يبدو أن فرص الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل الذي يسعى اليه الرئيس نبيه بري جيدة ومتوافرة، رغم محاولات التشويش المحلية التي رصدها رئيس المجلس في الايام الماضية اثر تسرب خبر لقائه مع الرئيس فؤاد السنيورة ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري منذ حوالى الاسبوعين.

وينقل زوار عين التينة ان هذه «المشاكسة» التي ظهرت لم تعِق مساعي بري لكنها اثرت على روزنامة بدء الحوار المذكور الذي كان يمكن ان يحصل في موعد اقرب مما هو منتظر او متوقع.

ويقول الزوار ان رئيس المجلس راض بشكل عام عن النتائج والاجواء التي جمعها حول هذا الموضوع حتى الان لا سيما على مستوى المواقف الخارجية تجاه هذه الخطوة، لكنه يحرص رغم التفاؤل الذي ابداه مؤخرا على عدم الدخول او الاعلان عن موعد وجدول ومكان الحوار قبل انهاء وحسم كل العناصر والترتيبات له.

وفي قراءة للاجواء الداخلية المتعلقة بهذه المسألة يقول مصدر سياسي مطلع ان الخلاف الحاد بين الحزب والمستقبل لا يعني انهما لا يمكن ان يلتقيا او يتفقا على مواضيع وملفات مطروحة، وان الحوار قادر على المساعدة في التوصل الى «تفاهم الممكن» بدلا من ان يبقى التواصل مقطوعا بين طرفين اساسيين على الساحة اللبنانية.

ويضيف المصدر ان الخلاف بين حزب الله والنائب وليد جنبلاط حول الازمة السورية ومعارضة الثاني لمشاركة الحزب في القتال الى جانب النظام لم يحل دون احداث نقلة نوعية وايجابية في العلاقة بين الطرفين استناداً الى معطيات اخرى يمكن ان يكون هناك قواسم مشتركة حولها.

لذلك، يرى المصدر، ان الخلاف على مسألة قتال حزب الله في سوريا لا يشكل عائقاً امام الحوار بينه وبين تيار المستقبل حول قضايا اخرى، مع العلم ان الطرفين اتفقا مؤخراً على قضية مهمة وجوهرية وهي التمديد للمجلس النيابي رغم معارضة حليف الحزب العماد عون لهذه القضية.

يضاف الى ذلك ايضا ان كلاً من الرئيس الحريري والسيد حسن نصرالله اعطى اشارة ايجابية ومشجعة للرئيس بري للمباشرة في مسعاه بعد ان اطلقا مواقف تندرج في اطار الانفتاح ومدّ اليد للآخر.

من هنا يعتقد المصدر ان هناك عناصر عديدة يمكن الافادة منها للسير في حوار يبتعد عن الخلاف حول الازمة السورية ويركز على قضايا داخلية تصب في اطار تعزيز الاستقرار السياسي والامني. وعلى سبيل المثال تأكيد التفاهم على محاربة الارهاب ودعم الجيش اللبناني في هذه المهمة، مع العلم ان هذا التوجه عبّر عنه الطرفان في مناسبات عديدة، ففي طرابلس والشمال وقف المستقبل الى جانب الجيش ضد المجموعات الارهابية، وفي البقاع ترجم الحزب وحركة «أمل» رفع الغطاء الكامل عن العصابات الاجرامية التي تقوم بأعمال الخطف والسرقة وغيرها.

كما يمكن ان يتناول الحوار المرتقب، على حد قول المصدر نفسه، قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية عديدة بدءاً من ازمة رئاسة الجمهورية، وهي الموضوع الاساسي الذي يحتاج الى وقت وجهد والى مقاربة مباشرة بين الحزب والمستقبل مع الاخذ بعين الاعتبار مواقف حلفاء الطرفين.

ومما لا شك فيه ان من بين المواضيع التي يمكن ان يتناولها الحوار قانون الانتخابات بحسب المصدر، الذي يبدو ان مقاربته من قبل الطرفين اصبحت افضل من المرة السابقة وهذا ايضا يساعد على الدفع باتجاه التوصل مع باقي الاطراف الى صيغة مشتركة.

وقبل كل شيء يقول المصدر، ان مجرد انعقاد الحوار والتخاطب المباشر بين حزب الله وتيار المستقبل يساعد على خلق مناخات حوارية وايجابية في البلاد ويساهم في تحصين المناعة السياسية في المعركة ضد الارهاب.

ويعتقد المصدر نفسه ان هناك ربما بعض المتضررين من هذا الحوار لكن الاولوية تبقى لرأي الطرفين فاذا ما صدقت النوايا انطلاقا من كلام الحريري والسيد نصرالله يمكن تحقيق هذه الخطوة من دون معوقات داخلية تذكر.

اما على الصعيد الاقليمي والدولي فيبدو ان التطورات الاخيرة تؤشر الى زيادة منسوب الايجابيات لصالح اجراء مثل هذا الحوار مع العلم ان الرئىس بري لم يخف «نقزته» عندما اطلع على ما نقل عن لسان المندوب السعودي في الامم المتحدة مطالبته ادراج «حزب الله» على لائحة الارهاب.

وينقل زوار عين التينة ان رئيس المجلس حرص على الاسراع في التقصي حول حقيقة هذا الموضوع وعلى معرفة رأي المملكة بالجهود التي يبذلها لجمع الحزب و«المستقبل» واطلاق حوار بينهما.

ولمس رئيس المجلس ان الاجواء غير سلبية الامر الذي جعله يحدد موعدا للسفير السعودي علي عواض عسيري امس للاطلاع منه بشكل مباشر ورسمي على موقف الرياض.

وتقول مصادر بري ان الاجواء كانت جيدة ومفيدة وان السفير السعودي شدد على ما ادلى به لاحقا لجهة ان المملكة ترى الاولوية التي يحتاجها لبنان هي «تعزيز وحدة صف ابنائه وحصول توافق بين كافة القوى السياسية على اجراء حوار معمق والاسراع في انتخاب رئىس جديد للجمهورية بمعزل عن الاحداث في المنطقة وانعكاساتها وعما يصدر من مواقف اقليمية او دولية لأن الحوار هو مسؤولية الاشقاء اللبنانيين دون سواهم وهو السبيل الافضل الذي يؤدي الى تحقيق المصلحة الوطنية العليا».

وحسب المعلومات ايضا فإن السفير السعودي نفى ان تكون بلاده ضد اجراء حوار بين حزب الله وتيار المستقبل، وحرص على الفصل بين موقف المملكة الحزب وبين هذا الموضوع.

كما علم ان عسيري خرج من عند بري بانطباع ايجابي وجيد مشيدا بالدور الذي يلعبه مستخدما عبارة «انه صمّام الامان».

لا بل ان اللقاء وما دار من حديث ساهم في زيادة منسوب الايجابية التي عبر عنها في تصريحه.

ووفقا لمعلومات ديبلوماسية ايضا فقد ابلغ السفير الايراني الرئىس بري في وقت سابق مع بداية مبادرته ان طهران تدعم كل ما يعزز الاتفاق والتوافق بين اللبنانيين وهي ملتزمة هذا الموقف وترحب بأي حوار بين الاطراف اللبنانية ومنها الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل.

وفي شأن الموقف الاميركي تقول مصادر مطلعة ان السفير الاميركي ابلغ الرئيس بري ومسؤولين اخرين ان واشنطن مع كل خطوة سياسية تساهم في ابقاء الوضع مستقرا وانها ترغب ايضا في كل ما يمكن ان يساعد على تعزيز الاستقرار السياسي والامني في لبنان.