مع ان لا اتصالات سياسية وديبلوماسية واضحة او معلنة داخليا او خارجيا تجري على صعيد ملف الانتخابات الرئاسية، يبقى الرهان لدى مختلف الاوساط السياسية على ان لحظة اختراق ما قد تحصل ربما بعد التمديد للمجلس النيابي، على رغم ضآلة المعطيات الايجابية حول هذا الامر على نحو مشابه للاختراق الذي حصل بالنسبة الى تأليف الحكومة الحالية. ولعل هذا الرهان قائم في جزء منه على ما تكشفه مصادر عليمة من ان المحاولات لم تتوقف من اجل توفير ظروف اتفاق لانتخاب رئيس للجمهورية. اذ تكشف ان فرنسا كانت ولا تزال تسعى عبر اتصالات تجريها مع كل من المملكة العربية السعودية وايران من اجل تأمين جامع مشترك يفضي الى حصول هذه الانتخابات. كما تكشف ان الدول الغربية المهتمة والمتابعة هي على اطلاع على ما يجرى من اتصالات حتى الآن من الجانب الفرنسي، وعلى ما تقول انه يتوقع ان يجري على هذا الصعيد في الايام القليلة المقبلة، على امل ان تسفر هذه الاتصالات عن نتائج ما، لكن من دون ان ترفع اي آمال او اوهام حول احتمال نجاح باريس في مساعيها. والكشف عن هذه الاتصالات انما هو للاشارة الى ان الموضوع الرئاسي ال​لبنان​ي يبقى موضوع متابعة من ضمن الحدود الممكنة، اذ يهم بعض الدول الصديقة للبنان ان يتأمن انتخاب رئيس للجمهورية يساهم في اعادة ضبط البلد تحت سقف استقرار ضروري وحيوي يقوي الثقة بالبلد وتعدديته، وذلك على رغم ان لبنان لا يحتل اولوية من ضمن سائر الاولويات الملحّة على جدول اعمال الدول الغربية الصديقة ولا هو يشكل هاجسا يقض مضاجع هذه الدول. الا ان الاسباب التي تدفع الى عدم الكشف عن تفاصيل هذه الاتصالات او الاعلان عن مسارها، انما يرتبط بواقع عدم الافساح في المجال امام رهانات في غير محلها او عدم التسبب بإرباك للدول الوسيطة، ولا سيما فرنسا لجهة احتمال فشلها في الوصول الى نتائج خصوصا ان دولا معنية بالموضوع الرئاسي المسيحي على غرار باريس رفضت لعب اي دور في اتصالات مماثلة ما دامت هذه غير مضمونة، ومن المرجح ان تتسبب بفشل او خيبة امل للدولة الوسيطة، الامر الذي لا قبل لها على تحمله. فيما باريس التي تعتبر من العواصم الاقرب الى لبنان تستطيع ان توظف اتصالاتها المتجددة مع طهران في اطار استعادة العلاقات الاقتصادية والتحضير لمرحلة ما بعد رفع العقوبات والمتواصلة مع السعودية من اجل محاولة اخراج المأزق الرئاسي اللبناني من عنق الزجاجة.

لكن على رغم ان المساعي المتواصلة التي تقوم بها العاصمة الفرنسية تسبق الاستحقاق المتمثل بالمفاوضات بين مجموعة الدول الخمس زائد المانيا مع ايران حول ملفها النووي والموعد النهائي المحدد للوصول الى اتفاق بين هذه الدول في 24 تشرين الثاني الجاري، فان المعلومات لدى المصادر المعنية تفيد بأنه من غير المجدي والمفيد الرهان على هذه المفاوضات او على نتائجها من اجل احداث خرق في الانتخابات الرئاسية اللبنانية. فالرهان على هذا الموضوع هو اشبه بالرهان الذي حصل ولا يزال ولو بنسبة اقل من الاشهر السابقة على انفتاح في العلاقات الايرانية السعودية. اذ انه فيما تصاعدت الآمال في الفترة الماضية على تواصل محتمل بين طهران والرياض نتيجة بضعة لقاءات محدودة، فان التواصل الفعلي لم يحصل قط، وفق المعلومات المتوافرة لدى هذه المصادر ولم يتم الاتفاق على اي موضوع لا بل ان الحوار لم ينطلق قط. وهو ما تلقفه الزعماء اللبنانيون بأسى لاعتقادهم بان اللقاءات التي استهلت بين الجانبين كانت ستؤدي الى توافق ما على الوصول الى انتخابات رئاسية. اما بالنسبة الى التعويل على المفاوضات النووية، فان الرهان على نتائجها او انعكاسات لهذه النتائج سيكون في غير محله كليا ايضا لان ما يجري على صعيد هذه المفاوضات لا يمت باي صلة الى موضوع لبنان او مقاربة اي ملف من ملفات المنطقة. وهو امر يفترض ان يقنع المسؤولين اللبنانيين انه من العبث الرهان حتى الآن على استحقاقات او محطات خارجية باتت تدفع الزعماء اللبنانيين اكثر فاكثر في اتجاه رهن مواقفهم بتلقف ارادة الخارج في انتخاب رئيس للجمهورية، في حال توافرت هذه الارادة في وقت ما او في اتجاه الدفع نحو اتفاق جديد على غرار اتفاق الدوحة.

من هذه الزاوية ثمة شكوك في امكان تلقف "حزب الله" المبادرة التي اطلقها الرئيس سعد الحريري في عز احداث طرابلس الاخيرة، وذلك بناء على اتصالات خارجية يتوقع ان تحصل اي في انتظار نتائجها فتترجم عندئذ في ملاقاة لهذه المبادرة في حال نجاح هذه الاتصالات في تحقيق اي نجاح. وذلك على رغم ملاحظة المصادر المعنية مقاربة "حزب الله" لضرورة الحوار وما يقال من سياسة لمد اليد لكن على نحو مواز لليد الممدودة للحريري، وليس على نحو يمكن ان تلاقيها حتى الآن. ولذلك فان ثمة تساؤلا في المقابل اذا كان يمكن تلقف الانجاز الذي حققه الجيش في طرابلس والبناء عليه من اجل مراكمة ايجابيات لمصلحة مؤسسة الجيش من جهة ولمصلحة لبنان من جهة اخرى، انطلاقا من ان عدم استثمار الانجاز الامني وتاليا السياسي من حيث العناوين التي رفعها الحريري سيكون امرا مؤسفا على صعد عدة.