نقطتان يستمدّ منهما تيّار المستقبل روحية الحوار المرتقب أن يحصل مع حزب الله ويتوزعان بين الاستحقاق الرئاسي والواقع الأمني، خصوصاً أن تيار المستقبل يمارس الواقعية والبراغماتية المبدئية التي تفرضها عليه سياسته التي يدرجها في خانة دعم الدولة ومؤسّساتها وكانت إحدى محطاتها المشاركة في الحكومة الحالية والفصل بين مسار المحكمة الدولية والانضواء وحزب الله في إطار السلطة التنفيذية محافظاً بذلك على ربط النزاع مع حزب الله على ما كان أعلن رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري أبّان مرحلة تشكيل الحكومة الحالية.

والنقطتان هما حسب أوساط مواكبة لاستعدادات «المستقبل» على ما سيعلن الرئيس سعد الحريري من مواقف عشية يوم غد الخميس من شأنها أن تشكّل توطئة لحوار موضوعي مع حزب الله الذي يحضّر له رئيس مجلس النواب ويهيّئ مناخه وزير المالية علي حسن خليل والسيد نادر الحريري مستشار الرئيس سعد الحريري دون تحديد نهائي لبنود جدول الحوار حتى حينه.

النقطة الاولى: الملف الرئاسي الذي يشكّل إعلان أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله منطلقاً له بإعلانه تبنّي ترشيح رئيس تكتّل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية اذ ان الرئيس الحريري وفق الاوساط يجد بأن قوى 14 آذار التي تؤيد ترشيح رئيس حزب القوات اللبنانيّة الدكتور سمير جعجع الى رئاسة الجمهورية كانت عمدت سابقاً الى خطوة تهدف لفتح كوة في الجدار القائم امام انجاز الاستحقاق بحيث طرح رئيس المستقبل سابقاً مبادرة تهدف للتفاهم على رئيس للجمهورية بين القوى السياسية وتحديدا قوى 8 اذار ، في حين وجّه المرشح الرئاسي جعجع عدّة مرّات دعوات لغريمه الرئاسي العماد عون، للتحاور والتفاهم وإياه على رئيس للجمهورية في حال لم تتأمن الظروف الكاملة للمبارزة الديمقراطية بينهما في مجلس النواب.

ولذلك سيكون لرئيس الحريري موقف محدد بأن طالما حزب الله متمسّك بترشيح العماد عون فإن قوى 14 آذار مصرّة على دعم ترشيح جعجع. ولذلك فان اخراج البلاد من الفراغ الرئاسي القاتل بتداعياته على المؤسّسات والبلاد يتطلّب خطوة متقدّمة من جانب السيد نصرالله تضيف الاوساط، اذا ما كان فريق 8 آذار يريد عندها الحوار اذ أنّ قاعدة الحوار الذي ينطلق منه تيار المستقبل هو اعتماد مقولة «اذا أردت أن تطاع فأطلب المستطاع» لكون الرئيس الحريري يعي جيّداً بأنّ حزب الله لا يستطيع الخروج من القتال في المستنقع السوري رغم تكرار الدعوات لكون هذه الخطوة تندرج في سياق استراتيجية الجمهورية الايرانية الاسلامية، ولان استهلاك النقاش اوالجهود للتداول في المستحيل سيكون دون جدوى ، اذا سيركز على الممكن الا وهو التفاهم على انتخاب رئيس للجمهورية.

النقطة الثانية: يشكّل الواقع الأمني منطلقاً من فكرة مرادفة للأولى ويريد المستقبل مناقشتها الا وهي حماية الواقع الأمني في البلاد والانصياع للشرعية اللبنانية بحيث تشكّل دعوات الرئيس الحريري الدائمة كخيار ثابت للالتفاف حول الجيش اللبناني في مواجهة التكفيريين والإرهابيين بحسب الاوساط، يضاف اليها ما كان أعلنه وزير الداخلية نهاد المشنوق في الذكرى الثانية لاستشهاد اللواء وسام الحسن وكرره منذ عدّة أيام مشددا على ضرورة وضع حدّ لمربّع الموت في البقاع الشمالي وللانضواء تحت سقف الدولة في المناطق الاخرى على غرار ما يحصل في مناطق تطبق عليها الدولة نظامها، فالموضوع الاساسي الذي سيشدد عليه تيار المستقبل انه لم يعد مقبولاً أن يبقى السلاح غير الشرعي والمدعوم من قوى 8 آذار أقوى من الشرعية ومعرقلاً لها سيّما أنّ الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي قادران على الضرب بيد من حديد لأي مخالف للقانون اذا قدر لهما ذلك وتجاوب حزب الله معه. لذلك فإنّ تيار المستقبل الذي يتقبّل هامشاً لدور سلاح المقاومة المندرج في خانة مواجهة اسرائيل غير موافق على أن يكون أي سلاح قادراً أن يشكّل إسقاطاً للدولة وتمرّدا عليها في العاصمة او في عدد من البقع المعروفة، في حين بدا الامر وكأنه على عاتقه فقط تحمل تداعيات تجاوزات الفريق المقابل وما رتبت قراراته من توليد للتطرف في عدة مناطق.

ولذلك ايضا سيشدد «المستقبل» في حواره على حدّ قول الاوساط، انّ الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وسائر الأجهزة الأمنية التي تلقى دعمه، تبقى الوسيلة الوحيدة والخيار الأساسي لحماية الدولة والمواطن وأي سلاح آخر لا يشكّل الضمانة الكاملة والدائمة لاي فريق على ما بيّنت محطات عدّة. لانه من غير الممكن المضي في منطق تقويض الدولة من خلال دعم قوى 8 آذار للفراغ الرئاسي وتعطيل مسار أجهزتها العسكرية والأمنية وإرهاقها بأزمات تلهيها عن التحديات الاساسية، وفي ظل الرغبة المتفاوتة الاندفاع نحو حوار غير «المشروط» بين المستقبل وحزب الله، يكون كل منهما يعمد على جس نبض الاخر وقدرته على المضي في سياسة عض الأصابع على خلفية تفاعلهما كل من موقعه مع تطورات المنطقة عسكريا،سياسيا وأمنياً والنفاذ منها لصالحه.