لا تجد أوساط وزارية بأن البلاد قد تكون أمام حدث عسكري على غرار ما شهدته إحدى شوارع طرابلس من عمليات عسكرية أدت للقضاء على مجموعة شادي المولوي وأسامة منصور والتي ضمت في صفوفها عددا من المطلوبين من وجه العدالة غير الملتزمين بالأفكار السياسية أو الدينية وكذلك لعدم وجود حالة دينية انقلابية على الدولة على غرار الشيخ خالد حبلص إذ بينت الوقائع بأن مدينة طرابلس والشارع السني ينبذ هكذا مجموعات لا يمكن صبغ الطائفة بها إذ إن البلاد لا تضم في أي منطقة أخرى حالة «موسوية» أو «منصورية» وإذا ما كانت الأنظار تتجه أحياناً في اتجاه المخيمات لناحية ادراجها في هذا الصراع لوجود بعض المتطرفين فيها والمؤيدين لـ «داعش» أو «النصرة «فإن الواقع التي هي عليه لا ينذر بهكذا أحداث ، تضيف الاوساط فمخيم عين الحلوة الذي يشكل مصدر قلق يخضع لخطة عسكرية أمنية مبكلة تطبقها كافة القوى الفلسطينية في المخيم اثر وضعها من قبل مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم نظراً لموقعه الأمني وصلته المباشرة وغير المباشرة بكافة هذه القوى والفصائل وعليه يمكن القول بأن هذا المخيم لن يشكل نقطة تهديد للأمن القومي في حين أن التخوف من أنها قد تنطلق من مخيمي صبرا وشاتيلا ليست في مكانها في ظل واقع يتوزع بين وجود فصائل فلسطينية غير مؤيدة للنهج التكفيري في حين يكمن الواقع الثاني في تبدل واقعها الديموغرافي بحيث باتت تضم عائلات لبنانية وسورية يعانون واقع إجتماعي مزر ولا تتوفر في كنفها حسب المعلومات الأمنية أي أفكار عدائية تجاه الدولة اللبنانية، ولا تعيش فيها مجموعات من شأنها ان تحمل تهديدات لأمن.

وتشدد الأوساط على أن التنسيق الأمني الذي وثقه وزير الداخلية ورئيس مجلس الامن المركزي نهاد المشنوق بين القوى والأجهزة المنضوية في هذا المجلس والمتمثلة بقائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي مدير قوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، مدير الأمن العام اللواء ابراهيم عباس، مدير أمن الدولة اللواء جورج قرعة ورئيس شعبة المعلومات العميد عماد عثمان مكن هؤلاء المسؤولين والأجهزة التي يترأسونها من تطويق لا بأس به للنشاط الإرهابي دون أن يعني ذلك بأن ثمة خروقات غير مستبعدة في ظل هكذا مناخ مذهبي في المنطقة مشيرةً الأوساط إلى أن البلاد تعيش حالة أمنية تطغى على كل المناخ السياسي في موازاة جبهة عسكرية قائمة ومفتوحة في منطقة عرسال والبقاع الشمالي مع المجموعات الإرهابية وتوقفت الأوساط أمام ملف العسكريين المخطوفين الذي ينقسم إلى قسمين:

