توقف زوار العاصمة السورية عند سلسلة من الخطوات التي نفذها النظام السوري للدلالة على ان ​الحكومة السورية​ ليست بعيدة كثيرا عن كل ما يجري في المنطقة، بل انها كانت لاعبا اساسيا للوصول الى المأزق الذي تعاني منه واشنطن ومروحة تحالفاتها العريضة، فضلا عن احراج الحكومة التركية واقحامها في رمال متحركة يصعب الخروج منها الا باضرار بالغة عليها من خلال اعادة خلط اوراق الملف الكردي ومحاولة تقسيمه بين العراق وسوريا، والتعاطي معه بمكيالين متناقضين تحقيقا لمصالح اقتصادية وسياسية لم تكن محسوبة النتائج. وبالتالي تحريك الشارع الكردي وما يمكن ان يستتبعه من تحريك للعلويين في لواء الاسكندرون في وقت لم يعد بعيدا بحسب هؤلاء.

ويعتبر المصدر ان النظام السوري تمكن جيدا من اللعب على اقصى حافة الهاوية من خلال تسليم الدولة الاسلامية كامل المقدّرات العسكرية والامنية في محافظة الرقّة، التي تشكّل مثلث العبور بين العراق وسوريا وتركيا اضافة الى قربها من الحدود الاردنية، وذلك منذ ان نفّذ انسحابات تكتيكية لم يفهمها في حينه الاتراك، بدأت مع سحب الالوية وانتهت مع تسليم مطار الطبقة بكل ما يحويه من مستودعات للذخيرة وانفاق ومقوّمات عسكرية ومقدرات ميدانية هائلة، ما كان الجيش ليتنازل عنها بهذه السهولة لو لم يكن ينفذ تعليمات قياداته المرتبطة بالنظام وبالرئيس بشار الاسد بصورة مباشرة. واستتبعها بخطوة لا تقل خطورة وهي السماح لبعض المسلحين بالالتحاق بجبهة القلمون ومن ثم محاصرتهم والمساومة عليهم بعد انهاء المعارك في الغوطة، وهذا ما يبرر استخدام الجيش السوري للقوة المفرطة على هذه الجبهة والتقدم على غالبية محاورها بعد ان قام بجولة من عرض العضلات العسكرية عبر استخدام اسلحة جديدة ومتطورة لم تشارك سابقا في القتال مع انه كان بامكانها ذلك لو اراد النظام المحافظة على مطار الطبقة.

ما دفع بالنظام السوري بحسب هؤلاء الزوار الى استدراج الغرب للرقص على حافة الهاوية، هو استنتاجه وبعد مشاورات حثيثة مع حليفيه الاساسيين اي ​ايران​ وروسيا، بان اقتراب داعش من الحدود التركية والايرانية وسيطرتها على منابع النفط واستغلالها يشكل خطا احمر بالنسبة لواشنطن، التي ما كانت لتخوض حروبها في العراق لولا اصرارها على السيطرة الكاملة على منابع النفط ومعابره، وانها لن تقبل باي شكل من الاشكال ان يسيطر اي فريق على اي من الابار النفطية او الغازية وتحويلها الى مصدر للتمويل الذاتي بعيدا عن العيون الاميركية. وبالتالي فانها ستلجأ الى سوريا مهما تطورت الاوضاع لشن حرب برية ضد التنظيم الداعشي بعد ان يكون حرك الرأي العام العالمي واظهر خطره على حلفاء واشنطن ودول الخليج، بما يعني ان النظام سيتحول عاجلا ام آجلا الى حاجة اقليمية لا يمكن الاستغناء عنها حتى لو تدخلت تركيا ميدانيا، مع استبعاد هذا التطور لاسباب عدّة، اولها ان تركيا تريد تصفية الاكراد وليس اقامة حزام امني، وهذا ما يبرر دعمها غير المعلن للتنظيم الارهابي ومدّه بالسلاح والسماح لمقاتليه بالعبور الآمن من دون ان تأخذ بالاعتبار التطورات الميدانية ولا المصالح السياسية الاستراتيجية لدول الجوار ولا الغرب الذي بدأ يتوجس من ردة الفعل الايرانية التي بدأت مع التطورات اليمنية، وهي تطورات تحمل رسائل نارية ساخنة لا يمكن القفز فوقها مهما تغيرت الاحوال وتبدلت المواقع، خصوصا ان ما حققته بالسرعة القياسية المعروفة يؤشر الى ابعد من موقف عسكري بل الى خريطة سياسية جديدة على الحدود مع السعودية التي لم تفك الشيفرة الايرانية بحسب ما كان يمكن ان يحصل، لو استنتجت ان الرد الايراني الروسي على تطورات العراق والموقف التركي ستكون في مكان آخر اشد ايلاما للمنظومة العربية والاسلامية في ظل صراعات مكتومة بين الرياض وانقره على خلفية قيادة العالم الاسلامي والتحكم بتفاصيله وخصوصيته.