على الرغم من أنّ قوى الثامن من آذار تُصرّ، في العلن، على التأكيد أنها غير مهتمّة في كلّ ما يخصّ ​المحكمة الدولية​، تتابع بعض الشخصيات المعنية بهذا الفريق الشهادات السياسية التي يجري عرضها مباشرة على الهواء بشكل دقيق، لكنها تعتبر أن ليس هناك من جديد قُدّم حتى الساعة في شهادة عضو "اللقاء الديمقراطي" النائب ​مروان حمادة​، وترى أن "ما عُرض نشر في وسائل الإعلام العربية واللبنانية بعد أيام قليلة على إستشهاد رئيس الحكومة السابق ​رفيق الحريري​ على أنه روايات إفتراضية".

من وجهة نظر مصادر مطلعة في هذه القوى، لا قيمة معلوماتية لما قُدّم من قبل النائب حمادة على مدى الأيام السابقة، وفي حال تبين لاحقاً أن هناك معلومات جديدة لم تقدم سابقاً يجب أن توضع في سياق تضليل التحقيق، وترى أنّ المحكمة الدولية أفلست ولم يعد لديها شيء، لا بالوقائع ولا بالأدلة تقدمه، كما أن ليس لديها الإمكانية لتركيب أي ملف إلا بالإستناد إلى الروايات السياسية، التي لا تملك أي قدر من الإنسجام في عرضها، وتعتبر أن ما يحصل والتمهيد الذي سبقه للإفادات السياسية هدفه التضليل الإعلامي للرأي العام المحلي والعربي.

بالنسبة إليها، الجانب الأميركي الذي يريد الذهاب نحو مصالحات في المنطقة، يقوم باستنهاض الملفات التصعيدية بهدف الإستفادة منها في هذا المسار، وبالتالي هو يريد الحصول على إحتضان شعبي لهذه الإتهامات يواجه به المعطيات القانونية اللازمة، وتشير إلى أن ما يجري ليس أكثر من معركة إعلامية لإعادة إنتاج صورة المحكمة لتوضع كورقة تفاوض في المستقبل.

من ناحية أخرى، تنتقد هذه المصادر الروايات التي تُعرض عن الحريري، وتعتبر أنها مسيئة إلى الرجل أكثر من أي شخص آخر، عبر تصويره كرجل "جبان" لا يملك الشجاعة التي تخوله الوقوف بوجه السوري، وتؤكد أن رئيس الحكومة الراحل في يوم التمديد لرئيس الجمهورية السابق إميل لحود أبلغ أحد المقربين منه أنه لا يمكن أن يكون الشخص الذي يسعى إلى إضعاف سوريا في لبنان، وبأنه من وجهة نظره لن تقوم دولة مستقلة في لبنان قبل حصول السلام العربي الإسرائيلي في المنطقة.

وتؤكد هذه المصادر أن الحريري كان في العام 2000 يطلب من المسؤول السوري عن الملف اللبناني غازي كنعان أن يكون على لائحته في بيروت أكبر عدد ممكن من الشخصيات، التي تصنف بأنها صديقة لسوريا، والهدف من ذلك أنه اراد اظهار سوريا معه في محاربته لحود.

وتستغرب هذه المصادر كيف أن البعض يريد أن يقنع الرأي العام بأن الحريري، الذي وافق على التمديد بضغط سوري مباشر كما يقال، كان يريد خوض الإنتخابات النيابية من أجل المطالبة بانسحاب القوات السورية من لبنان، وتسأل: "إذا كان هذا البعض يسوّق أنّ الرئيس السوري بشار الأسد كان يهدد بقلب الطاولة في لبنان في حال رفض التمديد لرئيس لا يملك من الصلاحيات ما يمكن أن يؤثر على مجرى الحياة السياسية في البلاد، ماذا يتوقع منه أن يفعل في حال قلب الموازين في مجلس النواب الكامل الصلاحيات؟"، وتضيف: "من يصور الحريري بأنه لا يملك الشجاعة من أجل الوقوف بوجه التمديد هل كان يتوقع منه أن يكون رأس حربة المعركة مع سوريا عبر الإنتخابات النيابية، مع العلم أنه في رفض التمديد كان إلى جانبه القرار 1559 والمجتمع الدولي، في حين في معركة الإنتخابات النيابية ربما ما كان ليكون معه أحد؟"

واعتبرت المصادر المطلعة في قوى الثامن من آذار أن ما يعرض لا يمكن أن يستند إليه، من الناحية القانونية، لأنه يبقى روايات سياسية قد تقابلها روايات أخرى، لكن إعلامياً من الممكن الإستفادة منها في المعركة التي تخاض ضد "حزب الله" وسوريا، وتعتبر أن هذا الهدف الحقيقي من المحكمة التي بات فريقها السياسي يعتبر أنها غير موجودة، إلا أنها من دون شك تبقى أداة إعلامية وسياسية تستخدم من قبل الفريق الآخر.

في المحصلة، تشدد هذه المصادر على أن التعامل مع المحكمة كأمر واقع لن يحصل في أي مرحلة من المراحل، لا سيما أنها بالنسبة إلى قوى الثامن من آذار تصنف بأنها إسرائيلية، وتشير إلى أن محاولات إعادة الحياة إليها اليوم تندرج في السياق نفسه الذي جاء فيه تصريح المندوب السعودي في الأمم المتحدة، والهدف منها التحريض، الذي لن يؤدي إلا إلى زيادة التوتر في لبنان والمنطقة في هذه المرحلة الصعبة.