إستعان الرئيس بري في الاجتماع الذي ترأسه أمس لتحريك ملف النفط بالمثل القائل «خير ان تأتي متأخراً من ان لا تأتي ابداً». واضاف «لقد وردتني بعض الرسائل تنصح وتدعو الى التريث في التعامل مع هذا الملف، لكنني لست مع هذا الرأي على الاطلاق فأنتم تعلمون جيداً اننا بحاجة لحوالى سبع سنوات لانتاج النفط والغاز».

ورد وزير الطاقة ارتور نظريان مؤيداً وموضحاً «ان لدينا في لبنان عوامل ايجابية اضافية، فنحن نستطيع ان نصدر الغاز والنفط براً عبر سوريا وتركيا وبيع هذه المادة بسعر ارخص».

وحول تراجع سعر البترول اليوم اوضح بري: «انها حرب اقتصادية لا تستمر طويلاً، وهي محدودة بفترة، فالحرب العالمية لا تدوم اكثر من سبع سنوات، والمهم أن نتحمل مسؤولياتنا ونسارع في استكمال الخطوات اللازمة نحو التلزيم والتنقيب والانتاج».

وهنا سارع النائب محمد قباني رئيس لجنة الطاقة النيابية الى القول «نعم دولة الرئيس، المهم أن نبدأ وهذا يعود بالمنفعة على لبنان واللبنانيين».

بهذه الروح يسعى الرئىس بري مجدداً الى تحريك ملف النفط الذي كان المبادر الاول لرفع لواء العمل من اجله منذ كلامه الشهير قبل سنوات وسنوات في احتفال تدشين مياه عين الزرقاء في البقاع الغربي، مروراً باقرار القانون في مجلس النواب في الجلسة الشهيرة التي انتقل اليها رغم اوجاعه وآلامه مباشرة من المستشفى بعد خضوعه لعملية جراحية لتفتيت البحصة، ثم اقرار انشاء هيئة ادارة قطاع النفط وانتهاء بسعيه الدؤوب لطرح البلوكات واقرار مرسومي النفط، وخوضه معركة ترسيم الحدود البحرية والصولات والجولات التي قام بها للدفاع عن كل حقنا في المياه الاقتصادية الخاصة بدءا بالتواصل مع الامين العام للامم المتحدة بان كي مون وانتهاء باجتماعه امس مع نائبه يان الياسون.

ولم يكتف رئيس المجلس بذلك بل رحب وشجع الولايات المتحدة الاميركية بما لها من نفوذ على لعب دور الوسيط لتسهيل قيام الامم المتحدة بترسيم الحدود البحرية اللبنانية لا سيما مع فلسطين المحتلة.

لماذا تحرك الرئيس بري اليوم في شأن هذا الملف الحيوي؟

تقول مصادر مقربة منه ان رئىس المجلس حصل مؤخراً على تقارير ومعلومات مهمة تتعلق بسرقة اسرائيل للثروة النفطية من مياهنا، والمحاولات الجارية في المنطقة للتطاول على حقوقنا في ظل التراخي والتأخير المستمر باستكمال خطواتنا الرامية الى الافادة من ثروتنا النفطية.

وقد حرص خلال اجتماع الامس، تضيف المصادر، على عدم الكشف عن تفاصيل هذه التقارير والمعطيات، مركزاً على وجوب تعاون المجلس النيابي والحكومة وكل المسؤولين والاطراف اللبنانية من اجل تحمل لبنان كامل مسؤولياته للاسراع في التدابير والخطوات لا سيما اقرار مرسومي النفط وقانون الضرائب.

وحسب المصادر المطلعة ان هذا التراخي اللبناني في التعامل مع ملف النفط اخذ يهدد سمعة لبنان وجديته في سعيه لاستثمار هذه الثروة وينعكس سلباً على كبريات الشركات العالمية التي اهتمت ورصدت موازنات كبيرة وحرصت ان تكون من اوائل الشركات المصنفة عالمياً للمشاركة في المناقصات حول نفط لبنان. وقد بدأت تسود حالة من الاستهجان والتململ لا بل تولدت الشكوك لدى هذه الشركات تجاه جدية ونوايا لبنان الرسمية.

والى جانب ذلك، وهذا هو الاخطر، تقول المصادر، اغتنام اسرائىل وعملها الدؤوب للامعان في الاعتداء وسرقة الثروات اللبنانية، خصوصاً ان تاريخها حافل في هذا المجال ان كان على صعيد ما اقدمت وتقدم عليه من احتلال اهم منابع المياه في مزارع شبعا، او على صعيد ادعاءاتها اليوم المتعلقة بالمنطقة الاقتصادية الخاصة للبنان في المياه ومحاولة الاستيلاء على الاجزاء التي تعتبر اغنى بالبلوكات والمربعات بثروة «الهايدرو كاربون».. وهذه سرقة اسرائيلية موصوفة فهي لا تريد المياه المالحة بقدر ما تريد الثروة التي تحتها اي النفط والغاز.

ولا يريد الرئىس بري ان يكشف كل الاوراق لكنه، حسب المصادر نفسها، عازم على المضي في حركته المتجددة حول ملف النفط لانجاز الخطوات العملية الكاملة بشأنه في مطلع العام الجديد. ويقول احد المسؤولين المعنيين بهذا الملف رئىس المجلس مصمم على اقرار قانون الضرائب في وقت قريب في المجلس، وانه يدفع بقوة باتجاه حسم الحكومة موضوع مرسومي النفط واقرارهما قبل نهاية كانون الثاني المقبل.

ويلاحظ المصدر في هذا المجال ان وزير الطاقة يكشف مؤخرآً عن اجواء روحية ايجابية ومشجعة عكس تلك الاجواء التي سادت في الفترة السابقة خلال النقاش حول البلوكات، الامر الذي يؤكد ان هذه المسألة، قد ذللت كما عبر الرئيس بري امام زواره، ويبشر ايضاً بتحسن المناخ الحكومي تجاه حسم مسألة المرسومين.

ويضيف ان هذه الروحية لدى الوزير المعني ستساعد في الدفع باتجاه خلق المناخ المناسب لحسم الحكومة امرها حيال المرسومين المذكورين وبالتالي اعطاء الضوء الاخضر مع مطلع العام الجديد للانتقال الى مرحلة جديدة في شأن ملف الغاز والنفط، تمهيداً للذهاب الى مرحلة التلزيم للتنقيب عن النفط ووضع الامور في المسار الصحيح نحو حماية حقوق لبنان وانتاج النفط والغاز اللبنانيين.

ويفترض ان يتركز عمل الحكومة على محورين، الاول داخلي باتجاه اقرار المرسومين خلال الشهر الاول من العام الجديد، والثاني باتجاه الخارج للدفاع عن كامل حقوق لبنان في المنطقة الاقتصادية الخاصة وفي مياهنا البحرية، ولفضح محاولات اسرائيل سرقة ثروتنا النفطية والعمل على ردعها ومواجهتها.