اصبح من المحرمات السياسية اللبنانية السؤال عن مصير الاستحقاق الرئاسي ..في الاصل ، لا يتمتع اي طرف في قوى 8 او 14 بترف الاعتراف بان لا جوابا واضحا لديه ..جل ما يمكن ان تسمعه من هؤلاء هو ان الملف الامني يتصدر الاولوية في زمن الارهاب الذي يعصف بلبنان والمنطقة اما باقي الملفات كرئاسة الجمهورية وغيرها فهي مجرد تفاصيل ثانوية لا مكان لها الان....

ورغم تجنب قيادات الفريقيين الغوص في الاسباب الكامنة وراء استمرار الشغور الرئاسي الا انه ثمة مفهوم جديد يراد ترويجه بين كل اطياف المجتمع اللبناني ويتمثل بتحرير "حزب الله" بما يمثل في فريق ​8 آذار​ وتيار "المستقبل" بما يمثل في فريق 14 آذار من تهمة اعاقة سير الانتخابات الرئاسية فما يقال سرا يشي بهذه الحقيقة " اذا كان المسيحي غير منظم وغير آبه بهذا الموقع ومصر على السير خلف القرار السني او الشيعي فماذا نفعل له" ؟

طبعا هذا الكلام لا يعني ابدا ان بامكان المسيحي الانتفاض والخروج من تحت عباءة القوى المتحالف معها، الا انه مطالب بتسجيل موقف قد يعزز من موقعه ويضغط باتجاه اجراء هذه الانتخابات او اقله وضعها جديا على بساط البحث ..

الغريب ايضا في اللغة السياسية الجديدة في البلد هو ابراء ذمة القوى الدولية والاقليمية من الفشل في التوصل الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية ...تصويب بوصلة الاتهام باتجاه الافرقاء المسيحيين هو العكازة التي يستند اليها الجميع للتخفيف من وقع السقطة الميثاقية المتمثلة في عدم قدرة الجهات السياسية اللبنانية ومن خلفها رعاتها في الخارج في الاتفاق على انتخاب الرئيس العتيد في مقابل الاجتماع على التمديد للمجلس النيابي تحت مبررات وذرائع مختلقة ...

الا ان تهرب معظم القوى السياسية الفاعلة في البلد بمن فيها المسيحيين انفسهم من الالتزام بمهل محددة لانقاذ الموقع المسيحي الاول في المنطقة العربية ، ومن التعبير صراحة عن الاسباب الكامنة وراء "انسداد الافق الرئاسي" على حد تعبير مسؤول بارز جدا في 8 آذار لا يسقط الاعتبارات التي باتت تتحكم بمصير هذا الاستحقاق :

اولا : في الشق الداخلي يبرز التناحر "المسيحي-المسيحي" في صدارة المعوقات التي تمنع الوصول الى تسوية مشرفة لانجاز هذا الاستحقاق ، فعدم قبول اي ماروني بالتنازل عما يعتقده حقا مكتسبا له يشكل معضلة حقيقية تعيق في مكان ما امرار هذا الاستحقاق دون اغفال واقع عدم توحد الافرقاء المسيحيين في البلد تحت راية مسيحية واحدة.

داخليا ايضا يظهر جليا بان ما يجمع حزب الله والمستقبل هو طاولة مجلس الوزراء حصرا، اما خارج هذا السقف فتبدو العلاقة متوترة الى اقصى الحدود ، واذا كانت الحكومة والمكتسبات التي يحصلها الطرفين حصرا تفرض عليهما تمرير وتجاوز الكثير الكثير من الخلافات والتباينات فان لا شيء يلزمهما بالتنازل من اجل الملف الرئاسي بمعزل عن اسبابهما الموجبة لذلك.

ثانيا : في الشق الخارجي يلفت المسؤول في 8 آذار بان لبنان يشكل ورقة رد اعتبار للدول الاقليمية التي تتنازع صلاحياته ،فلا يمكن التحدث عن لبنان وتسوية وضعه الرئاسي بمعزل عن تسوية ملفات المنطقة العربية بشكل عام من العراق الى اليمن والبحرين وسوريا يضاف اليها تحجيم دور حزب الله في الداخل السوري بشكل عام وعلى الحدود اللبنانية-السورية بشكل خاص.

بالاختصار تؤكد 8 آذار بان من ينتظر اتمام استحقاق رئاسة الجمهورية فعليه ان ينتظر ما قد يحمله الشهران الاخيران من السنة الحالية لا سيما في ظل المعلومات عن ضغط دولي لم تكتمل ملامحه بعد لانتخاب رئيس في هذه الفترة ..اما اذا فشلت هذه المحاولة الرئاسية فان جنرال "الفراغ" سيحكم لفترة طويلة وطويلة جدا..