رغم الضربة التي وجّهها الجيش اللبناني للتكفيريين في الشمال، واستمراره في عمليات مطاردتهم وتوقيفهم، مايزال لدى المواطنين بعض المخاوف من عودة الاشتباكات في أي وقت إلى بعض المناطق الشمالية، خصوصاً أن الأجهزة المختصة لم تتمكن حتى الساعة من إلقاء القبض على أبرز الوجوه الإرهابية في طرابلس والمنية، وهم: شادي المولوي وأسامة منصور وخالد حبلص، إضافة إلى تردُّد معلومات عن وجود خلايا نائمة قيد المتابعة من الأجهزة الأمنية في المناطق المذكوة، ثم جاء توقيف أربعة من قادة المجموعات التكفيرية السورية في شتورا في الأيام القليلة الفائتة، كانوا في طريقهم إلى شمال لبنان، ليعزز هذه المخاوف، لاسيما أنهم كانوا موكلين بالتنسيق بين الخلايا الإرهابية في عرسال والشمال، حسب ما يؤكد مرجع إسلامي واسع الاطلاع، ويلفت إلى أن مسعى التكفيريين إلى ربط الوضع الأمني بين هاتين المنطقتين مايزال قائماً، لتخفيف الضغط عن الأخيرة، مستبعداً في الوقت عينه إمكان نجاح ذلك بعد العملية الأمنية التي أطلقها الجيش في لبنان الشمالي.

لاريب أن المؤسسة العسكرية نجحت في تضييق هامش تحركات المجموعات المسلحة عملياً، إضافة إلى إفقادها البيئة الحاضنة، بعدما ضاق الطرابلسيون ذرعاً جراء التجاوزات الأمنية التي هددت لقمة عيشهم ومصالحهم الاقتصادية.

كذلك فرضت العملية الأمنية على القوى السياسية رفع الغطاء عن الخارجين عن القانون، بدليل توقيف مساعد الشيخ سالم الرافعي؛ أسامة عنتر، إضافة إلى مداهمة منزل بلال دقماق ومصادرة أسلحة داعي الإسلام الشهال، باستثناء المسؤول العسكري في "تيار المستقبل"؛ العقيد المتقاعد عميد حمود، المتورط بارتكابات عدة، ولم يُصَر إلى توقيفه، الأمر الذي أسهم في تعزيز حالة الإحباط التي يعاني منها التكفيريون راهناً، بحسب مصادر إسلامية عليمة.

من المؤكد أن دور الجيش في إعادة الاستقرار إلى طرابلس وسواها، وبالتالي تلبية ما يصبو إليه المواطنون، كشف عجز الطبقة السياسية الطرابلسية وفشلها، لاسيما الموجودة في الحكم، والتي شهدت الفيحاء براعايتها ودعمها 20 جولة اشتباك بين أبناء المدينة، إضافة إلى إثارة الفتن المذهبية، وأخيراً إقامة المربعات الأمنية.

ومن أجل تغطية هذا العجز، يحاول الوزير ​أشرف ريفي​ تحقيق اخترقات في الشارع الطرابلسي ومحاولة استنهاضه، من خلال القيام بجولات في أحياء المدينة، وإطلاق الكلام التعبوي لدغدغة مشاعر المواطنين، والتحامل على الجيش بشكل مباشر وغير مباشر، تارة بالمطالبة بإلغاء المحكمة العسكرية، وطوراً بالهجوم في مجالسه الخاصة على إدارة الأجهزة الأمنية، التي نجحت في إعادة الهدوء إلى الشمال.

وتلفت مصادر سياسية طرابلسية إلى أن وزير العدل يسعى إلى فرض نفسه كزعيم أول وعمود فقري لـ"المستقبل" في الشمال، ما أثار حيفظة نواب ومسؤولي "التيار الأزرق"، وفي طليعتهم النائب محمد كبارة؛ "الاختصاصي بالتحريض المذهبي، وإطلاق الخطب التعبوية، وملاحقة قضايا المرتكبين، والتوسط لدى الأجهزة القضائية لإخلاء سبيلهم، واليوم وجد أن وزير العدل يؤدي دوراً منافساً لدوره على الساحة الطرابلسية"، تختم المصادر