لم تشر مداولات قمة قادة مجلس التعاون الخليجي التشاورية الاستثنائية التي عقدت في الرياض الى وضع "حزب الله" على لائحة دول مجلس التعاون لـ"المنظمات الارهابية ". علمًا أنها كانت مخصصة للبحث في عودة سفراء السعودية والإمارات والبحرين إلى الدوحة، قبل انعقاد القمة الخليجية السنوية في الدوحة في 9 كانون الاول المقبل، وهذا الموقف ينسجم مع المواقف الخليجية الاخرى التي خرجت بها بيانات القمم واللقاءات الخليجية. بينما تبدو دعوة مندوب السعودية لدى الأمم المتحدة عبدالله المعلمي مجلس الأمن الدولي، منذ ايام إلى إدراج الحزب على "قائمة المنظمات الإرهابية" منفصلة عن التوجه الخليجي، حيث يضع مطلعون على أجواء "حزب الله" الداخلية موقف المعلمي في إطار الرسائل السلبية تجاه ايران وحليفها الاساسي والفاعل في لبنان وهي لا تريد ان يكون لموقفها تأثير مباشر على الساحة اللبنانية. ويأمل هؤلاء المطلعون ان لا يكون لهذا الموقف تأثير مباشر على الحوار المفترض بين تيار "المستقبل" و"حزب الله". وتشير المعلومات الى ان لا جواب من "المستقبل" حتى الساعة على الايجابية التي ابداها الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله في خطاب ليلة العاشر من محرم. فالتناقض الذي يحاول "المستقبل" ابرازه ليس الا توزيع ادوار داخله في انتظار نضوج أمر ما في العلاقات الايرانية- السعودية والذي لا يبدو انه سيكون في المدى المنظور رغم محاولة بث الرئيس نبيه بري مزيداً من الاجواء الايجابية وتنفيس الاحتقان السياسي وتحصين الاستقرار.

الرسالة السعودية السلبية من قناة "حزب الله" الى ايران يضاف اليها السعي الدؤوب لشراء موقف من فرنسا تجاه الاتفاق النووي مع دول الخمسة 1 لعرقلة الاتفاق او تأخيره، يؤكدان وفق مصادر سياسية بارزة في بيروت ان القيادة السعودية مصممة على "ربط النزاع" في المنطقة من بيروت الى صنعاء مروراً بدمشق وبغداد ولن ترضى بتجزئة الملفات كلًا حدة وهي تريد ان يكون الحل سلة متكاملة وهذا الموقف منسق ومماثل للموقف الاميركي.

وعليه لا توحي الاجواء التي تتحدث عن تقدم وإيجابية رئاسية، عملية او ناضجة او تمهد الطريق الى حل رئاسي قريب او بالحد الادنى تشكل خطة طريق واضحة، وفي هذا الاطار تعتبر المصادر ان الموقف الاخير للعماد ميشال عون (حصر السباق الرئاسي بينه وبين الدكتور سمير جعجع)، محاولة لرفع تهمة تعطيل الاستحقاق الرئاسي التي ترميها 14 آذار في وجهه وسعيه نحو الرئاسة الاولى وحصرها مسيحياً بشخصه. والمفارقة هنا ان موقف العماد عون لم يكن منسقاً مع "حزب الله" على عكس موقف تبني "حزب الله" و8 آذار الرسمي لترشيح عون في خطاب نصرالله بذكرى عاشوراء. وتفيد المعطيات الداخلية لبعض قوى 8 آذار ان موقف عون الذي يصب في باب إحراج النائب وليد جنبلاط ايضاً لاخراج النائب هنري حلو من "نادي مرشحي الرئاسة"، ارتجالي ومتسرّع ولا يخدمه ولن يكتب له النجاح وبالتالي فتح نافذة جديدة امام جعجع و14 آذار وتيار المستقبل للتصويب مجدداً على عون من "بوابة الانقلاب على الدستور وتعطيل الديمقراطية" وغيرها من النعوت.

سياسة الحوار التي يعتمدها "حزب الله" هي استراتيجية وليست تكتيكاً مرحلياً يراد منه شراء الوقت والمواقف الايجابية، استراتيجية بالمعنى العملي اذ يعتبر "حزب الله" ان الاستقرار اللبناني حاجة وضرورة ومطلب نهائي ولا يتكرس فعلياً الا بدعم الجيش والقوى الامنية وفي هذا السياق اتت زيارة النائب محمد رعد والحاج وفيق صفا الى اليرزة ولقائهما قائد الجيش وهي استكمال لموقف السيد نصرالله الايجابي تجاه الجيش والقوى الامنية في ذكرى عاشوراء وترجمة ايضاً للخطوات العملية والتنسيق بين المقاومة والجيش والذي يتم ميدانياً وبشكل دوري.

وكما ابدى "حزب الله" مرونة في اللقاء والتحاور مع تيار "المستقبل" من دون شروط مسبقة، يؤكد المعنيون فيه ان لا مانع من اللقاء مع حزب "الكتائب" الذي عبّر رئيسه امين الجميل منذ شهرين خلال لقائه احد نواب الحزب على هامش مناسبة اجتماعية، عن رغبة في التواصل والتشاور وهو الامر نفسه الذي نقله نواب "الكتائب" لنواب "الوفاء للمقاومة" اخيراً في احد إجتماعات اللجان النيابية.