يكثر الكلام عن ان المنطقة تتجه الى مزيد من التصعيد والتفجيرات في الاشهر المقبلة بسبب استمرار النشاط الارهابي وتوسعه في غير اتجاه.

ووفقا للوقائع والتقارير على انواعها فان ما يسمى بالتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الاميركية ضد «داعش» لم يحدث حتى الان تعديلات جوهرية او تأثيرا جديا على حجم التهديد الذي يشكله هذا التنظيم الارهابي وباقي التنظيمات الشبيهة له كـ «النصرة» وغيرها.

وتقول مصادر ديبلوماسية ان سيطرة «داعش» و«النصرة» واخواتهما من مجموعات ارهابية على مساحات واسعة في العراق وسوريا تشكل تهديدا حقيقيا لأمن واستقرار المنطقة بأسرها، وتنذر بمزيد من التصعيد الذي لا بدّ ان يتشظى ليطاول بلداناً ومناطق اخرى في المنطقة والعالم.

لكن المصادر نفسها لا تتوقع ان تحصل في الوقت عينه اي حرب اقليمية أكان على مستوى تداعيات الحرب الارهابية القائمة او على مستوى قيام اسرائىل بحرب لا سيما ضد لبنان.

وفي الشأن اللبناني تؤكد هذه المصادر ان القرار الدولي والاقليمي بالحفاظ على الحد الادنى في الاستقرار في هذا البلد لا يزال ساري المفعول، وهو امر واضح ينقله سفراء دول القرار وفي مقدمهم السفير الاميركي الى المسؤولين في كل مناسبة.

ووفقا للمعلومات والتقارير الديبلوماسية فإن هذا القرار الذي يحظى بدعم اميركي واوروبي، يأخذ بعين الاعتبار ابقاء لبنان تحت سقف معين من الاستقرار العام والعمل على تخفيض منسوب التداعيات عليه جراء ما يجري في سوريا والعراق.

ولا تستبعد المصادر الديبلوماسية استمرار حصول توترات عديدة ومتنقلة وضغوط امنية من قبل المجموعات الارهابية التي تجد في لبنان هدفا ايضا لتحقيق غاياتها، وتوسيع رقعة نشاطها الارهابي في المنطقة.

وفي سياق تقييم الوضع الامني العام في لبنان تنوّه المصادر عينها ان بما قام به الجيش اللبناني من انجازات امنية مؤخرا اكان في طرابلس والشمال او على مستوى ملاحقة وتوقيف مجموعات وعدد كبير من الارهابيين بينهم بعض الرموز المعروفة. وترى ان هذا يحسّن من وضع لبنان في مواجهة الخطر الارهابي من جهة، ويحصّن ساحته ويحفظ استقرارها بنسبة مقبولة وجيدة.

لكنها ترى في نفس الوقت ان التنظيمات الارهابية ستستمر في سعيها الى الضغط باتجاه لبنان لهدفين: اولا تحسين وتوسيع نفوذها في محاولة السيطرة على رقعة او منطقة تكون منطلقا لها ومتنفسا لها تجاه الضغوط التي تتعرض لها في بعض المناطق السورية لا سيما في القلمون وحمص وثانيا لممارسة الابتزاز ليس تجاه لبنان فحسب بل ايضا تجاه المجتمع الدولي ايضا.

وتكشف المصادر الديبلوماسية عمّا يمكن وصفه باتفاق او قرار دولي واقليمي يقضي بأن يبقى لبنان في وضع سياسي وامني دون حدود الانفجار الكبير على الشكل الاتي:

- ابقاء لبنان سياسيا في حالة النقاهة او الاستشفاء من دون ان يدخل العناية الفائقة او الغيبوبة.

- المحافظة على السلم الاهلي اولا والاستقرار النسبي ثانيا، والاجماع على دعم الجيش ودوره في محاربة الارهاب، غير ان ذلك لا يعني ابلاله او تأمينه من التوترات والتفجيرات الواردة في كل وقت وفي اي مكان.

وفي الخلاصة تختصر المصادر بالقول ان لبنان اليوم ليس في صحة جيدة تماما فحرارته تتراوح بين الـ 38 والـ 39 وغير مرشحة للاستقرار على الـ 37 درجة لكنه غير مرشح لمضاعفات خطيرة وقاتلة:

ومما لا شك فيه ان الإفادة من هذا القرار الدولي والاقليمي يتجسد في الوقت الحاضر بالمساعي التي يقودها الرئيس نبيه بري بالتعاون مع النائب وليد جنبلاط بحسب مصادر نيابية لتكريس الحوار بين القوى والاطراف السياسية لا سيما بين حزب الله وتيار المستقبل.

وقد وجد بري تشجيعا خارجيا ومحليا للسير في هذا التحرك واثنى عدد من السفراء الغربيين والاجانب على هذه الخطوة مؤكدين انها تتلاقى وتحسن فرص نجاح وتعزيز القرار الدولي بالمحافظة على امن واستقرار البلد وديمومة عمل مؤسساته الدستورية.

وتقول مصادر سياسية متابعة ان هناك فرصة حقيقية امام اللبنانيين لاستثمار القرار الدولي المذكور للتوصل الى تسوية سياسية غير عالية الطموح او يمكن وصفها بتسوية الحد الادنى التي تشمل استكمال وجود المؤسسات الدستورية بانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

وتضيف المصادر ان الاجواء الايجابية التي يعكسها كلام بري امام زواره مؤخرا حول مناخ تحركه تستند الى هذا الدعم الخارجي المباشر وغير المباشر من جهة والتجاوب المبدئي الذي لمسه من حزب الله «والمستقبل» مع بدء مسعاه.

وترى ان رئىس المجلس قادر على احداث خرق جدي في جدار الازمة الراهنة بحدّ ادنى من التوافق، وانه سيلقى اذا ما نجح في مهمته ترحيبا على غير مستوى وصعيد في الخارج والداخل.

وباعتقاد المصادر ان الفرصة المتاحة لتحقيق توافق الحد الادنى من جراء مسعى بري ناتجة عن عناصر عديدة ابرزها انه لا يوجد «فيتو» دولي واقليمي على ان يتوصل اللبنانيون الى تسوية خلافاتهم حول الشؤون الداخلية وانتخاب رئيس للجمهورية او توحيد جهودهم في محاربة الارهاب من خلال الجيش والقوى الامنية.

وحسب المصادر السياسية المتابعة فان عناوين الاتفاق او التسوية الجاري العمل لها ليست عناوين كبيرة لذلك فان جدول اعمال الحوار الذي يعمل عليه الرئيس بري هو «جدول المستطاع» ان صحّ التعبير.

ولعلّ ابرز نقاط هذا الجدول تخفيف حدة الاحتقان في البلاد والاحتكام الى الحوار واكمال سلسلة المؤسسات الدستورية من خلال انتخاب الرئيس العتيد، ورفع منسوب الامان في البلاد.

وترى المصادر ان المطلوب اقامة شبكة امان سياسية وامنية في البلد تتمثل باستكمال مؤسسات الدولة وديمومة عملها من جهة وبتعزيز القدرة على مواجهة الارهاب من خلال تقوية الجيش والقوى الامنية. باعتبار ان التسوية الشاملة غير متوفرة في الوقت الحاضر وهي مرتبطة بالتسوية في المنطقة.