على وقع الأنباء عن إحتجاز أحدهم مجموعة من الأشخاص، داخل مقهى في العاصمة الإسترالية سدني، إستفاق اللبنانيون والعرب صباح اليوم، وبدأت تتوارد الأنباء المتعددة عن هذه الحادثة التي حظيت باهتمام واسع، نظراً إلى وجود جاليات لبنانية وعربية وإسلامية كبيرة في هذه الدولة.

ونظراً إلى تداعيات مثل هذه الأعمال على هذه الجاليات في العديد من دول العالم، تخوف الكثيرون من أن تؤدي إلى موجة من الإجراءات الأمنية التي ستتخذ بحقهم، لا سيما أن التجارب التي حصلت في الماضي القريب تؤكد على هذا الأمر، ناهيك عن أن الدولة الأسترالية كانت قد أعلنت قبل مدة عن سلسلة من الإجراءات في سياق مكافحة الإرهاب، بعد بروز معلومات تتحدث عن مشاركة مواطنين من أساس أسترالي في القتال إلى جانب المجموعات المتطرفة في سوريا والعراق.

وفي هذا السياق، أحبطت الشرطة الأسترالية، في شهر أيلول الماضي، مخططاً اعتقلت على إثره مجموعة من الأشخاص اتهمتهم بالعمل على خطف أي مواطن كيفما كان ولفّه بالعلم "الداعشي" وذبحه بأحد شوارع سيدني وتصويره، إلا أن الصحافي اللبناني المهاجر رفيق الدهيبي، إلى أستراليا، لا يتوقع أن تأخذ هذه العملية المدى البعيد، حيث يراهن على وعي الشعب هناك، لا سيما أن من يقوم بمثل هذه الأفعال يأخذون الفتاوى من مراجع دينية ضيقة وليس لديهم أي تمدد كبير، وبالتالي يعتبر أن لا تداعيات تذكر.

لا ينفي الدهيبي، في حديث لـ"النشرة"، إمكانيات حصول هجمات إرهابية، ويقول: "كل شي وارد"، لكنه يتمنى عدم حصول ذلك، ويؤكد أن الأجهزة الأمنية ساهرة على أمن مواطنيها أكثر من أي دولة في العالم.

ويشير إلى أن لا إحتمالات لحصول أي تضييق على الجاليات العربية والإسلامية، خصوصاً أن الأغلبية تدرك أن هؤلاء لا يمثلون الإسلام، لكنه يؤكد أن هناك إستغلالاً يحصل لبعض الشباب المسلم، ويلفت إلى وجود مشايخ في أستراليا، لديهم مساجد وجمعيات خيرية، يستغلون الحريات الموجودة في هذا البلد، ويشير إلى أن بعضها أغلق قبل مدة في حين أن الأجهزة الأمنية تراقب البعض الآخر.

ويوضح الدهيبي أن الإستغلال يحصل عبر إيهام الشباب بأن ما يراد منهم القيام به هو واجب إسلامي، ويلفت إلى أن تعدد المرجعيات الدينية يمنع حصول حملة مواجهة مضادة فاعلة، وهي تقوم بخطوات معينة لكنها ليست كافية حتى الآن.

من جانبه، يؤكد ممثل دار الفتوى للجمهورية اللبنانية في أستراليا الشيخ مالك زيدان، أنه كمواطن إسترالي يتطلع إلى هذه الدولة على أنها بلده وتستحق كل تقدير وإحترام ومن الواجب الحفاظ عليها، لا سيما أنها تحترم الإنسانية وهي من البلاد المتحضرة وفيها الرحمة بالإنسان.

ويشدد الشيخ زيدان، في حديث لـ"النشرة"، على أن ما حصل اليوم مرفوض من كل مواطن، وهو مدان سواء كان المنفذ من العرف أو المسلمين أو الأجانب، ويصفه بالعمل اللاخلاقي والجنوني، ويلفت إلى أن من الممكن أن يكون له بعض الترددات إلا أن الحكومة واعية ومنفتحة ولا تأخذ الجريمة إلا بحق مرتكبها.

ويوضح الشيخ زيدان أن مسألة التطرف ليست إسترالية فقط بل باتت عالمية، والسبب الأساس هو الجهل وغسيل الأدمغة الذي يحصل لبعض الشباب، وينفي المعلومات عن إقفال أي مسجد في البلاد، ويشير إلى أن هناك الكثير من الأقاويل التي يتم التداول بها.

أما بالنسبة إلى مشاركة إستراليين في القتال إلى جانب الجماعات المتطرفة، فيوضح أن ذلك يعود إلى عدم المعرفة، ويلفت إلى بعضهم أدرك الحقيقة ويطلب العودة، إلا أن أحداً من الأهل لا يقبل بهذا، ويضيف: "لا نعرف من غرر بهم"، ويعرب عن تفاؤله بالنسبة إلى مستقبل الأوضاع، ويتابع: "أريد أن تبقى بلادي بلد الحرية والتقدم وفي طليعة بلدان العالم"، ويأمل أن تكون باقي دول العالم على مثالها.

في المحصلة، تتابع الجاليات العربية والإسلامية باهتمام بالغ هذه العملية، ويأملون ألا يكون لها تداعيات على أوضاعهم في المستقبل، معربين عن أمالهم الكبيرة في القوانين الإسترالية التي تمنحهم حقوقاً وحريات كبيرة.