تعليمات «أبو مازن» للفلسطينيين الحفاظ على أمن وسيادة لبنان

سنوقع على «ميثاق روما» مقدمة للانضمام إلى «محكمة الجنايات الدولية»

غزة مدمرة وما حدث في العدوان الإسرائيلي هزة أرضية

للإسراع بتشكيل «هيئة أمنية عليا» بمشاركة مصر لدراسة واقع الأمن في غزة

نطالب جميع العرب والمسلمين الإيفاء بالتزاماتهم تجاه القدس والمسجد الأقصى

تتعدد وتتشعب الملفات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، بحيث تتجاوز الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، لتتصل باللاجئين الفلسطينيين داخل الوطن وفي الشتات...

وفي ظل التشرذم العربي، تتجسد الوحدة الداخلية الفلسطينية، التي أعطت نتائج إيجابية على أكثر من صعيد، كان المتضرر الأول منها الاحتلال الإسرائيلي، الذي رد على هذه الوحدة بأشكال متعددة، وصولاً إلى العدوان على قطاع غزة...

ومع إعلان حكومة الوفاق الوطني برئاسة الدكتور رامي الحمد الله، مكرسة الخطوات العملانية لإنهاء انقسام الداخل الفلسطيني، كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي ترد على ذلك بتصعيد ممارساتها في القدس واستباحة الضفة الغربية، والعدوان على قطاع غزة، وهو ما أضاف مهمة جديدة إلى مهمات الحكومة، بل تكاد تكون في سلم الأولويات، وهي إعادة اعمار قطاع غزة، بعدما كانت مهمة الحكومة، إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية الفلسطينية، بعد إنهاء الانقسام وتوحيد الضفة الغربية وقطاع غزة تحت سلطة حكومة واحدة شكلها الرئيس الفلسطيني محمود عباس برئاسة الدكتور الحمد الله، الذي كان يتولى مهام أمين عام «لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية العليا»، التي أنجزت مهامها في قطاع غزة تمهيداً لإجراء الانتخابات في أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية...

رئيس الوزراء الفلسطيني، قام بزيارة خاطفة إلى لبنان ممثلاً الرئيس «أبو مازن» للمشاركة في تشييع رئيس مجلس إدارة شركة «c.c.c» الدكتور سعيد توفيق خوري، وتخللها لقاءان مع رئيسي مجلسي الوزراء تمام سلام والنواب نبيه بري، تم خلالها التطرق إلى مختلف القضايا اللبنانية والفلسطينية والعربية، وصولاً إلى ملفات في المنطقة...

الحمد الله لم يدلِ بأي تصريح خلال زيارته، وخص «اللـواء» بحوار خاطف، أجاب فيه بصراحته المعهودة على جملة من الأسئلة التي تشمل ملفات متعددة في مقدمها:

- واقع الفلسطينيين في لبنان والعلاقات مع الدولة اللبنانية.

- مؤتمر إعادة اعمار قطاع غزة، ومدى احتمال إيفاء الدول المانحة لتعهداتها، وزيارته الأولى إلى القطاع كرئيس للحكومة، وعقد مجلس الوزراء هناك.

- مدى الجدية في استمرار تنفيذ بنود المصالحة الفلسطينية بين حركتي «فتح» و«حماس» التي ترعاها جمهورية مصر العربية.

- كيفية مواجهة الاستباحة الصهيونية للمسجد الأقصى والقدس، داخلياً، وإسلامياً وعربياً، ومع دول ومؤسسات دولية.

- موعد توجه فلسطين إلى مجلس الأمن الدولي، وما هي احتمالات النجاح أو الاعتراض الأميركي، ومتى سيتم التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية لمقاضاة «إسرائيل» على جرائمها.

- كيفية اجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية الفلسطينية، وما هو الموعد المتوقع لذلك.

هذه الأسئلة أجابه عليها الحمد الله في هذا اللقاء الخاص...

