فجأة وبسحر إقليمي فتحت أبواب الحوار على مصراعيها. وبات الكل يريد محاورة الآخر .والجميع سحبوا العبارات الجارحة والهجومات العنيفة ووضعوها في الجوارير بانتظار جولة جديدة من العنف الكلامي على حدّ قول مصادرمسيحية، وأصبحت العبارات السابقة المستهلكة من الماضي على شاكلة «سحب سلاح حزب الله» و «الابراء المستحيل» وغيرها من التصاريح التي انتشرت على المواقع التواصل الاجتماعي إضافة إلى برامج «التوك شو» السياسي التي امتلأت بالنظريات والتحليلات عن ضرورة انسحاب حزب الله من سوريا. وبدأ الكل يمهد لضرورة اللقاءات والحوارات لنزع فتائل الحرب المذهبية. فالمستقبل وحزب الله انجزا مسودة جدول الأعمال فيما الرابية ومعراب تتلمسان مواضع الثقة خصوصاً أن «الحليب الساخن» فعل فعلته في اللا ثقة بينهما.

وفيما «تيار المستقبل» و«حزب الله» يضعان الروزنامة لتحديد المواعيد، والاجتماعات متواصلة لوضع اللمسات الأخيرة لانطلاق الحوار الذي طالت مدته. فإن المصادر تؤكد أن النوايا لدى الفريقين باتت جاهزة للانطلاق وبأن الفترة الحالية أشبه بالهدنة وكأن الحوار بدأ ونجح. فالامور جدية وبعيدة عن المناورات التي تعتمد في مثل هكذا حوار لكن يبدو أن الضوء الأخضر الإقليمي أعطي على وقع المفاوضات النووية وبات هذا الضوء ملزماَ للفريقين بضرورة السير به. لكن في المقابل لا تزال مؤشرات جدية اللقاء بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع ضبابية بحسب المصادر المسيحية وبات النجاح رهن بعدة معطيات، كما أن اللقاء اذا عقد سيكون لقاء الضرورة بعدما تطورت الأوضاع داخل الساحة المسيحية عشية الاستحقاق الرئاسي .فالعماد عون والدكتور جعجع اللذين هالهما الحوار المفاجئ بين حليفيهما المستقبل و«حزب الله». والخشية أن يخرج الدخان الأبيض من خلال هذا الحوار خصوصاً أن الناخبين الاقليميين الكبار باتوا على قاب قوسين للإفراج عن الاستحقاق الرئاسي بعد الجولات المكوكية للمندوب الرئاسي الفرنسي في المنطقة وصولاً إلى طهران والرياض .هذا الحراك الديبلوماسي والحوار المنتظر بين الحلفاء دفعا بالرابية ومعراب إلى التخلي مؤقتا عن الصراع الدائم بينهما والإسراع في عقد جلسة أشبه بالجلسة التي عقدت بينهما على أيام «مخايل الضاهر أو الفوضى» ونجحا يومها في قطع الطريق أمام واشنطن ودمشق لفرض رئيس للجمهورية.

كما أن الثنائي عون وجعجع تابعا عن كثب زيارة الرئيس امين الجميل إلى الجنوب. جعجع من ناحيته اعتبرها، تضيف المصادر، محاولة يقدم عبرها الجميل أوراق اعتماده عشية اللقاء بين المستقبل والحزب، ويهدف الجميل عبر الإستقبال غير المتوقع من حركة «أمل» و«حزب الله» إلى أنه الرئيس التوافقي الوحيد الذي استطاع منفرداً بين المنافسين الأقوياء أن يجمع القوى السياسية من مختلف الأطياف. وبالتالي فإن الجميل أحرق جميع الأوراق التي يمتلكها جعجع في ترشيحه المستمر الذي وصل إلى الطريق المسدود. كما أن الجميل بات يتفوق على حليفه اللدود على طاولة الأقوياء في بكركي لناحية أنه المرشح القوي والتوافقي.

وفي المقابل فإن هواجس العماد من الزيارة تتخطى الجميل برأي المصادر، لكنها تراكم الشكوك حول حليفه الرئيس نبيه بري، وأن الطحشة في الاستقبال هي رسالة واضحة الأهداف موجهة عن بعد من المصيلح إلى الرابية مباشرة. وهي حلقة من سلسلة طويلة عابقة بالرسائل الذكية للرئيس بري ، من قضية المياومين الذين بقوا غصة في حلق وزراء التكتل ولم يستطع أحد أن يقول لهؤلاء المدعومين «يا محلى الكحل...» إضافة إلى قضية المازوت الأحمر وإشعاله كفضيحة لأكثر من عامين رغم أن القضاء أصدر أحكامه الواضحة. كما أن معمل الزهراني كان مسرحا للخلاف بين عين التينة والرابية. من هنا كان الاستقبال الذي شكل النقزة الدائمة للعونيين، هو الدافع الأساس لاستعجال اللقاء مع معراب خصوصاً أن جعجع وعون باتاً على قناعة بأن الطباخين الاقليميين والمحليين تكاثروا بشكل كبير وبالتالي سيخرجونهما من المولد من دون حمص رئاسياً. فهل سيجتمع الإثنان قريباً أم أن الزيارة المفاجئة لجعحع إلى الرياض ستطمئن الحكيم وتزيل هواجسه فيلق اللقاء ذات المصير الذي حل بالقانون الأرثوذكسي. ..أم يكرر عبارته الشهيرة: «بيمون الجنرال».