لم يعرف التمثيل الديبلوماسي الاجنبي في ​لبنان​ سفيرا كالسفير البريطاني الحالي طوم فلتشر الذي لا يترك فرصة إلا يحاول ابتكار كل جديد ليساعد لبنان في الميادين المتاحة من تسليح وتقديم مساعدة للاجئين السوريين في لبنان بواسطة المفوضية العليا او مباشرة للحكومة. وهو يسعى بكل ما أوتي من قدرة لجعل اللبناني يعشق وطنه ويعمل له ويتمسك به. وكان فلتشر وراء اقناع سلطات بلاده بنشر ابراج مراقبة على طول الحدود اللبنانية مع سوريا، في محاولة لضبطها ومنع تهريب الاسلحة عبرها وتسلل الارهابيين، وأقنع بلاده بتمويل هذا المشروع وتدريب فوج التدخل البري، وقوامه 3000 ضابط وجندي، وتزويدهم المعدات اللازمة للرصد وكل ما يلزم من معدات لوجيستية وسيارات من طراز "لاند روفر". وهو الذي يحض القوى السياسية الفاعلة على التفاهم لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ويحزن عندما يمر بجوار القصر الجمهوري وهو خال من سيده، وفق ما عبّر عنه أكثر من مرة.

الا ان الجديد لدى فلتشر هو العودة الى الاعتماد على قدرة الرياضة لاظهار الانسانية المشتركة لدى القادة، فأراد احياء لحظة سلام ترقى الى مئة سنة خلت، ولجأ الى اعتماد اسلوب رياضي بتنظيم مباراة في كرة القدم بالتعاون مع سفير المانيا كريستيان كلاجس والسوبرانو تانيا قسيس ورئيسة "وان ليبانون"، على ملاعب مدرسة الجمهور. الطريف، انه للمرة الاولى يلعب سفراء من بريطانيا والمانيا وفرنسا وسلوفاكيا ورومانيا وبولونيا وملحقون عسكريون وديبلوماسيون ضد فريق من مشاهير لبنان في مجالات الفن والموسيقى والاعمال والرياضة. وقد اعتبر بيان للسفارة البريطانية ان هذه المباراة "تمثل وحدة لبنان وتظهر أن كرة القدم كانت وستظل قادرة على تحطيم الحواجز وتقريب الناس".

استعاد فلتشر مباراة كرة القدم التي اقيمت قبل 100 عام بين الفرنسيين والالمان الذين كانوا يتقاتلون خلال الحرب العالمية الثانية، للاقتداء بالجنود من كل الدولتين الذين اوقفوا القتال واستبدلوه بتبادل الهدايا، ولعبوا مباراة في كرة القدم على انغام الترانيم الميلادية على أرض ما كان يسمى "المنطقة الفاصلة".

وأفاد سفير لبناني انه للمرة الاولى يلعب سفراء اجانب في لبنان مع فنانين الأحد الماضي في عين سعادة في كرة القدم. وعبّر فلتشر عن هذا المشهد بقوله انه يمثل وحدة لبنان، مذكرا طرفي القتال، البريطانيين والفرنسيين، بأنه في ظل منطقة كالتي نعيش فيها، يجدر التذكير بقوة الرياضة في اظهار انسانيتنا جميعا واظهار ثقتنا بوحدة لبنان وصلابته. أما السفير كلاجس فرأى أن "هدنة الميلاد ما هي الا افعال شجاعة ومتمردة اظهرت عبثية القتال في الخنادق، وهذا الشعور كان قائما في الحرب الكبيرة، وكذلك الآن في المعارك، ونتمنى السلام لسوريا سنة 2015".

ولفت اكثر من مسؤول الى انه اذا كان وزير الخارجية والمغتربين يود تسمية ديبلوماسي العام للسلك الديبلوماسي اللبناني للسنة الجارية، فحري به على الاقل شكر فلتشر الذي لا يهدأ في تحركه الديبلوماسي مع الشخصيات واللاجئين السوريين وفي المجالات التربوية والثقافية والفنية، تقديرا لعطاءاته وسهره على وحدة لبنان.