أمن لبنان من أمن فلسطين

يوضح الحمد الله ما بحثه خلال زيارته لبنان: «نقلت تحيات الرئيس «أبو مازن» إلى الرئيس تمام سلام والرئيس نبيه بري، وتحدثنا عن مدى التعاون والتنسيق ما بين الرئاسة الفلسطينية و​الحكومة الفلسطينية​ مع الحكومة اللبنانية الحالية، لضمان الاستقرار في لبنان، وكما نقول دائماً نحن ضيوف في لبنان، التعليمات من الرئيس «أبو مازن» لجميع الفلسطينيين في لبنان الحفاظ على أمن وسيادة لبنان، لأن أمن لبنان من أمن فلسطين. وبحثنا أيضاً أوضاع المخيمات في لبنان، كما في كل زيارة لمسؤول فلسطيني إلى لبنان، ونأمل أن تكون هنالك إجراءات من جانب الحكومة اللبنانية لمساعدة الفلسطينيين اللاجئين في لبنان».

تنفيذ تعهدات إعادة اعمار غزة

وعن مؤتمر الدول المانحة الذي عقد في القاهرة خلال شهر تشرين الأول الجاري بعنوان: «مؤتمر إعادة اعمار غزة»، بتنسيق بين جمهورية مصر العربية ودولة النروج والسلطة الوطنية الفلسطينية، يقول رئيس الوزراء الفلسطيني: «بداية نشكر جمهورية مصر العربية على استضافة هذا المؤتمر الهام، ونوجه الشكر أيضاً لدولة النرويج لترتيبها المؤتمر. وكما تعلم كان هنالك تعهدات وليس التزامات، تعهدات بـ 5.4 مليار دولار، نصف هذا المبلغ لصالح إعادة إعمار قطاع غزة لمدة 3 سنوات، والنصف الآخر يذهب للصرف على قطاع غزة والقدس الشرقية والضفة الغربية لمدة 3 سنوات أيضاً».

ويستطرد بالقول: «لكن تجربتنا في العامين 2009 و2012، أن معظم المبالغ التي تم الإلتزام بها تلك الفترة لم يتم الإيفاء بها، لأسباب كثيرة، وأهمها أن الدول المانحة كانت تقول أنها تريد أن تتعامل مع حكومة واحدة، وفي تلك الفترة كان هناك حكومتان (رام الله وغزة)، ولكن الآن هذا العذر قد سقط، خاصة أن هنالك حكومة وفاق وطني متفق عليها من كافة الأطراف الدولية، فنأمل أن يأتي هذا المبلغ أو أجزاء منه بداية بالسرعة الممكنة حتى نتمكن من بدء الإعمار خاصة وأننا على أبواب فصل الشتاء حالياً».

وعما إذا كانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي ستعيق دخول المساعدات، وما السبل لإنهاء الاحتلال على أراضي الدولة الفلسطينية، يقول رئيس الوزراء الفلسطيني: «نحن كحكومة فلسطين، وكحكومة وفاق وطني، وأيضاً الرئيس «أبو مازن»، نطالب برفع دائم للحصار، لا يكفي أن يكون هنالك اتفاقية تم التوصل إليها مع الأمم المتحدة لإدخال المواد إلى قطاع غزة، وهذه المواد تخضع لرقابة من قبل الأمم المتحدة، لكن ما نريده الآن هو رفع كامل الحصار، حتى أن السقف الفلسطيني حالياً التخلص من الاحتلال الإسرائيلي».

وعن احتمالات توجه فلسطين لطلب الحماية الدولية يقول: «بعد 48 سنة من الاحتلال، كفى لهذا الاحتلال، علينا الآن أن نطلب الحماية الدولية حتى تكون خطوة مقدمة لإنهاء الاحتلال، لكن الآلية التي تم الاتفاق عليها بين الأمم المتحدة و«إسرائيل» تسمح بدخول البضائع، ولكن هذه البضائع، وبالأخص مواد البناء، تخضع لرقابة الأمم المتحدة التي تشرف عليها».

