يجري الحديث بقوة هذه الأيام عن تقدم سريع في الاهتمام الأميركي بعقد جولة جديدة من مؤتمر جنيف الخاص بالأزمة السورية، وبالتوازي يحمل الآتون من واشنطن انطباعات بقرب البت بالاستحقاق الرئاسي اللبناني.

ينطلق الخبران من تقارب أميركي ضمني مع كلّ من روسيا وإيران لحلحة الأزمة السورية لتوفير مبرّرات حصر الاستهدافات الأميركية بمجموعات «داعش» و«النصرة» وعدم الاضطرار تحت ضغط الحليفين التركي والسعودي لكي يكون للغارات وظيفة في ترجمة العداء للدولة السورية والالتزام بإسقاط نظامها، والعودة إلى جنيف كمسار وحدها تبرّر الابتعاد عن هذه المهمة، بينما التسريع في حسم الرئاسة اللبنانية فيجري تقديمه كتعبير عن القناعة بأنّ لبنان على حافة الانفجار وبلا الرئاسة لا تتماسك مؤسساته الدستورية الضرورية لبقاء هياكل الدولة الأخرى بعدما أدّى الفراغ الرئاسي إلى فراغ مشابه في المجلس النيابي ما استدعى التمديد له مرتين متتاليتين.

معطيات واشنطن تقول للعارفين أنّ الرهان على إحياء جنيف تفادياً لشمول الجيش السوري بغارات التحالف الذي تقوده أميركا يتضمّن استخفافاً واستهتاراً بموازين إقليمية ودولية حاكمة تجعل قراراً متهوّراً بالتورّط باستهداف الجيش السوري، كما قال رئيس أركان الجيوش الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي في جلسة الاستماع الخاصة بمنطقة عازلة على الحدود التركية ـ السورية فتح الباب لما هو أكبر وأضخم من أكلاف ومخاطرات حرب فييتنام.

أما الخطر على لبنان فرغم أهمية إنهاء الفراغ الرئاسي الذي يجمع عليه خصوم واشنطن ومؤيدوها إلا أنّ عاقلاً لا يستطيع إغماض عينيه عن الذي جرى قبل أيام في الشمال اللبناني حيث نجح الجيش اللبناني بإنهاء حلم إمارة «داعش» و«النصرة» على ساحل المتوسط من دون المخاطرة في الوقوع في الحرب الأهلية، أو تعريض وحدة الجيش للخطر، رغم أنّ القوى التي تمثل طرابلس والشمال سياسياً من حلفاء واشنطن والسعودية لم تقدم للجيش معونة حقيقية لحشد الشارع وتحييده، بل اكتفت بالكلام الإعلامي العام ولم تبخل على الجيش بحملات النقد والتشكيك والاتهام بالانحياز واللاإنصاف.

إذا كانت واشنطن مجبرة على تفادي الصدام مع الجيش السوري بقوة المعادلات التي تحكم موازين القوى، وغير قلقة على لبنان الذي تخطى الأزمة الأصعب بلا وجود رئيس، فخصومها ليسوا قلقين على لبنان ولا من مخاطر غاراتها على الجيش السوري.

إذن ما صحة ما يُقال؟

الواضح انّ الحديث عن الرئاسة اللبنانية هو الرشوة السياسية والمعنوية لتسويق التمديد الجديد للمجلس النيابي اللبناني الذي لا بدّ من بقائه لانتظار لحظة دنو ساعة الاستحقاق الرئاسي والقول بدنو لحظة الرئاسة والاهتمام بها يسهّل على النواب والمرجعيات السياسية والروحية والمسيحية منها، خصوصاً التي ينتمي إليها موقع رئيس الجمهورية وتخشى ان يكون التمديد للمجلس النيابي صرفاً للنظر عن الرئاسة فتتمكن بهذا الغطاء من تقديم الغطاء للتمديد للمجلس.

أما سورياً فالوعد بجنيف هو الرشوة التي لا بدّ منها لما تبقى من معارضة تابعة لواشنطن لتقف على قدميها وهي تتهاوى أمام «داعش» و«النصرة» شمالاً وجنوباً وتتلاشى أمام الجيش السوري في الوسط، ويمنحها هذا الوعد بجنيف مع الدخول الاحتفالي إلى كوباني وبضع تصريحات إعلامية الأضواء التي ربما تحيي العظام وهي رميم.

الحديث عن حلول قريبة هو بروباغندا إعلامية ليس إلا.