أشار رئيس الحكومة ​تمام سلام​ إلى انه "تحلّ علينا ذكرى الاستقلال هذا العام، ونحن غارقون في لُجّة من الهموم وفيض من الأسئلة حول يومنا وغدنا، أولاهُا أنّ مقعد الصدارة شاغرٌ بلا حقّ فلا علم يرفَع ولا سيف يشهر، ولا قائد أعلى يتأهبُ الجند أمامه لتقديم السلاح، ويحتكم أهل السياسة إليه ليقول الكلمة الفصْل، والثانيةُ الأمر هي أنّ أبناء لنا، هم من أبطالِ جيشنا وقواتنا الأمنيّة، محرومون ظلماً منذ أشهر من نعمة الحريّة.. ولن يكونوا معنا هذا العام لنرفع سويّاً راية الاستقلال التي أقسموا تحتها يمينَ الولاء".

وفي كلمة له بمناسبة عيد الاستقلال، لفت سلام إلى ان "المحافظةُ على استقلال لبنان مثلت تحدّياً دائماً على مرّ السنين، خصوصاً في المحطات الصعبة التي واجه فيها الكيان تهديدات مصيريّة. لكنّ اللبنانيين نجحوا في كلّ مرة، ولو بأثمانٍ غالية، في اجتراح تسويات تحفظ البنيان الوطنيّ"، مشددا على ان "التحدّي المطروح علينا هذه المرّة، أكبر من أي وقت مضى، فمؤسّسات نظامنا الديمقراطي معطّلة أو تكاد، وحياتُنا السياسية مشلولة، ولغةُ الحوار بيننا مكبّلة، وعلى أبوابنا تهبّ رياح المحنة العظيمة الجارية في جوارنا، مع ما يعنيه ذلك من تهديد للأمن الداخلي شهِدْنا نماذجَ منه في الآونة الأخيرة".

ورأى سلام اننا "نعيش اليوم استقراراً أمنيّاً بحدود مقبولة، بفضل الجهود الهائلة التي يبذلها الجيش والقوى الأمنيّة. كما نُسيِّرُ أمورنا ضمن حدودٍ دنيا من التوافق السياسي الذي تعبرّ عنه حكومة المصلحة الوطنيّة. لكنّ الجميع يعرف أنّ هذه الحدود، الأمنيّةِ والسياسيّة، هي حدودٌ غيرُ متينة، تحتاجُ أن نجعلَها جدراناً عالية تَدْرَأُ عنّا المخاطر وتصونُ الهيكل الوطنيّ".

كما اعتبر ان "اختلاف الرؤى حول الخيارات الوطنيّة الكبرى، وتعارُض الطروحات في شأن النظام وآليات عمله وسبل تطويره، فضلاً عن التنافس على السلطة؛ يجب ألّا تتحوّل من أدوات سياسية مشروعة إلى معاول لهدم الدولة، التي تقتضي المصلحة العليا للّبنانيين، الحفاظَ على دورها المركزي، وحمايةَ مؤسساتها وتفعيلَها وعدمَ منازعتِها دورها أو صلاحياتها. هذا يعني في المقام الأول أن نعمد، بعدما تمّ تمديد ولاية مجلس النواب تفادياً للفراغ التشريعي، إلى انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن. فقد قال الجميعُ قولَتَه في المسألة الرئاسيّة، وبات واضحاً أنّ التمترس خلف المواقف المتشدّدة من هذه الجهة أو تلك، لم يوصلْ، ولن يوصلَ، إلّا إلى طريق مسدود".

وشدد على ان "البحث الجدّي عن سبل للخروج من مأزق الشغور الرئاسي بات واجباً وطنياً ملحّاً، لأن التاريخ لن يرحمَنا إنْ نحن تركنا البلادَ مشلولةً من أجل حسابات ضيّقة". وأضاف "لقد سبّبت الخلافات السياسية المستحكمة جموداً في العمل التشريعي، وأبطأت الأداء الحكومي، وضغطت على الأوضاع الاقتصادية؛ والشرطُ الأساس لإعادة الروح إلى السلطة التشريعية وتنشيط السلطة التنفيذية وتحفيز الدورة الاقتصادية، هو تحسين المناخ السياسيّ العام، عبر إزالة المتاريس المتقابلة، وعودة القوى المتخاصمة إلى نهج الحوار، وإعادة الاعتبار الى آليات العمل الديمقراطي".

ورأى ان "أيّ إشارة إنفتاح أو مبادرة طيّبة تصدر عن أي فريق من الفرقاء في الوقت الراهن، يجب تلقفها والتعامل معها بإيجابيّة والبناءُ عليها لفتح كوّةٍ في جدار الأزمة وتحقيقِ تقاربٍ يؤدّي حتماً إلى تحسين الاجواء الداخلية"، لافتا إلى ان "معالجة الملفات الكبرى المطروحة أمامنا، تتطلّب قدراً عالياً من المسؤولية والحكمة والتضحية من أجل تغليب مصلحة الجماعة الوطنيّة على أيّ مصلحة فئوية".

وقال: "إنّ أمنَنا الوطنيّ يتعرّض منذ فترة إلى اختبارات قاسية، ومعركتَنا مع الارهاب صعبةٌ ومديدة. إنتصارُنا في هذه المعركة يتطلّبُ تعزيزَ المناعة الداخلية، والتزامَ مبدأ النأي بالنفس عن النزاعات الخارجية الذي أكدته حكومتنا في بيانها الوزاري، والالتفافَ حول قواتنا المسلحة الشرعية المولجة حماية أمننا في الداخل وعلى الحدود. كما أنّ التحدّي الكبير يكمن في ملفٍّ، تتأتى منه تهديدات إجتماعية وأمنيّة وأعباء مالية واقتصادية، هو ملف النزوح السوريّ المؤلم الذي يرزح لبنان تحت ثقْله، والذي يتطلب استنفارا وطنيّاً شاملا".