زيارة غزة

يشعر الحمد الله بألم لمدى بشاعة ما شاهده من تدمير اسرائيلي خلال العدوان الأخير على قطاع غزة، وإن كان سعيداً لتمكن حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني من زيارة القطاع، وعقد جلسة لمجلس الوزراء هناك (9 تشرين الأول 2014)، وهو ما يعتبر إنهاءً للانقسام الفلسطيني، وتكريساً لمبدأ عودة سيطرة حكومة واحدة بين الضفة الغربية والقطاع، ويقول: «بالتأكيد هي ليست زيارة، هي تواجد للحكومة في قطاع غزة، حيث تواجدنا ليوم ونصف اليوم داخل القطاع، ما رأيناه كان منظراً رهيباً، دمار شامل، حياة بؤس، مستوى الفقر عالٍ جداً، وكذلك البطالة، والآن حان وقت العمل، نريد أن نحصل على هذه التعهدات التي حصلنا عليها من الدول المانحة حتى نبدأ الاعمار، الشعب الفلسطيني في قطاع غزة يستحق منا الكثير».

ويستطرد: «لا شك أن الاستقبال الذي استقبلنا به في قطاع غزة، هو استقبال عاطفي، وأثّر فيّ كثيراً وزملائي الوزراء، هذا يحتم علينا المزيد من العمل حتى نغيث وننقذ غزة التي تعاني من قطع الكهرباء والمياه وحتى الطرقات، ما حدث في 2014 هو هزة أرضية بالواقع، حيث أزيلت مناطق بالكامل. ولقد قمنا بزيارة حي الشجاعية وبيت حانون، وآمل في المرات القادمة من زيارة خزاعة والمناطق التي تمتد بها بشكل كامل، ولكن غزة بالواقع الآن هي مدمرة، فهي تريد الكثير ويجب علينا تقديم الكثير، ومن هنا أطالب جميع الدول التي أعلنت عن تبرعاتها بالإيفاء بهذه التبرعات حتى نستطيع أن نغيث ونعيد ما دمره الاحتلال، ونعمر غزة».

الدور المصري هام

ولأن الوفاق الوطني الفلسطيني هو السمة الأساسية في إفشال مخططات الاحتلال الإسرائيلي، فكان من ثمرة ذلك توقيع المصالحة الفلسطينية في القاهرة بين حركتي «فتح» و«حماس» والفصائل الفلسطينية، وهو ما أنهى الانقسام، لكن تنفيذ ذلك احتاج إلى اجتماعات ميدانية مكوكية تولى القيام بها وفدين من الحركتين برئاسة عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» ومسؤول وفد المفاوضات عزام الأحمد وعضو المكتب السياسي لحركة «حماس» ومسؤول وفدها موسى أبو مرزوق، والتي توجت بالتوصل إلى وضع الخطوات العملانية، وتشكيل حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني الذي أعلن الرئيس محمود عباس «أبو مازن» عن تشكيلها برئاسة الحمد الله، وعن الدور المصري في الاستمرار بمتابعة تنفيذ بنود الاتفاق الفلسطيني يقول رئيس الوزراء الفلسطيني: «الدور المصري هو دور مهم جداً، فهو دائماً في خدمة القضية الفلسطينية ليس منذ اليوم، منذ بداية الاحتلال عام 1967، ومنذ بداية النكبة عام 1948، ومصر تقدم للشعب الفلسطيني وللقيادة الفلسطينية. لا شك أن اتفاق القاهرة هو اتفاق ملزم لجميع الأطراف، نأمل أن يكون هناك متابعة لبنود هذا الاتفاق، خاصة بالموضوع الذي يختص بالأمن، اتفاق القاهرة نص على تشكيل «هيئة أمنية عليا» تكون جمهورية مصر العربية طرفاً في هذه اللجنة، نحن بحاجة إلى تشكيل هذه اللجنة حتى ندرس واقع الأمن في قطاع غزة، وكيفية عمل حكومة في ظل منظومة أمنية تقوم الحكومة بالإشراف عليها».

