يبدو أن المجلس النيابي قد دخل فعلياً مدار التمديد، وبالتالي أصبح النواب على قاب قوسين أو أدنى من أن يُكتب لهم عمراً جديداً، لم يكن محسوماً للبعض منهم في حال جرت الانتخابات بشكل طبيعي وفي ظروف عادية.

وإذا كانت المشاورات السياسية ما تزال قائمة حول الآلية التي يفترض اتباعها لتأمين ممر آمن لهذا التمديد وتجاوز أي طعن يمكن أن يحصل، فإن المعطيات تؤكد بأن الأسبوع المقبل سيكون حاسماً، وأن الجلسة التشريعية التي سيكون من ضمن جدول أعمالها اقتراح النائب نقولا فتوش المؤلف من 28 صفحة تتضمن الأسباب الموجبة للتمديد للمجلس لسنتين وسبعة أشهر وأبرزها الفراغ في سدة الرئاسة إضافة الى الوضع الأمني حيث أن هناك مناطق عدة يتعذّر إجراء الانتخابات فيها.

وكان التوجّه لدى الرئيس بري تحديد جلسة التمديد هذا الأسبوع لولا مصادفة ذلك مع سفر الرئيس تمام سلام الى ألمانيا لترؤس وفد ​لبنان​ الى اجتماع دول مجموعة الدعم الدولي، وبعد أن تبلغ الرئيس بري بهذا الأمر ارتؤي تأجيل الموضوع الى بحر النصف الأول من الشهر المقبل بعد أن يكون قطار مشاورات التمديد قد قطع المسافة المطلوبة للوصول الى المحطة النهائية، كون أن «طبخة» التمديد ما تزال بحاجة الى بعض «الحواضر» المطلوبة لإنضاجها ووضعها على طبق الهيئة العامة لإقرارها.

ووفق مصادر نيابية فإن الأيام الفاصلة عن الموعد المفترض لجلسة التمديد ستكون حبلى بالمشاورات والاتصالات لضمان الأصوات المطلوبة كون أن النصاب سيكون مؤمناً وأن حظوظ الطعن ضعيفة جداً بفعل التطورات الخطيرة التي تمر بها المنطقة ومعها لبنان، إضافة الى التوجّه لاعتماد المادتين 56 و57 من الدستور بحيث يأخذ اقتراح التمديد صفة الاستعجال ويتوجب على الحكومة اصداره في خمسة أيام.

وفي رأي المصادر أن مختلف الكتل ربما تحضر الجلسة كما أن حضور الرئيس سعد الحريري غير مستبعد.

غير أن البعض منها ربما يؤمن النصاب غير أنه لن يصوّت الى جانب التمديد، كما أن هناك من سيربط انحيازه الى جانب التمديد بالاستحقاق الرئاسي، بمعنى أن يصار الى إجراء الانتخابات فور انتخاب رئيس جديد للبلاد.

أما عن سبب التفاهم على التمديد من دون التفاهم على الاستحقاق الرئاسي تؤكد المصادر أن مسألة التمديد تختلف عن الانتخابات الرئاسية، فالتفاهم الأول تم على خلفية أن الفراغ القاتل ليس بالرئاسة الأولى كون أن الحكومة ت قوم بنفس المهام التي يقوم بها رئيس الجمهورية، أما الفراغ المميت فهو في المجلس النيابي حيث كيف يمكن أن تدار المؤسسات من دون وجود مجلس نواب يراقب ويشرّع القوانين؟، مشددة على أن الفراغ في مجلس النواب يعني الفراغ في كل المؤسسات حيث أن الدستور لم يلحظ ولم يأتِ على ذكر أي آلية من الممكن اعتمادها في حال حصل الفراغ المجلسي، هذا بالإضافة الى أن الاستحقاق الرئاسي تتداخل فيه العوامل الداخلية والاقليمية والدولية، وهذه العوامل الثلاث غير متوافرة حتى الساعة لإنجاز الانتخابات الرئاسية وأن هذا الأمر قد يطول بفعل التطورات الدراماتيكية اليومية التي تطرأ على المشهدين الإقليمي والدولي واستمرار الأفق الداخلي مقفلاً.

وتلفت المصادر الى ان الرئيس بري لن يقبل بعد التمديد ان يبقى عمل المجلس على النحو الذي هو حالياً حيث يبدو وكأنه متوقف عن العمل لولا اجتماعات اللجان درس مشروع سلسلة الرتب والرواتب، وهو سيدعو الى تزخيم عمل اللجان وعقد جلسات تشريعية مكثفة للتعويض عما فات من اقرار لمشاريع واقتراحات القوانين التي تشكل رافعة للحكومة في عملها، كما انه سيحاول ابتداع افكار ربما تساعد على انضاج تسوية لانتخاب الرئيس في ما لو وجد ان الظروف الاقليمية والدولية باتت ملائمة لذلك.

كان لافتا مصادفة ذهاب النائب سامي الجميل ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الى السعودية، حيث ذهب البعض في تحليلاته على اعتبار ان هذه الزيارة منسقة وهي على ذات علاقة بمسألة الاستحقاق الرئاسي، غير ان مصادر وزارية دحضت مثل هذا التحليل وهي أكدت ان الجميل وجعجع لم يكن اي منهما يعلم بزيارة الآخر وان ذلك حصل مصادفة من دون اي تنسيق مسبق، مشددة على ان الجميل حمل معه ورقة تتضمن العديد من الاسئلة كما انه حمل الكثير من الأجوبة على اسئلة ربما تطرح عليه من الجانب السعودي هي تتعلق بالاستحقاق الرئاسي مروراً بالتمديد للمجلس وصولاً إلى هاجس الوضع الأمني.

واعتبرت المصادر ان دعوة المملكة الى كل من الجميل وجعجع لزيارتها هي بمثابة تكريس الزعامة المسيحية لدى الطرفين وان هذا الامر سيكون له نتائجه في المراحل المقبلة، مشددة على ان موضوع التمديد للمجلس ربما يصار الى بحثه اما مسألة الاستحقاق الرئاسي فإن المملكة تعلم بأن الظروف الراهنة غير مؤاتية لاتمام هذه العملية وبالتالي هي ليست في وارد مفاتحة اي مسؤول لبناني بهذا الامر الا من باب استطلاع الرأي لا اكثر ولا أقل من دون ان تأخذ موقفاً حاسماً في هذا الموضوع.

وفي رأي المصادر الوزارية ان الاستحقاق الرئاسي بات مرتبطاً منذ اشهر بالمشهد الاقليمي وطالما العلاقات متوفرة بين اكثر من دولة معنية بالملف اللبناني، فإن هذا الاستحقاق سيبقى على رف الانتظار الى حين نضوج التسوية الكبرى على مستوى المنطقة برمتها.

وتخلص المصادر الى اننا سنكون في المرحلة القادمة أمام مرحلة سياسية حافلة بالتعقيدات مصحوبة مع توترات أمنية يؤمل ان تبقى رقعتها محدودة.