يزور رئيس الحكومة تمام سلام ​باريس​ رسمياً في العاشر من كانون الأول المقبل، لإجراء محادثات على جانب كبير من الأهمية، ويجدد الرئيس فرنسوا هولاند دعمه الكامل للبنان لاجتياز ما يواجهه من أخطار جراء الأزمة السورية، ومعالجة التدفق غير المنقطع للاجئين السوريين الى لبنان هرباً من المعارك بين جيش النظام من جهة وكل من المعارضة والتنظيمات الارهابية من جهة ثانية، من "داعش" الى "جبهة النصرة" وسواهما. وزيارة سلام ل​فرنسا​ هي الأولى بعد تسلمه مهمات رئاسة الحكومة، والثانية لدولة أوروبية بعد بلجيكا في الأول والثاني من الشهر المقبل.

وستكون هذه الزيارة فرصة تداول ملء الشغور الرئاسي واطلاع هولاند على المساعي التي يجريها على المستويات الثلاثة، الدولي، ولا سيما مع أميركا والفاتيكان، والاقليمي مع ايران، والعربي مع السعودية. ولا حاجة الى التذكير بأن هولاند متابع لموقف سلام الداعي القوى السياسية الى الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية من دون تباطؤ، وهو سيثني مع رئيس الوزراء مانويل فالس على الحكمة التي ينتهجها، مقرونة بالهدوء لمواجهة التشنجات داخل الحكومة من وزراء متعددي الانتماءات. وتكاد لا تمر جلسة واحدة إلا تشهد خلافات عالية النبرة بين عدد من الوزراء.

وسيركز هولاند مع سلام على أهمية الاتفاق الذي أنجز لبرنامج تجهيز الجيش بالسلاح الفرنسي وتمويل سعودي من الملك عبدالله بثلاثة مليارات دولار.

وتجدر الإشارة الى أن موفداً فرنسياً سيزور بيروت الأسبوع المقبل هو مدير شؤون الشرق الأدنى وشمال افريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو للتحضير للزيارة ولتشجيع الزعماء السياسيين على إنهاء الخلافات والتفاهم على مرشح تسوية، مادام المرشحان الحاليان غير قادرين على التنافس الفعلي في البرلمان.

وتشهد بيروت أيضاً تحركاً ​روسيا​ً يتمثل في زيارة نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف في الخامس من الشهر المقبل. صحيح أن الهدف المعلن هو حضور احتفال لجمعية الصداقة الروسية – اللبنانية، إلا أن الديبلوماسي الروسي تربطه صداقات قوية بعدد من المسؤولين الرسميين الحزبيين، وهو مطلع بعمق على أكثر من ملف لبناني ولاسيما انتخاب رئيس للجمهورية، وسينقل رسالة تشجيع في هذا المجال من مسؤولي بلاده لانجاز هذا الاستحقاق. ولم يشأ مصدر ديبلوماسي الافصاح عما اذا كان يحمل افكاراً لحل هذه العقدة، وخصوصاً بعدما أعلنت موسكو الاسبوع الماضي أهمية التعاون مع "حزب الله" والدور الذي يمكن ان يؤديه في تذليل عقدة الرئاسة الاولى، وليس من المستبعد ان يعقد لقاء مع الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله. وتوقع مسؤول مطلع ان يتطرق بوغدانوف الى الاسلحة الروسية التي قرر لبنان شراءها من بلده بقيمة 100 مليون دولار من أصل مليار دولار قدمها العاهل السعودي لمكافحة الارهاب.

وسبق أن اجتمع المسؤول الروسي قبل أكثر من اسبوع بوزير الزراعة حسين الحاج حسن في موسكو ووزير الاقتصاد ألان حكيم، وركزت الأحاديث على الاوضاع في لبنان وملء الشغور الرئاسي، والتصدي للارهاب وأخطار استمرار فتح جبهة عرسال، ومفاعيل أزمة اللجوء السوري وعدم قدرة لبنان على الاستمرار في استيعابه.

ويرى متابعون أن التحرك الفرنسي – الروسي في اتجاه لبنان عامل جيد، وأن يكن المستوى متدنياً، لكنه يمثل دولتين عضوين في "المجموعة الدولية لدعم لبنان" التي تشكلت في نيويورك من أجل دعم الاستقرار السياسي والأمني للبنان وتأمين تسليح الجيش.