لحماية الأقصى

ولأن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي تجاوزت كل الخطوط الحمر، سواء بالنسبة للاستمرار ببناء المستوطنات وتجريف الأراضي وقطع الأشجار وتهويد القدس، وتكثيف محاولات الاعتداء على المسجد الأقصى، فإن هذه الملفات شكلت نقطةً محورية في الحديث مع رئيس الوزراء الفلسطيني الذي يشير إلى أن «مدينة القدس تتعرض لأقسى أنواع الاعتداءات، حيث يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى ما يسمى التقسيم الزماني والمكاني، الآن المسجد الأقصى يغلق الساعة 7:30 صباحاً حتى 11:30 صباحاً، في هذه الفترة يسمح لليهود، وبعدها يفتح للمسلمين لصلاة الظهر. الواقع الآن أن «إسرائيل» تكرس التقسيم الزماني، وإذا ما نجحت ستنتقل إلى التقسيم المكاني الذي عملت به في الحرم الإبراهيمي في الخليل، نحن كشعب فلسطيني نقوم بما علينا، حيث هناك الكثير من المرابطين الذين ينامون كل ليلة في المسجد الأقصى للدفاع عنه، والمرابطون فلسطينيون من كافة المناطق، لمن يستطيع الوصول، كما طلب منهم الرئيس «أبو مازن»، نطلب الوصول إلى المسجد الأقصى للمكوث فيه والإقامة فيه، وكما نعلم الأقصى هي أرض إسلامية وعربية، نطالب جميع العرب والمسلمين الإيفاء بالتزاماتهم تجاه القدس والمسجد الأقصى، هنالك دعم مالي تم تحديده لمدينة القدس أثناء القمة العربية التي عقدت في سرت (في ليبيا 2010)، ولم يتم الإيفاء بهذا الالتزام، فالقدس بحاجة إلى الكثير من المجالات، المؤسسات الصحية والتعليمية والاجتماعية، نحن نطالب الدول العربية بتقديم ومد يد العون، بالتأكيد كفلسطينيين نقف في المقدمة، ولكن الأقصى هو أرض إسلامية جميع المسلمين مسؤولون عليه ويجب تقديم ما يستطيعوا لحمايته».

التوجه إلى مجلس الأمن

وعن الخطوات التي تنوي القيادة الفلسطينية القيام بها سواء لجهة التوجه إلى مجلس الأمن الدولي لإصدار قرارٍ ينهي الاحتلال الإسرائيلي، أو التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية، يكشف الحمد الله «نحن الآن في ضوء المشاورات، لدينا مشروع سيتم تقديمه إلى مجلس الأمن، ولكن الآن نقوم بالتشاور مع المجموعة العربية بخصوص مشروع هذا القرار، لتحديد موعد الذهاب، الذي سيكون خلال الأسابيع القادمة، ونأمل أن نحصل على تأييد 9 أعضاء حتى يعرض على مجلس الأمن، وحتى إن لم نحصل على التأييد من 9 أعضاء سنذهب إلى مجلس الأمن، ومن المحتمل أن نواجه بـ «فيتو» أميركي، ولكن بالتأكيد سنذهب إلى مجلس الأمن للتصويت على مشروع القرار، ونحن مستعدون لكل الاحتمالات، وفي حال فشلنا في مجلس الأمن سنذهب إلى كافة مؤسسات الأمم المتحدة، وسنوقع على «ميثاق روما» الذي هو مقدمة للانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية».

إجراء الانتخابات

رئيس حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني الدكتور الحمد الله، الذي كان أميناً عاماً لـ «لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية العليا» للتحضير للانتخابات الرئاسية والتشريعية قبل تعينيه رئيساً للوزراء، ومن مهامها تنفيذ ذلك، يوضح: «لولا أن حصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كان من مهام حكومة الوفاق الوطني التي تم تشكيلها بتاريخ 2 حزيران/يونيو 2014 إجراء الانتخابات خلال 6 أشهر، لكن بسبب العدوان الإسرائيلي حدثت أولويات أخرى، وهي إعادة الاعمار، ولكن كما ذكر الرئيس «أبو مازن» قبل أيام سنجري انتخابات حال استقرار الوضع في قطاع غزة، الانتخابات هي مطلب رسمي وشعبي، ونحن نشهد بالديمقراطية الفلسطينية التي أجرت انتخابات عامي 2005 و2006 والحكم المحلي عام 2012، نحن فخورين بأننا شعب ديمقراطي. الانتخابات لها أولويات للقيادة حالياً، لكن قبل ذلك نريد أن نبدأ بإعادة اعمار قطاع غزة».