الأول: ان الخاطفين اي «النصرة» و«داعش» لم يحددا بعد مطالبهما الخاضعة للمزايدة من قبلهما اذ ما ان يرسل احدهما شرطا يسعى الاخر الى اضافة شروط بعد ان ينقض ما كان طالب به سابقا هادفين بذلك إظهار ذاتهما متشددين امام الموقوفين في رومية والبيئة العسكرية التي ينطلقون منها بهدف كسب تأييد ودعم القوى السنية المتطرفة ولذلك تتابع الاوساط وبينها الوزارية والأمنية الرفيعة انه من اجل ضبط هذا المسار التفاوضي وتحديد الشروط النهائية تمسك مدير الامن العام اللواء عباس ابراهيم المكلف من قبل الحكومة اللبنانية إنهاء هذا الملف بضرورة تسليم الخاطفين الى الوسيط القطري ورقة موحدة وموقعة من قبلهما لمعرفة كيفية المباشرة وإنهاء الملف بدلا من اضافة مطالب وتنكر الى اخرى وكذلك التباين في الشروط بين «النصرة» و«داعش» وذلك لضمان سلامة العسكريين تحسبا من قتل احدهم للضغط لاحقا نتيجة التناقض في الحسابات بين الخاطفين ولذلك كشف وزير الشؤون الاجتماعية وائل ابو فاعور بان الحكومة لم تتلقى مطالب نهائية بعد ان سعى الخاطفون الذين يتخبطون بمطالبهم لرمي الكرة في الملعب الحكومي في حين ان الجانب اللبناني مستعد للتجاوب لاعتباره بان المطالب غير مستحيلة، لكن احيانا تتبناها النصرة وترفضها داعش وعندما توافق عليها داعش احيانا تتملص منها النصرة، ولذلك شدد اللواء ابراهيم على ضرورة تسليمهما وثيقة خطية لإنهاء سريع للملف وتتضمن تعهدا ايضا بعدم قتل أيا من العسكريين وغير ذلك يكونان يريدان ان يطيلا مرحلة الخطف لأسباب متعددة وبذلك يبقى العسكريون رهينة لديهما وكذلك الأهالي الذين يمارسون ضغوطات نفسية عليهم. لا مانع من اضافة الخاطفين شروطا يومية على وقع احداث امنية بإضافة يوميا اسماء من يتم توقيفهم من قبل الأجهزة لمحاولتها العبث بالأمن ،ثم ماذا لو ضبطت القوى الامنية احد الإرهابيين خلال عملية التبادل وأدرجت المجموعات اسمه الى اللائحة لذلك فان الحكومة لا تستطيع ان تدخل في مقايضة مفتوحة وغير محددة وهو الذي يعتمد في كل انواع المفاوضات لهكذا حالات.

الثاني: إن الملفات الشبيهة التي جرى حلها سابقاً لمخطوفين اسوةً بملف الحجاج الإيرانيين في سوريا والمخطوفين اللبنانيين في اعزاز وكذلك الراهبات إستحوذ كل من هذه الملفات على أشهر عدة لحلها نظراً لتشابك الأحداث الإقليمية وحتى نضوج الصفقة المتعددة النتائج والوسائل على خط التجاذب الدولي الإقليمي التي تحولت سوريا والعراق لهما ولذلك فإن ملف العسكريين اللبنانيين لم يتجاوز المهلة الطبيعية لمثل هكذا مسألة حساسة كما لم تظهر بعد قوة إقليمية او دولية لديها مصلحة في المقايضة والتماس السياسي مع قطر عدا عن الحكومة اللبنانية والمؤسسة العسكرية اللتين يصران على استعادة العسكريين سالمين الى أهاليهم وهي مستعدة للمقايضة غير المعلنة او المباشرة مع الخاطفين من خلال قطر أسوة بالولايات المتحدة التي قايضت جنديها المخطوف بأربعة عناصر من طالبان عبر عملية لم يكن بعيدا عن مساراتها المسؤولين الأمنيين القطريين واللبنانيين الذين يتابعون معا ملف المخطوفين على مدى المنطقة منذ بداياته ولذلك يشكل تواجد اللواء ابراهيم و«رمزيته» لصلته بقوى داخلية معنية في صراع المنطقة وكذلك مع القيادة السورية على تقاطع هذه الحسابات الامنية تكاملا للتواصلات التي تتفاعل على الحلبة الإقليمية.

وتتوقف الاوساط الوزارية عند عدم وجود الطرف المتلقي للمبادرة الى جانب الدولة اللبنانية ( المبتورة الرأس لعدم انتخاب رئيس للجمهورية) من الجانب القطري في ظل غياب اي اهتمام خارجي داعم للبنان، اذ شكل الإفراج عن الإيرانيين في سوريا خطوة من جانب قطر في اتجاه طهران وشكل الإفراج عن مخطوفي أعزاز خطوة من جانب الدوحة في اتجاه الطائفة الشيعية في لبنان وحزب الله حصرا وأتى حل ملف الراهبات في اطار الرسالة تجاه المجتمع الدولي الذي كان متابع لقضيتهم ،ولكن هذه النتائج التي حققتها قطر حسب أوساط دبلوماسية عربية انطلاقا من توجيهات قيادتها بعد مخاض طويل قد تنسحب ايضا على ملف العسكريين اللبنانيين الا ان هذا النوع من الاعمال الامنية يتطلب جهودا وتحركات بعيدة من الأضواء على غرار كيفية حل الملفات السابقة لذلك تتابع الاوساط الديبلوماسية بانه من الطبيعي ان تكون الحكومة وأهالي العسكريين قلقين لكن هذا الموضوع يتابع عبر قنوات امنية جد مغلقة لا اطلاع عليه سوى للامنيين في الجانبين اللبناني والقطري اللذين توصلا سابقا لحل في هذا الحقل.