لا تقل حماسة مقاتلي مجموعات حماية الشعب الكردي في كوباني عن حماسة الجالية الكردية في لبنان والتي خرجت منذ اسبوعين في تظاهرة بالآلاف من الكولا الى الاسكوا.

هذه التظاهرة التي دعا اليها حزب رزكاري الكردي اللبناني المنضوي في تحالف لقاء احزاب 8 آذار، لم تشكل فقط ردة فعل عفوية او مجرد تظاهرة تضامنية وعاطفية لمناصرة اكراد سورية في وجه محاولة التصفية الجديدة والحرب الضروس التي تخوضها داعش ضدهم في عين العرب. بل هي ايضاً تعبير عن التلاحم بين الشعبين اللبناني والكردي وتشابههم في رفض الاحتلال ومقاومته وهزيمته والدفاع عن الارض والعرض حتى آخر قطرة دماء. وتؤكد مصادر المنظمين ان جميع احزاب المقاومة والتحالف الوطني في صفوف 8 آذار من دون استثناء حضر التظاهرة متضامناً ومتعاطفاً ومشيداً بصمود وشجاعة المقاتلين الاكراد رجالاً ونساءً والتي تستلهم تجربة المقاومة الوطنية من الاحزاب اليسارية الى "حزب الله". وكان سبق التحضير لهذه التظاهرة ببضعة اشهر وهجوم "داعش" على المناطق الكردية في 15 ايلول الماضي زيارة رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي صالح مسلم محمد الى لبنان ولقاؤه قيادات لبنانية وكردية وفاعليات سياسية وشعبية وتزامنت زيارته مع بدء الاحتكاكات بين مقاتلي مجموعات حماية الشعب الكردي و"داعش" في حلب واريافها.

الحماسة والتأكيد على ان كوباني لن تسقط بيد "داعش" في صفوف القيادات الكردية في لبنان ومعها قيادة المقاومة واحزاب 8 آذار مردهما الى المعنويات العالية التي يمتلكها ما يناهز الـ 3000 مقاتل بينهم ( 300 امرأة) من مجموعات حماية الشعب الكردي التي تقاوم ببسالة عصابات "داعش". اذ يستلهم مقاتلو كوباني تجربة حرب الشوارع والكمائن من مقاتلي المقاومة ضد العدو الصهيوني ولا سيما الاستبسال في معارك عدوان تموز البرية في العام 2006. ويؤكد قائد ميداني في عين العرب ان "شارع 48 " شاهد على اكبر خسارة لعصابة داعش منذ ايام اذ احصي سقوط 200 قتيل في كمين "شارع 48" حيث اوهم المقاتلون الاكراد مقاتلي "داعش" انهم ينسحبون تحت وطأة الهجوم الكبير الذي يشنونه فما كان منهم الا ان التفوا عليهم وباغتوهم. ويشير القائد الميداني الى العثور ايضاً على اسلحة تركية ووسائط اتصال وعلى جثث تحمل بطاقات عسكرية تركية.

ويشدد القائد المذكور على ان للاتراك دوراً كبيراً في المعركة التي تحصل اذ عمد الاتراك امس الاول الى قطع الكهرباء عن المنطقة الحدودية المواجهة لعين العرب لثلاث ساعات لتسهيل تمرير اسلحة ومؤن ومعونات لمجموعات "داعش" التي تقاتل هناك. ويلفت الى ان معظم اتصالات المقاتلين الاكراد قد قطعت بفعل انقطاع الكهرباء التركية ولا سيما ان الخطوط الخلوية التي يحملونها تتضمن ارقاًماً تركية.

الحديث عن وجود مقاتلين غير اكراد في كوباني ينفيه القائد الميداني ويشدد على ان اكراد كوباني لن يستسلموا او يخضعوا للهزيمة مؤكداً ان الذخيرة موجودة ومتوفرة لحرب طويلة للغاية وفي مخازن تمت تعبئتها منذ فترة وعززت منذ بدء تطور الامور العسكرية في المنطقة. فليس معقولاً الّا توزع المهام الامنية والسياسية والاستراتيجية في معقل الاتحاد الديمقراطي الكردي وحزب العمال الكردستاني وفق منطق توزيع المهام وهنا تستلهم تجربة "حزب الله" ايضاً لجهة التسليح والتنظيم وتخزين السلاح كما كان يفعل في معقله الرمزي في بئر العبد.

سقوط عين العرب مهما كان الثمن ليس عبارة إنشائية فقط يرددها الاكراد في لبنان وفي كوباني وفي كل العالم، بل هي نابعة من معطيات ميدانية وسياسية، حيث تشير مصادر سياسية كردية الى وجود تنسيق كبير بين ايران والنظام السوري لتقديم الدعم اللازم لاكراد كوباني. بالاضافة الى الدعم السياسي والتحذير الشديد اللهجة الذي حمله مساعد وزير الخارجية الايراني للشؤون العربية والافريقية حسين أمير عبد اللهيان الى تركيا وشدد خلاله على رفض اي تدخل تركي مباشر او غير مباشر في ازمة كوباني والا اعتبر انه اعتداء على السيادة السورية ولن تسكت ايران عنه.

وتلمح المصادر الى ان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان سيزور طهران خلال ايام قليلة لاستكمال المباحثات الايرانية - التركية حول ازمة كوباني ووقف تركيا تسهيلها تدفق المسلحين والمال والسلاح عبر حدودها الواسعة منها والى العراق ومنها والى سورية. فتركيا حريصة على منع انتصار الاكراد في سورية بما له من انعكاسات معنوية على اكراد تركيا. وحريصة ايضاً على عدم التورط المباشر في حرب ضد الاكراد داخل سورية. وحريصة ايضاً على عدم الانضمام الفعلي الى التحالف الاميركي المزعوم ضد "داعش" وبين هذه الرغبات التركية، المقاومة في كوباني صامدة وفي كل سورية في وجه الارهاب وفي لبنان صامدة على الحدود الشمالية والجنوبية لا تهزها لومة لائم ولا صراخ شعبوي او سياسي او استثماري.