يواجه ​مخيم عين الحلوة​ بقواه السياسية الوطنية منها والاسلامية وشرائحه الاجتماعية والشبابية أربعة ملفات مثقلة بالهموم، بين هواجس "الامن المفقود" ومعاناة الناس اليومية مع الفقر والبطالة، بين تدني تقديمات وكالة "الاونروا" وتراجعها باضطراد، وبين استمرار حرمانه من الحقوق المدنية والاجتماعية والانسانية من قبل الدولة اللبنانية، حيث أصبحت حياة الناس ويومياتهم بلا لون أو حتى معنى، بعدما فقدت كلّ مقومات العيش الكريم، وأدرجت في قواميس البؤس، والأمن الضائع والفقر المدقع والبطالة حتى اليأس والتفكير بالهجرة.

أول الملفات، الهاجس الأمني الذي يؤرق حياة الناس بين التوتير الداخلي والفتنة مع الجوار اللبناني انعكاسًا لما يجري في لبنان والمنطقة والمخاوف من انجرار مجموعاتٍ إسلامية متشدّدة إلى مبايعة "تنظيم الدولة الاسلامية–داعش"، حتى الآن ترفضه وتقاومه القوى الفلسطينية وخاصة الاسلامية منها حتى لا يوصد المخيم الابواب شبه المقفلة على نفسه ويصنف في خانة بؤرة الارهاب في ظل الحرب العالمية الجارية عليه في سوريا والعراق.

وقد زاد من الهواجس الامنية جريمة اغتيال العنصر في حركة "فتح" وليد ياسين حيث لم تظهر التحقيقات الاولية أيّ سببٍ مقنع للقتل إلى الآن، فيما تتصدّر قراءتها بانها "رسالة دموية" الى حركة "فتح" اولا والقوة الامنية المشتركة ثانيًا على دورها في حفظ الامن والاستقرار، إذ تؤكد مصادر فلسطينية أنّ ثمة جهاتٍ متضرّرة من هذا الدور وهدوء الامن في المخيم على غير العادة، فيما لهيب النار يشتعل في المنطقة ويمد ألسنته الى أكثر من منطقة لبنانية.

وتجمع اوساط مطلعة، أنه لولا التوافق الفلسطيني الداخلي بين مكونات القوى السياسية من منظمة التحرير الفلسطينية بما فيها "حركة فتح"، تحالف القوى الفلسطينية بما فيها حركتي "حماس" و"الجهاد الاسلامي" والقوى الاسلامية بما فيها "عصبة الانصار" الاسلامية و"الحركة الاسلامية المجاهدة"، ناهيك عن "انصار الله"، وتشكيل قيادة موحدة تدير شؤون المخيمات الحياتية والامنية، واطلاق المبادرة الموحدة لحمايتها من تداعيات ما يجري في المنطقة والحفاظ على العلاقات اللبنانية-الفلسطينية، وتشكيل القوة الامنية المشتركة في عين الحلوة الذي يعتبر "باروميتر" المخيمات، لكان الوضع الامني صعبًا للغاية ومعقدا، وعرضة لأي اختراق بطريقة سهلة. وفي هذا الاطار، تسعى القوى والفصائل الفلسطينية إلى تمرير المرحلة بأقلّ الخسائر الممكنة، لكنها ما زالت تتوجّس من سيل الشائعات "المغرضة" و"المشبوهة" عبر زجّ أسماء أشخاص وجهات لايقاع الفتنة وتوتير الوضع الامني بعد امتصاص جريمة اغتيال ياسين وتداعياتها.

ثاني الملفات، ثقل نزوح الفلسطينيين من سوريا إلى لبنان، مع ازدياد الأعداد التي لجأت الى المخيمات رغم كلّ الاجراءات الرسمية اللبنانية، وما "زاد الطين بلة" قرار وكالة "الاونروا" حرمان أكثر من 1100 عائلة من الاستفادة من المساعدات المالية والعينية وفق إحصاءٍ سريع وغير مدروس وتشوبه الكثير من الأخطاء، ما يعني عمليًا أعباء اضافية على المؤسسات الاغاثية التي تنوء أصلا بحملها في ظلّ تراجع التقديمات الدولية الانسانية وطول أمد الازمة السورية.

أما ثالث الملفات فهو تراجع تقديمات وكالة "الاونروا" الطبية والاجتماعية والخدماتية والاغاثية وليس آخرها قرارها حرمان أكثر من ألف عائلة من برنامج الشؤون الاجتماعية الذي يستفيد منه عادة حالات العسر الشديد، تحت مبررات العجز المالي، فيما تغيب فعالية الادارة في الرقابة والمحاسبة، ما فتح الباب واسعًا أمام الفساد و"الواسطات" وهي تبدأ ببرنامج إعمار وترميم المنازل المتصدعة في المخيمات ولا تنتهي بمشروع البنى التحتية في عين الحلوة الذي شابه الكثير من الاخطاء وسوء التنفيذ.

رابع الملفات هو اندفاع الكثير من الشباب والعائلات الى الهجرة غير الشرعية-اللجوء الى بعض الدول الغربية خصوصًا ايطاليا، ومعظم هؤلاء يدفعون أرواحهم وأموالهم ثمنا في محاولة للتخلص من الواقع المرير، فمنهم من يتحول جسده الى طعام للاسماك ومنهم من يقع ضحية لشبكات التهريب بعد ان يقوم ببيع كل ما يملكه، وآخرها قضية اكثر من مئة سوري وفلسطيني اوقفوا من قبل مفرزة استقصاء الشمال وكانوا ينوون الهرب خلسة من الاراضي اللبنانية باتجاه ايطاليا طلبا للهجرة واللجوء.

هو واقعٌ مريرٌ وصعبٌ يعيشه المخيّم، وسط كلّ هذه الهموم والهواجس، همومٌ وهواجس يخشى المعنيون أن تكبر شيئًا فشيئًا ككرة الثلج، لتصل لمرحلة يصبح ضبطها مهمّة شاقة، وربما أكثر..