لا أولوية تشريعية تعلو على أولوية سلسلة الرواتب، يقول النائب ابراهيم كنعان. بالنسبة إليه، لا مبرر لعدم تحديد موعد لجلسة تشريعية في أقرب وقت، باعتبار أن اللجان المشتركة عالجت الثغر التي علقت الهيئة العامة اقرار السلسلة بسببها. يقول إنّ التذرع بالإيرادات للعودة إلى النقطة الصفر ليس منطقياً

الاستمرار في البحث عن جنس الملائكة في ​سلسلة الرتب والرواتب​ في هذه الظروف الدقيقة بالذات سيطيّر المشروع من دون عودة. هذا ما يحذر منه أمين سر تكتل التغيير والتغيير النائب إبراهيم كنعان، مؤكداً أنّه لا يجوز في أي حال من الأحوال إبقاء الناس في حالة ضياع «لا معلقين ولا مطلقين». برأيه، الإرادة السياسية وحدها قادرة على إخراج السلسلة من عنق الزجاجة.

يضيف إنّ خيار الذهاب إلى الهيئة العامة بات طريقاً إجبارياً اليوم قبل الغد، بعدما حسمت اللجان المشتركة، بالمبدأ، الثغرتين العالقتين، أي بت عدم فصل جداول العسكريين عن سلسلة المعلمين والموظفين وإقرار المساواة بين القطاعين التعليميين الرسمي والخاص.

لكن هناك من يقول إنه لم يحصل توافق نهائي بشأن هاتين النقطتين؟ يجيب: «ليس صحيحاً، وأستطيع أن أحيل الجميع على محاضر اللجان المشتركة، فكل من يقول إننا لم ننجز المطلوب منا فهو، في نيّاته المبيتة، يحاول وضع السلسلة على الرف، أما في نياته الحسنة، فهو يجهل العمل البرلماني والتشريعي».

كلفة الزيادات الطارئة للعسكريين لا تتجاوز 70 مليار ليرة

ماذا عن طرح البعض خفض الدرجات من ست إلى أربع؟ يؤكد كنعان أنّه لم يحصل في جلسات اللجان أي نزاع بشأن الدرجات الست، وكل ما في الأمر أنّ البعض رأى من الحكمة تأجيل الحديث عن الدرجات في انتظار معرفة كلفة زيادات العسكر، وعليه أقر مبدأ وحدة التشريع وعلّقت آلية الدفع والاحتساب لبتها في الجلسة التشريعية.

لم يكن مطلوباً، بحسب كنعان، من اللجان أن تعود إلى منهجية مناقشة كل بند من بنود المشروع، بدليل ما قاله رئيس مجلس النواب نبيه بري في يوم الجلسة التشريعية إنّه سيعيد المشروع بسبب وجود ثغر وبعدما تراكمت على مكتبه الاعتراضات والملاحظات من السلك العسكري والقطاع التعليمي الخاص.

أما عند الحديث عن أنّ التعديل الجديد سوف يعيد فتح ملف الإيرادات من جديد، فهذا الأمر حتى لو كان صحيحاً ينبغي ألا يحصل في اللجان المشتركة، كما يقول كنعان، بل في الهيئة العامة، إذ «ليس منطقياً التذرع بالإيرادات للعودة إلى النقطة الصفر، وبالتالي التلاعب بحقوق الناس ومصيرهم وضرب صدقية الدولة بصورة كاملة». ومع ذلك، يجزم بأنّ الأعباء الإضافية التي ترتبها التعديلات ليست كبيرة، باعتبار أن المؤسسات التربوية الخاصة هي التي ستدفع الدرجات الست لمعلمي القطاع الخاص لا الدولة، وقد «توافقنا بالمناسبة مع المؤسسات على آلية لتقسيط الدرجات بين 3 و4 سنوات». في المقابل، لا تستدعي الزيادات المطلوبة للعسكريين «كل هذه القيامة» على حد تعبيره، «فالدراسة التي باتت اليوم في حوزة وزارة المال تقدرّ الكلفة بـ 70 مليار ليرة على الأكثر». هنا يستدرك كنعان: «إذا كانت ثمة حاجة للبحث عن إيرادات جديدة، فهناك البناء الأخضر الذي يؤمن بين 300 و400 مليار ليرة في السنة على الأقل»، لكن سيخرج من يقول إنّه إيراد غير ثابت؟ يعلّق: «هو إيراد ثابت على الأكيد، ولا يصيب ذوي الدخل المحدود».

في هذا الوقت، ينتظر كنعان مفاجأة إيجابية تماماً كتلك التي حصلت قبيل تحديد موعد جلسات اللجان المشتركة وبعيد الاجتماع التشاوري في لجنة المال، يوم الثلاثاء في 7 تشرين الأول الماضي، بحضور ممثلين عن كل الكتل السياسية ووزير التربية ونقابة المعلمين. يومها، لم يكن أحد من الكتل يظن أن الملف سيحرّك بهذه السرعة، بل «كانت مفاجأة سلبية للبعض أن يحدد موعد للجان المشتركة يوم الإثنين في 14 تشرين الأول. كنعان نفسه كان ينوي لقاء قيادة الجيش، يوم الخميس، واتحاد المؤسسات التربوية الخاصة يوم الإثنين، إلاّ أنّه لم يفعل ذلك لكونه تلقى اتصالاً من الرئيس بري يطلب منه التواصل مع نائب رئيس المجلس فريد مكاري وتحديد الجلسة.

يراهن كنعان على ما يسميه التيار العابر للكتل الذي أمكننا تلمسه في الجلسات الأخيرة للجان، فداخل الكتلة النيابية الواحدة هناك من يريد السلسلة وهناك من يرفضها، بغض النظر عن الدور المؤثر لرئيس الكتلة، ففي وقت لا يفوّت فيه رئيس كتلة تيار المستقبل فؤاد السنيورة على سبيل المثال أي مناسبة لتفجير السلسلة، تبرز أصوات داخل الكتلة مؤيدة للمشروع يبنى عليها.

لكن هل الخلاف سياسي بحت؟ أليس هناك خلاف تقني؟ يجيب: «هكذا كنت أظن أن هناك خلافاً سياسياً صرفاً، لكن بعد التجربة اكتشفت أن هناك خيارين، خيار يقارب السلسلة على أنها مسألة حسابات وأرقام، وخيار ثانٍ يرى أن الموظفين ركن أساس في المعادلة الاقتصادية اللبنانية. هنا يقر بأنّ هذين الخيارين تصارعا في هذه المرحلة، وكانت الغلبة للخيار الأول الذي يقول إن السلسلة ليست أولوية، وإن ميزان النفوذ والسلطة قادر على التسويات وربط الملف الحيوي بملفات أخرى مالية، بمعنى آخر إرساء ثقافة المقايضة التي غالباً ما تؤدي إلى تجميد ملفات وتسويات تتجاوز الحقوق والقوانين