في الوقت الذي كانت تنتشر فيه كلمة زعيم تنظيم "الدولة الإسلامية" ​أبو بكر البغدادي​، التي يبرر فيها الخسائر الكبيرة التي لحقت بالتنظيم في الفترة الأخيرة في العراق، بالإعتراف بأن جهاز الاستخبارات ومكافحة الإرهاب العراقية قام باختراق صفوف التنظيم، وداعياً إلى عدم قبول عناصر عراقية جديدة تريد الالتحاق بالتنظيم خوفا من الإختراق، إنتشرت على مواقع التواصل الإجتماعي معلومات عن عزل مجلس شورى "الدولة الإسلامية" البغدادي وخلع بيعته، وتنصيب خليفة سعودي الجنسية لم يتم الإفصاح عن هويته.

وقد نسبت هذه المعلومات المهمة جداً إلى المتحدث الرسمي باسم التنظيم أبو محمد العدناني، من خلال القول أنها وردت في تسجيل صوتي نشر على المواقع المقربة من "داعش"، لكن بعد البحث والتدقيق لم يتبيّن أي وجود لهذا التسجيل، ولم يتم العثور على المواقع التي قيل أنه نشر عليها.

وفي حين كانت مصادر إسلامية تؤكد، في تصريح لـ"النشرة"، أن هذا الأمر لا يمكن أن يكون صحيحاً، تلفت إلى أن ردة فعل أنصار "داعش" عليه عبر مواقع التواصل الإجتماعي تؤكد ذلك، لا سيما أن هناك شروطاً محددة لعزل "الخليفة" وهي لا تبدو متوفرة في هذه الحالة، وتعتبر أن هذا الأمر هو جزء من الحرب التي تخاض في العالم الإفتراضي، تبين أيضاً أن ما نسب إلى البغدادي غير صحيح أيضاً.

وتربط هذه المصادر، في حديث لـ"النشرة"، بين ظهور شائعة عزل البغدادي والمواقف التي نسبت اليه البغدادي، حيث تشير إلى أن المواقف التي أعلن عنها كانت صادمة بالنسبة إلى الكثيرين، لا سيما بالنسبة إلى رفض إستقبال المزيد من العراقيين في صفوف "داعش"، مع العلم أن التنظيم كان قد إنطلق من بلاد الرافدين.

وترى المصادر نفسها أن الإنتشار الواسع لـ"داعش"، يسمح بأن يكون عرضة للإختراق من قبل أكثر من جهاز إستخباراتي إقليمي وعالمي، لكنها تؤكد أن هذا الأمر سيكون له تداعيات كبيرة جداً، لا سيما أن مثل هذه التنظيمات تعتمد على السرية والثقة بين أعضائها، في حين أن ما نسب إلى "الخليفة" سوف يؤدي إلى زعزعة هذه العوامل في الفترة المقبلة، وسوف يكون كل عنصر موضع شك من قبل زملائه، وتشير إلى أن الحديث عن عزل البغدادي كان يراد منه الإستفادة من الكلام المنوسب إليه عن العراقيين وعدم الثقة بهم، من أجل إثارة العناصر العراقية في التنظيم كي تنشق عنه.

وكان مؤيدو التنظيم قد "إستنفروا" بعضهم، من أجل "غزو" "هاشتاغ": #داعش_يخلع_البغدادي_ويبايع_خليفة_سعودي، لا سيما بعد أن كان قد إنتشر بشكل كبير، لكن الأمر تحول إلى نوع من الجدل الساخر، الذي لا يوصل إلا إلى نتيجة واحدة وهي أن موضوع العزل غير حقيقي.

وفي حين كانت الشائعة تقوم على أساس أن العدناني إتهم البغدادي بالتخاذل عن نصرة المؤمنين والإنسحاب من ساحات "الجهاد"، دعمت بنقل معلومات عن مصادر اعلامية تركية قريبة من التنظيم، تتحدث عن أن شقيق البغدادي وأمين سره اختفيا منذ بداية شهر تشرين الأول الماضي، وتشير إلى أن "البغدادي هرب أكثر من 300 مليون دولار لتجار خليجيين للاستثمار".

وفي الوقت الذي اتهم أنصار "داعش" أفرادا من الطائفة الشيعية بالوقوف وراء الموضوع، أشاروا إلى أن السعوديين يدعمونه، معلقين على الموضوع بـ"فاصل فكاهي لا أكثر"، أما بعضهم فذهب إلى توجيه الشتائم إلى السعوديين عبر نفي وجودهم في صفوف "داعش"، والقول: "والله ما خبرت في #الدولة_الإسلامية سعودي كلهم جزراويه السعوديين تحصلونهم في مراقص وشقق الدعارة في دبي"، والحديث أن "من شروط الإمامة العظمى عند آل سعود أن يكون الامام سعودي الجنسية".

من ناحية أخرى، عمد هؤلاء إلى نشر "بيعات" جديدة للبغدادي من ليبيا من أجل التأكيد على إستمراره في منصبه، ودعوا إلى نشر تغريدات تؤكد مبايعة "الخليفة" وربطها بـ"الهاشتاغ" نفسه الذي يروج لشائعة عزله، في حين كان الفريق الآخر مصر على نشر المعلومات عن العزل على نطاق واسع.‏

بالعودة إلى الوثيقة التي نسبت إلى البغدادي، يتبين أن مصدرها الأساس هو بعض المواقع العراقية، التي كانت نشرتها، وتحدثت عن أن أبو حفصة المهاجري هو من تولى نشرها، ومن خلال التدقيق فيها يتضح أنها تحمل إسم "الدولة الإسلامية في العراق" في حين أن التنظيم كان قد تخلى عن هذا الإسم منذ زمن، فهو بعد الإعلان عن وجوده في سوريا دعا إلى إستخدام إسم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، ومن ثم بعد إعلان الخلافة أصبح الإسم الرسمي هو "الدولة الإسلامية"، بالرغم من أن تاريخ صدور الوثيقة يعود إلى الثاني من محرم من العام 1436 هجري (أواخر تشرين الأول الماضي).

بالإضافة إلى ذلك، تصنف الوثيقة، بحسب ما هو وارد عليها، بـ"التعميم الشرعي"، ولكن مضمونها لا يتناول أموراً شرعية على الإطلاق، وبالتالي لا يمكن أن تصنّف تحت هذا الباب بأي شكل من الأشكال.