في مثل هذا اليوم من الشهر المقبل يكون اللبنانيون في يوم العيد:

العائلات متحلِّقة حول بعضها، المقيمون يتمنون لو أنَّ المغتربين كانوا معهم، المغتربون يفتحون هواتفهم لمعايدة المقيمين ومنهم مَن يستخدم تقنيات السكايب ليتبادلوا بالمشاهد الحيَّة فرحة الأعياد.

سيحدث كلُّ ذلك بعد شهر تماماً، فما هي الإستعدادات لملاقاته؟

إذا كان الحديث عن استعدادات الناس، فإنَّ الناس لن يتوانوا لحظة عن الإستعداد على أكمل وجه ليكون العيد على قَدْرِ طموحاتهم وأمانيهم، فالناس ليسوا من محبي الحياة فحسب بل هُم من عشاقها، لأنَّها تليق بكلِّ لبناني صمد في هذه الأرض على رغم الحروب المتتالية، ومَن غير الصامدين في أرضهم وبيوتهم ومؤسساتهم ومكاتبهم مَن تليق بهم الحياة والأعياد؟

لكن هل يواكب المسؤولون تحضيرات الناس؟

ماذا هُم فاعلون ليكون العيد على قَدْر الآمال؟

إذا قمنا بحسبةٍ بسيطة، فماذا نجد؟

مجلس الوزراء لن يعقد أكثر من ثلاث جلسات، في ما تبقَّى من أسابيع عمل هذه السنة، لكنَّ الملفَّات المتراكمة تستلزم على الأقل ثلاثين جلسة، فكيف سيُوفِّق في هذه الحال بين قلة الإنتاج الحكومي وكثرة ما هو مطلوب منه؟

أربعة ملفات تقضُّ مضاجع السلطة التنفيذية:

ملفُّ استيراد الفيول والمناقصات المتعلقة به.

ملفُّ مناقصات الخليوي لتفادي التمديد الروتيني للشركتين.

ملفُّ جمع النفايات ونقلها ومعالجتها، وهذا الملف دونه إشكالات كثيرة بعدما انتهى العقد مع شركة سوكلين وبعدما تردَّدت معلومات عن أنَّ هناك استعدادات، لأن ترسو المناقصات على ثلاث شركات جديدة.

إضافةً إلى هذه الملفات هناك الملفُّ القديم المستجِد وهو الملف الغذائي وسلامة الغذاء، الذي يأخذ منحى تصاعدياً وتصعيدياً بعدما حفِل به من فضائح وكوارث وسموم.

هنا السؤال الذي يطرح نفسه بقوة:

كيف ستستطيع الحكومة بما تبقَّى لها من أيام عمل حتى آخر السنة أن تُنجِز كلَّ هذه الملفات والبنود؟

هذا السؤال تنطبق عليه صفة المستحيل، فهناك استحالة في أن تقوم الحكومة بكلِّ هذه الملفات مجتمعةً، وذلك يعود للأسباب التالية:

مجلس الوزراء في وضعٍ غير سليم، وهذا الواقع هو محط شكوى من رئيس الحكومة تمام سلام الذي يعاني المماحكات داخل مجلس الوزراء، لجهة الكيدية التي يمارسها الوزراء حيال بعضهم البعض. وهذه الكيدية تُعطِّل إتخاذ القرارات التي تحتاج إلى إجماع الوزراء، حتى لو كان البند متعلِّقاً بتعيين حاجب أو عامل تنظيفات.

حيال هذا الواقع، كيف يمكن الحفاظ على الحدِّ الأدنى من الإستقرار؟

ليس أمام الحكومة سوى وضع جدولٍ بالملفَّات الممكن إنجازها حتى آخر السنة، فلا تُطلِق الوعود الكبيرة والأمنيات الفضفاضة بل تكاشف الرأي العام بما يمكن أن تقوم به من بنود غير خلافية، في انتظار بلورة الأوضاع الإقليمية والدولية التي أصبح ملفُّ إنتخابات الرئاسة اللبنانية مرتبطاً بها بشكلٍ أو بآخر.

***

هذه هي الصورة، ويُفتَرض بالحكومة أن تعرف إمكاناتها المتواضعة، فتتواضع قليلاً ولا تُعطي عناوين عريضة ووعود برَّاقة لأنَّ الناس تعبوا من وعودٍ لا تتحقَّق ولا تؤدِّي سوى إلى الإحباط، فكفاهم إحباطاً.