لم تعد المرجعيات المتفائلة بحدوث خرق على صعيد أزمة رئاسة الجمهورية ما بين التشرينين (تشرين الاول وتشرين الثاني) على تفاؤلها، فالتطورات الدراماتيكية على صعيد العلاقات السعودية–الايرانية تنذر بما هو أسوأ من تعقيدات اضافية طرأت على أزمة الرئاسة المستمرة منذ أيار الماضي، اذ تذهب المرجعيّات للحديث عن وضع ملفّ انتخاب رئيس جديد للبلاد في "الثلاجة" للتفرغ للوضع الأمني الذي قد ينفجر في اي لحظة باشارات اقليمية، خاصة وأن ارتفاع حدّة السجال السياسي مؤخرا بين حزب الله وتيار المستقبل يوحي بأننا مقبلون على مرحلة من التصعيد الذي على الأرجح لن يتأخر ليتحوّل أمنيا.

وبالرغم من أن الكل رضخ لوجوب تقبّل الواقع المرير، أي ربط ملف الرئاسة بالتطورات الميدانية في المنطقة، لا تزال الدوائر المعنيّة تبحث بطروحات لحل الأزمة لوضعها على طاولة البحث حين يحين الوقت وتأتي التعليمات الخارجية بوجوب ملء سدّة الرئاسة.

وقد حاول مؤخرا أكثر من طرف تسويق طرح انتخاب رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون لتولي مرحلة انتقالية من سنيتن الا أن الرفض لم يقتصر عليه بل كان جواب ​بكركي​ حادا على من فاتحها بالموضوع منبّهة الى ان السير بسيناريو مماثل يُعتبر بمثابة "خيانة عظمى".

وقالت مصادر مقربة من الصرح البطريركي أن خطورة السير بعون رئيسا لسنتين لا تكمن باسم الرئيس المقترح انما بمدة الولاية، واضافت: "التحجّج بأن المرحلة انتقالية لن يُقنع أحدا بعدما أثبتت التجارب أن ما هو مؤقت او لمرّة واحدة يتحول عُرفًا في لبنان ويدوم ويدوم... فهل هناك من هو مستعد لتحمل مسؤولية تقصير ولاية الرئيس المسيحي الوحيد في المنطقة الذي يجتاحها شبح التطرف، من 6 سنوات الى سنتين فقط؟"

وتستعد قوى 14 آذار في الأيام المقبلة لإمكانية استبدال مرشحها رئيس حزب "القوات" سمير جعجع بآخر توافقي لإحراج عون وقوى 8 آذار، ظنًّا منها بأنّها بذلك تمارس ضغوطات على حزب الله تدفعه لاقناع عون بالتنحّي.

وتقول مصادر قيادية في التيار الوطني الحر في هذا الاطار: "حزب الله غير محرج على الاطلاق من الاستمرار بتبنّي ترشيح عون، لا بل هو متمسّك بترشيحه أكثر مما الجنرال متمسك به، باعتبار أنّه لن يسمح بوصول رئيس لسدّة الرئاسة لا يثق به 100%"، لافتة الى ان الحزب "اتّعظ من تجربة الرئيس الأسبق ميشال سليمان إذ يعتبر أنّه دفع ثمنها غاليا جدا".

وتذهب المصادر أبعد من ذلك لتؤكد أن حزب الله لا يتعاطى مع معركة الرئاسة على أنّها معركة جانبية، مشددة على أنّه في صلب معركته. والرئيس الّذي يعبّر عنه ويثق به، "هو حاجة حيويّة لحزب الله لعدم اغراقه بالمشاكل الداخلية ولتخفيف بعض الأعباء عنه للتفرغ للملفات الاستراتيجية".

وتخلص المصادر الى توقّعها باستمرار لعبة شد الحبال بين فريقي 8 و 14 آذار بالملف الرئاسي، وأن تزداد حدتها مع توتر الأوضاع الاقليمية وخصوصًا على محور ايران-السعودية فيُنتخب الرئيس بعد معركة داخلية سريعة ساخنة، أو يطول الفراغ مهدّدًا استمرارية المركز المسيحي الأبرز في المنطقة.