ما من بلدٍ في العالم تعمد أسواقه التجارية إلى رفع شعارات التنزيلات على واجهات المحلات قبل الأعياد، لكن هذه المفارقة تحصل في لبنان.

ولهذه التنزيلات ما يبررها، فالبلد ليس في خير ولم يتعافَ بعد، ومحاولات إفتعال القوة من الضعف لم تُعطِ نتيجةً حتى الآن، فالمسألة أبعد وأخطر وأعمق من أن تُعالَج بالمسكنات والمعنويات، إنَّها مشكلةٌ عضوية تتعلَّق بالتكامل في الأداء بين ما هو رسمي وما هو قطاع خاص، فإذا كان الطرفان غير متعافيَيْن فكيف تنطلق عجلة البلد؟

طالبنا بهدنة الأعيادفماذا تحقَّق؟

لا الهدنة تحقَّقت ولا الأمور تحسَّنت. إذا تناولنا الملفات السياسية فإنَّها تسير من سيئ إلى أسوأ، ها هو ملفُّ قانون الإنتخابات النيابية يترنَّح بعد تصدُّع اللجنة المولجة درسه، وعلى رغم هذا التصدُّع فإنَّ رئيس مجلس النواب نبيه بري يحاول أن يعيد إحياءها لعلمِه أنَّ الإستمرار في العمل، ولو ببطء، يبقى أفضل من التوقف والإنقطاع.

في مقابل الملفات السياسية المترنِّحة، يبقى هناك أملٌ ببعض الملفات الحياتية التي انطلقت ناجحة، علماً أن العبرة تبقى في المتابعة والتنفيذ للوصول بها إلى الخواتيم التي يجب أن تكون لها.

تقدَّم في الفترة الأخيرة ملفُّ الأَملاك العمومية والمشاعات والمحميات، التي تمَّ ويتمُّ وضع اليد عليها، وهناك أملٌ كبير بألا يُطوى هذا الملف على زغل، وقد وعد بذلك وزير المال علي حسن خليل الذي تجرَّأ وجهَر بالحقيقة فأعلن في حديث صحافي أنَّ الملف بات الآن كرة ثلج تتدحرج وتكبر يومياً، ولاحظ الجميع أنَّنا أدعينا بداية اكتمال الملف على مجموعات استولت على الأملاك العمومية والمشاعات في 22 قرية، والآن أصبح عدد القرى المدعى فيها على أشخاص استولوا على الأملاك العامة 27 قرية بفعل إبلاغ الأهالي عن مخالفات قديمة، وهذا عائد إلى أنَّهم عندما رأوا الأمور تتَّخذ المنحى الجدي، وإنَّنا مصرون على إعادة الأملاك العامة ومحاسبة كل من استولى عليها وساهم في التزوير، بدأوا بتقديم الإخبارات.

هذا ما أعلنه الوزير علي حسن خليل، لكن ما لم يُعلنه هو أنَّ ملفات موثَّقة بدأت تصل إلى وزارة المال، من خلال الإخبارات التي تُقدَّم والتي تتناول قضايا لها علاقة بوضع الأيادي على عقارات بشكلٍ إما مخالف للقانون أو بشكل احتيالٍ على القانون، هذه الملفات تُدرَس في وزارة المال بعنايةٍ بالغة لتُتَّخذ في شأنها المقررات المناسبة.

قبل ذلك كان وزير الصحة وائل أبو فاعور قد أطلق الشرارة، وهو يتنقَّل بين ملفات الأدوية المزورة أو فاقدة الصلاحية وبين المواد الغذائية الفاسدة وغير المطابقة.

وبالتوازي هناك العقدة الكأداء المتمثِّلة بمطمر الناعمة وقضية إيجاد مطمر آخر، لكن هذه العقدة آخذة في التفاعل لأنَّ النتائج الإيجابية في خصوصها غيرُ واضحة المعالم.

من خلال هذا المشهد، يبدو السباق قائماً بين التشاؤم والتفاؤل من دون أن تظهر إحتمالات النتائج حتى الآن، لكن ما لا يفهمه المواطن هو كيف تنخفض أسعار المحروقات وترتفع أسعار السلع؟

هذا اللغز يحتاج إلى جوابٍ من وزيرَي الطاقة والإقتصاد، فهل يُجيبان؟