عبثاً تبحث محركات «غوغل« سواء بالعربي أم بالفارسي عن موقف إيراني رسمي أعلن ذات مرة أن «الجمهورية الإسلامية« مستعدة لتقديم هبة مالية لتسليح ​الجيش اللبناني​ أم هي جاهزة لدعمه بالأعتدة والذخائر المجانيّة.. جلّ ما قيل بهذا الشأن وبشكلٍ إعلامي غير رسمي أنّ «إيران مستعدة للتعاون العسكري مع الجيش اللبناني..«.

وبمعزلٍ عن الحظر الدولي لأي «تعاون عسكري رسمي« مع إيران بفعل العقوبات وفقاً للقرار 1929، فإنّ خلاصة ما قيل، لا تعني عملياً أن إيران أعلنت استعدادها تقديم «هبة مجانيّة غير مشروطة« لتسليح الجيش اللبناني.

لم يذكر الرئيس الراحل الياس الهراوي في مذكراته والدردشات أن إيران عرضت عليه تسليح جيش بلاده بالمجّان، ولم يُخبرنا قائد جيشه وخلفه الرئيس العماد اميل لحود في مطولاته وما أكثرها، عن هبة إيرانيّة تُمكِّن الجيش اللبناني من الاستغناء عن دعم باقي البلدان طالما «أم المقاومة الحنون« تكفلت بذلك، كما لم يصل إلى علم الرئيس العماد ميشال سليمان أن إيران عرضت على الدولة اللبنانية طيلة عهده منذ قيادة الجيش حتى تسليمه السلطة لفخامة الفراغ، «تسليح الجيش اللبناني بهبة إيرانيّة غير مشروطة«. كما لم تعلن قيادة الجيش ببيان رسمي تلقيها أي عرض مجّاني لتسليح الجيش.

وما وصل إلى علم كاتب هذه السطور، أن الرئيس ميشال سليمان زار طهران في 24 و25 تشرين الثاني 2008 حيث التقى نظيره محمود أحمدي نجاد الذي اكتفى بالتشديد وقتذاك على «لا محدودية العلاقة الايرانية مع لبنان«. كما اختتم سليمان زيارته بجولة في أرجاء «المعرض الإيراني للأسلحة« بصحبة وزير الدفاع الإيراني الجنرال مصطفى محمد نجار. وهناك، كرر سليمان أمام نجار ما سبق وقاله للرئيس نجاد إن «لبنان بأمس الحاجة إلى مثل هذا السلاح عن طريق الهبة لمواجهة إسرائيل لأن ليس لديه اعتمادات ولا ميزانية لشراء أسلحة«.. من دون أن يأتي أي جواب إيجابي بهذا الخصوص، وهذا ما يُفسِّر مطالبة الرئيس سليمان لاحقاً، وتحديداً بعد حادثة العديسة الحدودية بفتح صندوق لقبول الهبات من جميع الدول الصديقة الراغبة في دعم الجيش اللبناني.

وخلال زيارة سليمان لطهران، تداولت بعض الصحف والمواقع خبراً أصبح لازمة تتكرر حتى اللحظة، مفاده أنّ إيران عرضت على لبنان «تسليح الجيش«، فيما نفى عضو كتلة «الوفاء للمقاومة« النائب حسن حب الله وقتذاك، في تصريح لصحيفة «الشرق الأوسط« بتاريخ 27 تشرين الثاني 2008، علمه بأية معلومات متعلّقة بإمكان تسليح الجيش، وقال ما حرفيته: «زيارة الوفد اللبناني الرسمي برئاسة فخامة الرئيس سليمان، الجمهورية الاسلامية الايرانية ترمي الى تعزيز العلاقة والصداقة بين لبنان وايران التي وقفت دائما بجانب لبنان في مواجهة العدوان الاسرائيلي، وساهمت في اعادة الاعمار في لبنان، بعد عدوان تموز 2006. كما تأتي في اطار التعاون بين البلدين«، وأضاف: «كان هناك حديث في مجالات عدّة تخص البلدين في الشؤون الاقتصادية والصناعية والزراعية«.

وفي هذه العجالة يطرح السؤال نفسه عن توقيت إعلان إيران بلسان الامين العام لمجلس الامن القومي علي شمخاني أن بلاده قررت تقديم هبة عسكرية للجيش اللبناني، الذي يتزامن مع الهبة الأميركية السنوية لدعم الجيش وهبة المليار دولار السعودية الإضافية التي تُمكِّن المؤسسة العسكرية اللبنانية من شراء الأسلحة من حيث تريد، وفي ظلّ الحملة المُركزة على الهبة السعوديّة الإستثنائية التي أتت على شكل اعتماد مالي لدى الدولة الفرنسية، ما يستلزم بعض الوقت للتنسيق ما بين الحكومة المانحة (السعودية) والحكومة التي تملك السلاح (الفرنسية) والحكومة المستفيدة (اللبنانية) من هذا السلاح، ما أتاح للغيارى فرصة الاستثمار الاعلامي للحديث الفارغ المضمون عن سمسرات، بدلاً من تطبيق القاعدة الذهبية «كل مواطن خفير«، والذهاب إلى النيابة العامة وتقديم ما لديهم من معلومات كفيلة بفتح تحقيق رسمي، أو على الأقلّ، مطالبة رئيس الحكومة بفتح هذا التحقيق.. كما سبق للرئيس ميشال سليمان أن فعل.

وهنا لا بدّ من تكرار مطالبة رئيس الحكومة تمام سلام ومعه النيابة العامة وكافة المعنيين، بفتح تحقيق رسميّ بكلّ ما ورد من وشوشات عن «سمسرة« من هنا أو هناك، حفاظاً على كرامة الحكومات الثلاث: اللبنانية، السعودية والفرنسية.