اذاً، تعرف واشنطن انّ الرئيس الأسد يستفيد من هجمات الولايات المتحدة على «داعش» وتستمر في ذلك…

هذا ما أكده وزير الدفاع الاميركي تشاك هاغل في تصريحه حيث قال: «إنّ الرئيس السوري بشار الأسد قد يستفيد من الهجمات التي تشنها الولايات المتحدة على مقاتلي داعش،» لكن السياسة الأميركية لا تزال تؤيد تنحّيه».

يلفت في حديث هاغل ثلاث نقاط، أولها انه قال: «هجمات الولايات المتحدة الاميركية على داعش»، ولم يقل «هجمات التحالف الدولي»، وفي هذا تأكيد على سيطرة الأميركي بكلّ وضوح على العمليات العسكرية التي تجري في سورية والعراق، وعلى الدور الأقرب الى المسرحي لباقي الدول المشاركة، أما النقطة الثانية فهي عدم الحرج من فكرة ان الضربات هذه تشكل بحدّ ذاتها استفادة قد يقرأها البعض مساعدة للرئيس الأسد على محاربة الإرهاب، أو الوقوف معه في الخندق نفسه، وبالتالي فإنّ هذه الهجمات الاميركية تفيد الأسد، والاميركي يعرف ذلك ولا يعتبره مقلقاً، أو أنه قد يؤدّي الى تقوية الاسد.

ثالث نقطة والأهمّ قول هاغل إنه رغم انّ هذه الضربات قد تفيد الأسد، الا ان السياسة الاميركية لا تزال تؤيد تنحّيه…

لكن تأييد التنحّي غير السعي اليه، ففي وقت كانت الولايات المتحدة تدلي رسمياً بتصريحات تحشد لإسقاط الإسد، يبدو انّ تراجعاً ما في الإقدام او السلوك قد تبدّل، فأصبحت تؤيد تنحّي الاسد، فكيف هذا؟ وما هي مفاعيل التأييد؟

هل تؤيد تنحّي الاسد كمتفرّج؟ او كدولة تعتبر أنها معنية بإسقاط الاسد، وبخوض هذه المعركة حتى النهاية؟ أم أنّ الاميركي ربما اصبح في لحظة يعرف فيها سذاجة إطلاق تصريحات تنادي بإسقاط الأسد بعد أربع سنوات من صموده؟

كلام وزير الدفاع الاميركي مقرون مع كلام وزير خارجية بلاده جون كيري وقوله «إننا نعمل لتقوية فريق او فصيل سوري معارض لنعيد الأسد الى طاولة المفاوضات»، هو إقرار صريح بأن لا حلً في سورية سوى الحلّ السياسي الذي لا يُستثنى الرئيس الأسد منه، بل يعتبر ان لا حلّ من دونه.

الرسالة الاميريكية تقول انّ ايّ إيحاء من خلال عملياتنا ضدّ «داعش» انها تقوية او خدمة للأسد لا تحرجنا، كما انّ تركيزنا على قتال «داعش» بغضّ النظر عما ترسمه هذه الضربات من شكوك هو أولويتنا اليوم، وقد سقطت فرضية القدرة على تغيير النظام وإسقاط الأسد في سورية، وبالتالي فإنّ مقبولية النظام الحالي تقترب كلّ يوم من إعلانها أمراً واقعاً غربياً…

الاسد يستفيد وتدرك واشنطن ذلك، وهذا بمجرد وضعها الامر كفرضية جائزة الحدوث… فهل سيحذر حلفاؤها الذين تورّطوا في الحرب على سورية، واستقدموا الجماعات الإرهابية من خطورة مساهمة يد اميركية في تطويق حركة هذه المجموعات بعد كلّ ما بذل من جهود لتقويتها وبثها في أرجاء سورية والجوار؟

هذه المرة وجه الاميركيون رسالة مباشرة إلى حلفائهم في المنطقة، إلى أردوغان وقادة السعودية لن يضطروا للاعتذار عنها.

«الأسد يستفيد منا ولا يحرجنا ذلك».