هذا الموسم ضعيف جداً مقارنة بأعوام سابقة، فالناس تعاني أزمات مأساوية حلت بها بعد العدوان، حتى أنّ مزارع الأبقار والمواشي دمّرها الاحتلال الإسرائيلي، وهذا أيضاً أثر على موسم الأضاحي، إلى جانب عدم تلقي موظفي حكومة حماس السابقة لرواتبهم".

وبلغت خسائر القطاع الحيواني خلال العدوان الاسرائيلي حوالي 100 مليون دولار، إذ استهدفت قوات الاحتلال مزارع الأبقار والمواشي في مختلف مدن قطاع غزة الخمسة.

استهداف الاحتلال

أما بالنسبة لمدير عام التسويق والمعابر في وزارة الزراعة بغزة، تحسين السقا، فإن أسباب ضعف الموسم والإقبال على شراء الأضاحي هذا العام متعددة، أبرزها العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، والضرر الذي وقع على المواطنين والتجار بسبب نفوق الكثير من الحيوانات جراء العدوان.

وفي حديث لـ"النشرة"، يشرح السقا أن العدوان الأخير تسبب في موت 3000 رأس من العجول والأبقار، بسبب الجوع واستهداف المزارع بشكل مباشر، مشيراً إلى أنه تم إدخال 7000 رأس من العجول ليبلغ العدد الكلي في قطاع غزة حوالي 13 ألف رأس للأضاحي.

ويوضح السقا، أن أسعار الأضاحي شهدت انخفاضاً عن العام الماضي، حيث يباع كيلو لحم العجول "الهولندي" بحوالي 15 إلى 16 شيكل، والعجل "الشراري" بسعر 17-18 شيكل للكيلو، لكنه يجزم أن الإقبال ضعيف رغم ذلك.

أخيراً، تقول التقارير الدولية إنّ حوالي 80% من سكان قطاع غزة يعتمدون على المساعدات الاغاثية المقدَّمة من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين 'أونروا' ومنظمات وجمعيات محلية وعربية ودولية، في وقت أطلقت جمعيات وهيئات خيرية في غزة مشاريع لتوزيع لحوم الأضاحي على المتضررين من العدوان الإسرائيلي والمشرّدين في قطاع غزة، إذ ربما تساهم في إدخال الفرحة وبهجة العيد على المواطنين، وإيصال لحوم الأضاحي للفقراء والمساكين.