الدروز طائفة لا تشبه سائر المذاهب الشركاء لها في الوطن .فبالرغم أن قياداتها على طرف نقيض سياسياً، لكنها تعمل جميعاً كاوركسترا متناغمة لهدف واحـد وحيد هو البقاء في هذا الشرق المتغير على الرغم من المواقف المتناقضة التي تصدر عن قياداتها بين الحين والآخر، فمنها من يدعو الموحدين الدروز في سوريا الى انتهاج سياسة النأي بالنفس والالتحاق بركاب الثورة السورية مقابل من يؤكد على بقاء الطائفة في حضن العروبة والالتزام بالنهج التاريخي للموحدين الدروز في مقاومة الاستعمار والغزوات الخـارجيـة. وتعتبر اوسـاط درزية أن الدروز في المنطقـة يعيـشون أجـواء من القلق على المصير خصوصاً أن الدروز السوريين الـذين دعموا النظام اكتشفوا أن الأخـير يعاني من هجـمة غير مسبوقة في جنوب سوريا، حيث تعيش الغالبية الدرزيـة. كذلك فإن الدروز الذين انضموا إلى الثوار فوجئوا من تحويل الثورة إلى إرهاب يقـطع الرؤوس خصوصاً الدروز المتهمـين من قبـل هؤلاء بالـردة.

الدروز السوريون في وضع لا يحسدون عليه تضيف الاوساط، ودروز سوريا يخشون المصير الاسود الذي حل بالمسيحيين والايزيديين العراقيين. ويخشى الدروز في سوريا أن يكون مصيرهم يشبه المعاناة الكردية في كوباني، حيث يستمر حصارهم وسط التجاذبات الأميركية والاقليمية المهينة للشعب الكردي المقاوم. وتضيف الأوساط الدرزية المعنية أن القلق يبلغ مداه عندما ثبت الدروز في منطقة درعا والجولان أن الأصابع الإسرائيلية ليست بعيدة عما يجري من تطورات عسكرية دراماتيكية ومدى فعاليتها في حسم النتائج .وفي هذا التطور يقارن دروز سوريا بين الدور التركي المريب في عين العرب الكردية والدور الإسرائيلي الخبيث في القرى والمدن الدرزية المنتشرة على سفوح جبل الشيخ والقنيطرة. وهنا تسأل الأوساط عن الحقيقة في المعلومات التي انتشرت اوروبيا عبر الديبلوماسية الفاعلة والعارفة وفيها أن أكراد سوريا سيهجرون إلى وطنهم الجاهز في كردستان برعاية وإشراف تركي .فهل دروز سوريا سيلجأون إلى جبل لبنان الجاهز لاستقبـالهم وإلى البقاع الغربي وصولاً إلى حاصبيا بفعل المؤامرة الإسرائيلية بعدما بلغ التنسيق الإسرائيلي مع «النصرة» حدوداً أوصلت الأخيرة إلى انتزاع المناطق على جبهة الجولان بشكل أعاد الذكريات إلى الشريط الحدودي في الجنوب اللبناني بقيادة سعد حداد. وتخشى الأوساط الدرزية ان تحصل هذه التطورات فيما الدروز يدفعون الثمن تهجيرا من وطنهم سوريا وما الكلام الذي اطلقه الوزير نهاد المشنوق عبر «سكاي نيوز» العربية بأن لبنان سيشهد العام المقبل تطورات أمنية خطيرة سوى تحذير يضاف إلى هواجس الدروز في هذه المرحلة.

ورأى مصدر مقرب من الوزير السابق وئام وهاب ان الموحدين الدروز في سوريا يخوضون صراعاً وجودياً وتاريخياً يتطلب منهم الوقوف صفاً واحدا في المحافظة على بيوتهم وممتلكاتهم واعراضهم وان يتحصنوا داخلياً لصد الاعتداءات التكفيرية التي تطاول قراهم ومنـاطقـهم.

واكد المصدر ان اللقاء بين وهاب وجنبلاط انتهى الى اتـفـاق على ضـرورة وحـدة الصـف الـدرزي وتحـديـداً في لبنان على ان لا ينعكس ما يجري في سوريا عليه، خصوصاً ان منطقة الجـبل مـهددة، وانـهم مطالبون بوحـدة الصف الدرزي، خاصة بعد التطـورات الحـاصلة في جبل الشيخ وانعاكاساتها على قرى حاصبيا وراشـيا المتـاخمة للـحدود السوريـة.

واشار المصدر الى ان وحدة الصف الدرزي قد ازعجت الفتنويين مثل «الجماعة الاسلامية» التي تلجأ بين الفينة والاخرى الى اصدار بيانات تلفيقية تتعرض لكرامة الموحدين الدروز وتاريخهم المقاوم في المشرق العربي في الوقت الذي يحاول العدو الاسرائيلي ان ينشىء شريطاً حدودياً فاصلاً يكون فيه الموحدون الدروز حراسه وهذا امر خطير ولن يقبلوا به.