هلل بعض نواب قوى الرابع عشر من آذار للقاء الذي عقد بين رئيس "تيار المستقبل" النائب ​سعد الحريري​ والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، وحاول هذا البعض التسويق له وكأنه سيثمر حلاً لكل الملفات العالقة لاسيما الفراغ في رئاسة الجمهورية، المركز المسيحي الأول في الدولة. غير أن هذا اللقاء أو غيره من اللقاءات التي عقدت أو قد تعقد للبحث بملفات مصيرية كهذه بالنسبة للمسيحيين، لا يراها "التيار الوطني الحر" مجدية أو نافعة على إعتبار أنها لا تضمّ المعنيين الأساسيين من المسيحيين، وعلى رأسهم رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون.

أوساط التيار، وعلى رغم تعاملها مع هذا اللقاء على قاعدة لا إنتقاد ولا تهليل، لا تخفي إنزعاجها منه، وتقول "مع إحترامنا الكامل لسيّد بكركي، لقد أثبتت التجارب أن مونته على القادة المسيحيين غير موجودة وغير مؤثرة، لا في ملف الإنتخابات النيابية حيث حاولت بكركي مراراً وتكراراً خوض معركة تغيير قانون الستين وإستبداله بقانون آخر ينصف المسيحيين ويعيد لهم حقوقهم التمثيلية، وتجربة الإقتراح الأرثوذوكسي خير دليل على ذلك، ولا في الإنتخابات الرئاسية التي لم تستطع بكركي فيها أن تقنع الأقطاب المسيحيين الأربعة بالتوافق على رئيس قوي وليس كيفما كان"، ولكلّ ما تقدم، تطرح أوساط التيار السؤال "ما الجدوى من لقاء يبحث فيه الحريري مع البطريرك الأزمة الرئاسية والتمديد لمجلس النواب ما دام هذا اللقاء لن يكون قادراً على حل أي من المشكلتين؟"

وإذا كان موقف التيار السياسي من الحريري معروفاً إنطلاقاً من الخصومة التاريخية القائمة بينهما، يبدو لافتاً إنزعاج جمهوره من سيد بكركي وطريقة مقاربته للملفات المسيحية الأساسية التي ترتبط بشكل وثيق بالمحافظة على الوجود المسيحي في هذا الشرق. ففي جلسة خاصة مع نواب وقياديين في التيار، لم يكن من الصعب أبداً سحب الإمتعاض من الراعي لا سيما في ملف الإنتخابات النيابية. وفي هذا السياق، يسأل نائب من تكتل "التغيير والإصلاح"، "في الوقت الذي تصدت فيه بكركي بكل أصواتها لعملية التمديد الأولى لمجلس النواب، وهاجمت النواب المسيحيين الذين شاركوا في الجلسة الشهيرة، أين هي اليوم من جلسة التمديد الثاني التي قد يرن جرس القاعة العامة لإنعقادها بين أسبوع وآخر؟ فهل تمديد الأمس لم يكن دستورياً وتمديد اليوم يحترم الدستور؟ ولماذا لم نعد نسمع أي تذكير روحي مسيحي بقانون الإنتخاب المجحف بحق المسيحيين؟"

من قانون الإنتخاب الى خطر الإرهاب، ينتقل العونيون في عتبهم على الراعي، ويسألون، "أين موقف بكركي الصريح والواضح من خطر "داعش" وجبهة النصرة ومن يحضن مثل هذه التنظيمات الإرهابية في الداخل اللبناني؟ وهل بات سيد الصرح يخجل أو يخاف مما يقوله أمام زواره عن هذا الخطر فيسارع لنفي ما قاله وردده عبر أحد المطارنة أو من خلال دوائر الصرح الإعلامية؟"

إذاً من الواضح أنّ العلاقة بين القاعدة البرتقالية وبكركي ليست على ما يرام، وقد تكون بحاجة الى فاعل خير لرأب صدعها، علاقة تشكل مؤشراً واضحاً لرأي قيادة التيار بمواقف البطريرك، حتى لو أن موقف القيادة المعلن يؤكد على العلاقة الجيدة مع سيد الصرح.