- التمديد للمجلس النيابي اللبناني صار شبه محسوم، فبعد إعلان الرئيس سعد الحريري عن مقاطعته مع كتلته للانتخابات النيابية، وربط ذلك بإجراء الانتخابات الرئاسية أولاً، وبعد التفاهم مع البطريرك بشارة الراعي على ذلك، وإعلان الرئيس نبيه بري أنه لن يسير بانتخابات إذا قاطعها مكوّن رئيسي، صار التمديد مسألة إخراج وتوقيت، وكلاهما محكوم بمواعيد سقفها أسابيع قليلة.

- النقاش يدور حول مَن المشتري ومَن البائع، في قضية التمديد ليدفع المشتري الثمن الذي يصل إليه التفاوض مع البائع.

- في المرة الماضية قاد الرئيس نبيه بري قطار التمديد في مجاراته لمناخ عام راغب بالتمديد للمجلس النيابي، حرصاً على الاستقرار السياسي وتوازناته الهشة، وانطلاقاً من كون التنافس في نهاية المطاف سيتمّ بين مكوّنات الثامن من آذار في ضفة والرابع عشر من آذار في ضفة مقابلة، ويفترض أن تسعى قوى الثامن من آذار إلى تحسين حضورها في المجلس، وإذا حدث ذلك فعلى حساب تيار يتزعمه الرئيس سعد الحريري، الزعيم الأوسع تمثيلاً في الطائفة السنية، وسيبدو مهزوماً، فيما يبدو المنتصر تيار يقوده الشيعة بصورة أو بأخرى، حتى لو كان ترصيد الحساب مسيحياً، فلن يسلّم حلفاء الحريري المسيحيون أنّ ذلك جرى بالقوة الذاتية لخصومهم المسيحيين، وسيتبنّى الحريري ذات التفسير للهزيمة، ونظراً لكون أغلب الوضع العربي الرسمي تحت قيادة السعودية التي يمثل الحريري حضورها السياسي لبنانياً، فستقوم حملة إعلامية عربية ضدّ المجلس الجديد، وإنْ لم يترتب عليها شيء عملي فسيكون ذلك كافياً لتسعير الحالة المذهبية، وتقريب الفتنة وتقديم مادة دسمة لنمو الإرهاب التكفيري في مناخات مناسبة، وافترض بري أنّ لدى الحريري تفكيراً مشابهاً على مستوى تقييم الحالة المعاكسة، وتحقيقه الانتصار ومفاعيله على علاقات الشيعة والسنة، ومخاطر الفتن المذهبية ونمو التطرف، فكان التمديد مشروطاً ضمنياً بتقاسم الثمن أمام الرأي العام.

- جرى أنّ فريق الرابع عشر من آذار وضع حمل التمديد كله على عاتق الرئيس نبيه بري، وفي المقابل كانت المكافأة هي قيام هذا الفريق نفسه بتعطيل المجلس، وتقديم ابتكار دستوري لم يكن تقبّله سهلاً على بري، عنوانه أن لا تشريع بغياب رئيس للجمهورية، فقرّر مواجهة هذا التذرّع الذي ينشئ أعرافاً وسوابق، كما قاتل نظرية أن لا تشريع مع وجود حكومة مستقيلة.

- ربح بري الجولة الحاسمة، وعاد فريق الرابع عشر من آذار إلى بيت الطاعة المجلسي والتشريعي، ونطق الحريري طلب التمديد علناً، لكن الآن يوجد أمامنا الحريري يعلن استعداده لشراء التمديد ويطلب من فريق الثامن من آذار تحديد الثمن.

- التمديد سابقة لا ديمقراطية، وسابقة سلطوية عنوانها فساد سياسي، الثمن الذي يشكل الكفارة عن هذه الخطيئة يجب أن يكون وطنياً.

- أمام المجلس طلب لرفع الحصانة عن النائب خالد الضاهر، بتهمة التحريض على شق الجيش والتطاول على المؤسسة العسكرية والنيل من المناعة الوطنية، فهل يمدَّد للضاهر فيشرّع للفتنة أن تمتلك صوتاً في المجلس بداعي أنّ الضرورات تبيح المحظورات؟

- الرئيس الحريري يقول قاصداً الضاهر سنواجه الذين يدعون إلى محاربة الجيش داخل صفوفنا، فليكن الاتفاق مع الحريري امتحاناً وعبرة، نقبل التمديد شرط التصويت بالإجماع على رفع الحصانة عن الضاهر قبل التصويت على التمديد.