بعد التوافق على سيناريو ​التمديد​ المرتقب لولاية المجلس النيابي الاسبوع المقبل ومشاركة كل الفرقاء دون استثناء بالمسرحية إن كان لجهة تأمين ما يُسمى بـ"الميثاقية" أو تحديد الأسباب الموجبة وحتى خفض سقف الاعتراض ليتحول اضطراريًا باعتبار أنّ جرأة انقلاب رئيس المجلس النيابي نبيه بري على مواقفه بين ليلةٍ وضحاها لا يمتلكها كثيرون، ينصرف أصحاب القرار حاليًا للتشاور بملف الرئاسة، وهم لن يستعجلوا هذه المشاورات لاقتناعهم بأن الظروف الاقليمية والدولية لانتخاب رئيس لن تنضج قبل الاتفاق الأميركي–الايراني المرتقب في الرابع والعشرين من شهر تشرين الثاني الحالي على الملف النووي لطهران.

ويتولى الحراك الرئاسي حاليًا كلٌ من رئيس حزب "القوات اللبنانية" ​سمير جعجع​ والنائب في حزب "الكتائب" ​سامي الجميل​ اللذين صودف أنّهما وصلا حديثا من السعودية. وتشير مصادر واسعة الاطلاع إلى أنّ المملكة تدفع وبقوة لانتخاب رئيس جديد للبلاد قبل نهاية العام الجاري وهو ما أبلغه جعجع لزواره والجميّل للقادة المسيحيين الذين يجول عليهم.

ويبدو أنّ السعودية كلّفت كلاً من جعجع والجميل بمهمات أساسية لحلحلة العقد التي تحول دون انتخاب رئيس، وقد وكّلت الأوّل بالاستفسار من مقربين من عون عن الثمن الذي يطلبه للتراجع عن تمسكه بموقع الرئاسة، فيما طلبت من الجميل العمل على نسج استراتيجية متكاملة تسهّل المهمة بعد اجتماعه مع الأقطاب المعنيين واستمزاج آرائهم ورصد الحلول التي يطرحونها للأزمة.

الثمن الذي سيطلبه عون يعلم المعنيون جيدًا أنّه سيكون كبيرًا جدًا، حتى انّه حتى الساعة رفض الخوض فيه لاقتناعه أنّه قادر على رفع سقف مطالبه أكثر فأكثر وأن الوقت لا يزال متاحًا حتى نهاية الشهر الجاري كي يتمسك بترشيحه.

لكنّ عون يُدرك تمامًا أنّ هذا المبدأ سيسقط قريبًا وبالتالي بدأ يبحث مع مقربين منه وباطار حلقة ضيقة جدًا بأثمان تراجعه عن الرئاسة. ويتصدر لائحة الأثمان قانون جديد للانتخابات النيابية، وإعطاؤه الحق الحصري لتسمية الرئيس المقبل للبلاد.

وقد أعرب جعجع أمام زواره مؤخرًا عن رفضه ما يتم تداوله في وسائل الاعلام عن مقايضة رئاسة عون بالتسليم بجبران باسيل "سوبر وزير" في السنوات الـ6 المقبلة وتعيين قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز قائدا للجيش. فـ"الحكيم" قد يقبل على مضض بالشرط الاول لكنّه يرفض حتى مجرد التفكير بالشرط الثاني لاعتباره روكز حزبيًا وبالتالي من غير الممكن أن يكون على رأس المؤسسة العسكرية في مرحلة مفصلية تمر بها البلاد والمنطقة.

ويُنتظر أن يكشف النائب الشاب سامي الجميل في الأيام المقبلة ومباشرة بعد التمديد عن "مبادرة رئاسية" لا يزال يضع اللمسات الأخيرة عليها.

وتتوقع مصادر واسعة الاطلاع أن يعتمد كلّ الفرقاء دون استثناء مقاربة جديدة بالتعاطي مع الملف الرئاسي مطلع شهر كانون الأول المقبل بعد تبلور التوجهات الاقليمية على خلفية الاتفاق الاميركي–الايراني على البرنامج النووي لطهران، لافتة الى أنّه سيكون هناك ردات فعل اقليمية مباشرة على الاتفاق والارجح سيكون هناك من يُشاغب، على أن تتضح معالم الصورة تماما بعد ذلك وتنعكس مباشرة على الاستحقاق الرئاسي في لبنان.

وحتى ذلك الوقت، سيُتقن السياسيون فنّ تمرير المرحلة بأقل اضرار ممكنة وخصوصًا على الصعيد الأمني، ولعل تفرغ رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" النائب وليد جنبلاط لموقع "تويتر" انعكاس مباشر لتوقف العجلة السياسية خلال المرحلة الراهنة، وهو محركها الاساس.