كان ذلك في الربيع الماضي:

هيئة التنسيق النقابية على موقفها وإصرارها لإقرار سلسلة الرتب والرواتب تحت طائلة عدم إجراء الإمتحانات الرسمية.

لم يُصدِّق أحدٌ التهديد ولم يأخذوه على محمل الجد، اقترب العام الدراسي من الإنتهاء ولم تُقر السلسلة فتأجَّلت الإمتحانات.

إنتقل الضغط إلى مرحلة ثانية:

نجري الإمتحانات ولكن لا نُصحِّح، اقترب الوقت القاتل، كثيرٌ من طلاب المرحلة النهائية ثانوياً يستعدون للإلتحاق بالجامعات، منهم في الداخل ومنهم في الخارج، وهذا هو الأهم حيث الجامعات تبدأ السنة الدراسية في شهر آب. بدأ الوقت يضغط، الأساتذة على موقفهم من عدم التصحيح لأنَّ السلسلة لم تُقر والطلاب ضائعون لا يستطيعون إكمال أوراقهم لإرسالها إلى الجامعات، والأهل في مرارةٍ كاملةٍ لأنَّهم لا يعرفون ماذا يفعلون.

وكان آخر الدواء... الإفادات:

المتفوِّق والمجتهد والمثابر والمستحق وغير المستحق والكسول ومن هو دون المستوى، وُضعوا جميعاً في خانةٍ واحدة وأعطوا شهادة واحدة اسمها إفادة، لكن لم يكن منها بد لأنَّه لا يجوز ترك الطلاب لا معلَّقين ولا مطلقين.

اليوم ماذا عدا مما بدا حتى ما كان مستحيلاً يصبح ممكناً؟

من أين هبطت العبقرية على مبتكري الحلول ليُصبح تمويل السلسلة متاحاً بينما كان عصيّاً في حزيران الماضي؟

والأهمُّ من ذلك كله، هل تأتي السلسلة في ظروف طبيعية يتمُّ من خلال تأمين الموارد لها؟

نحن في المرحلة التالية:

فراغٌ في موقع رئاسة الجمهورية، وهذا الفراغ لا يُعرَف كيف سيتمُّ ملؤه؟

ومتى؟

مع ما يعني ذلك من نقصٍ وانتقاصٍ في تركيبة السلطة التنفيذية.

في السلطة التشريعية، تمديد الوكالة التمثيلية للنواب من دون أخذ رأي مَن وكَّلهم. وهذا التمديد سيطول لسنتين وسبعة أشهر فيكون مجلس النواب الحالي حظي بولايتين كاملتين.

حربٌ في المنطقة تصل شظاياها إلى لبنان، ما يعني أنَّ القطاعات المعوَّل عليها ولا سيَّما السياحة ستبقى مضروبة طالما أنَّ الحرب قائمةٌ من دون تحديد مهلةٍ زمنية لانتهائها، خصوصاً بعدما بشَّرنا الرئيس الأميركي باراك أوباما بأنَّ هذه الحرب غامضة المدة.

استنزافٌ للقوى الأمنية من جيشٍ وقوى أمنٍ داخليّ في الحروب المتنقُلة، من عرسال إلى طرابلس وما بينهما.

في هذه الأجواء وغيرها مَن يضمن تأمين فلسٍ جديد لتمويل السلسلة؟

هل العاملون لتحقيقها واثقون من أنَّ المرحلة الآتية ستكون مرحلة استقرارٍ ورخاءٍ وبحبوحة على المستويات الأمنية والسياسية والنقدية؟

ما هذا المجهول الذي يُدخلوننا في نفقه؟

ألم يشبع الشعب اللبناني أنفاقاً بعد؟

هل وصلنا إلى مرحلة الأَنفاق الممكنة والإنفاق المستحيل؟

ليس هناك من جواب عن هذه التساؤلات سوى القول إنَّ هناك حفلة مزايدات، والشعب لا يعرف ماذا يُدبَّر له، بحيث يُعطونه باليد اليمنى ويأخذون منه باليد اليسرى، ومحصِّلة هذه المزايدة إرهاق الناس وغرق خزينة الدولة في آن واحد.

فبربِّكم من أين ستأتون ب1940 مليار ليرة، وهي كلفة السلسلة؟

وإذا كنتم قادرين اليوم على تأمينها فلماذا لم تؤمِّنوها في حزيران الماضي؟

وماذا تغير منذ ذلك الشهر وحتى اليوم؟

هل امتلأت الخزينة أم فرُغَت مما تبقَّى فيها؟

تعتمدون على زيادة الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 1 في المئة، فهل هذه وحدها كافية؟

تراهنون على بنود إصلاحية؟

قبل أن تبدأوا بالإصلاح تجرَّأوا على إبعاد المياومين عن بوابات مؤسسة كهرباء لبنان وتفضَّلوا بتحريرها من إحتلالهم!

تراهنون على بنود إصلاحية؟

كيف ستُرغمون الموظفين على المداومة حتى الثالثة والنصف وأنتم غير قادرين على إرغام بعضهم بالمداومة أصلاً؟

هل أحصيتم كم هناك من موظفٍ وهميّ؟

مَن يتجرأ منكم على كشف أسمائهم؟

تقولون إنَّكم ستوقفون التوظيف لمدة سنتين، ماذا سيحصل بعد سنتين؟

هل ستنقلون البلد من أن يكون شبه دولة عاجزة على كلِّ المستويات إلى أحد البلدان الإسكندنافية؟

كفاكم ضحكاً على الناس، لقد أفقرتموهم، وبهذه الزيادة تقضون على مَن تبقَّى منهم.

هذه ليست زيادة، إنَّها تمديدٌ لعجز الناس في مقابل التمديد لكم، وربما هذا هو الموجود... فجودوا.