لفت وزير العمل ​سجعان قزي​ الى أن "آفة الإتجار بالبشر ستستمر اليوم وغدا وطالما هناك إنسانان موجودان على الأرض، طالما يوجد إثنان هناك تجارة. وإذا لم يجد الإنسان شيئا يتاجر به فسيتاجر بأخيه الإنسان"، مؤكدا أن "لا الأديان التي اهتدينا بها ولا الدول التي انتمينا إليها تمكنت من وقف نزعة الإتجار بالآخر، فالطبيعة البشرية تواجه الأديان والغريزة البشرية تواجه الدساتير. ولكن هذا المحضر السيىء للحالة الإنسانية ليس محصورا بلبنان وفي لبنان ويجب ألا يردعنا عن مواصلة الجهاد في سبيل تخفيف آفة الإتجار بالبشر".

وخلال مشاركته في ورشة عمل بعنوان "الخلية الوطنية الخاصة بالعمال المهاجرين ومكافحة الإتجار بالبشر"، أشار قزي الى أنه "كلما تقدم الإنسان في الحضارة والثقافة والرقي وفي فهم القيم كلما خفت لديه نزعة الإتجار بالآخر. الإتجار بالبشر ولد كآفة منذ ان وجد الإنسان، والمؤسف أن بعد ملايين السنين، بعد ستة آلاف سنة على دخول الإنسان في عالم حضاري معين، لم نتمكن من وضع حد نهائي لهذه الآفة. واللافت، وانتم إذا فكرتم تلاحظون انه للمرة الأولى التي ولد عمل مشترك بين الأمم، أي الأمم المتحدة والتي كانت تدعى عصبة الأمم، ولدت في بداية القرن العشرين مما يعني ان الجماعة البشرية عاشت ستة آلاف سنة من دون أي رابط جماعي على الصعيد الإقليمي والدولي، هذا أمر يدعو الى الغرابة".

وأوضح أن "الشعوب تحاربت، تقاتلت، ثم تعارفت. إنه مسار عكسي لما يمكن ان تكون عليه الحالة او الطبيعة البشرية كما أرادها الله، ونحن بغالبيتنا نؤمن بإله ما الى أي دين انتمينا، ونؤمن بمطلق ما حتى لو كنا من طائفة الملحدين، ولكن أكنا مؤمنين أو ملحدين لا يزال بعضنا يتصرف وكأنه وثني من خلال طبيعة ممارسته علاقاته مع الآخر مما يستدعي أن تعلن كل الدول، لا حالة الطوارىء على الجوع، السيدا، الأمراض والجراثيم فقط، إنما على إتجار الإنسان بأخيه الإنسان".

وأكد ان "اليوم هذا اللقاء هو محاولة لخرق هذا الحائط السميك المستمر، وأنا لن أخفيكم بأن كل الحلول التي طرحت علي كوزير للعمل لتنظيم عمل العاملات في الخدمة المنزلية، والإسم الذي نطلقه عليهن لا يغير المعاملة في وقت المطلوب تغيير المعاملة قبل تغيير الإسم. في الوقت الذي طرحت علي حلول وتدابير وإجراءات عديدة من وزارات صديقة ومنظمات دولية ومؤسسات روحية ومؤسسات المجتمع المدني، طبعا بعض هذه الإجراءات مفيد ولكنه لا يلغي الإتجار بالبشر. حتى لو ألغينا المكاتب والوكالات، الإتجار بالبشر هو ذو طابعين: أخلاقي ومادي. نهتم كثيرا بالإتجار بالبشر من الناحية المادية، أي العمولة أو الرشوة، ولكن الى أي مدى نهتم بذلك من الناحية الإنسانية والأخلاقية والشخصية. متى انتزعنا اللاخلاقية في تعاملنا مع الآخر تصبح كل الحلول ممكنة وخارجة عن إتجار البشر مهما كان نوع القوانين المرعية الإجراء او التي يمكن ان نضعها لاحقا".

ورأى قزي أننا "خطونا في وزارة العمل خطوات متواضعة ولكنها مهمة، أنا لا أؤمن بالإنجازات الفورية. كل ما هو فوري يسقط وما يدوم هو العمل المبني على خطة تستكمل تنفيذها عبر الأسابيع والأشهر والسنوات. أعدنا إحصاء المكاتب التي تستقدم الخادمات العاملات من الخارج، نظمنا طريقة عملها من ناحية نسبة الإستقدام، دعونا الى مؤتمر عام لهذه المكاتب في اول مرة في فندق مونرو منذ حوالي ثلاثة أسابيع، وكان الجو جيدا على ما وردني في ما بعد. أغلقنا عددا من المكاتب التي وردتنا شكاوى بصددها، عالجنا أوضاع مكاتب أخرى وكل ذلك بهدوء وباحترام للانسان دون التشهير بأصحاب المكاتب أو أصحاب المنازل"، مؤكدا أنه "لا يجوز التشهير، الوزير لا يستطيع ان يعلن التهمة. القضاء وحده يدعي ويحكم ويعلن الأسماء، وليس الوزير".

وشدد على أن "هناك احترام للبشر غير الإتجار بالبشر. وفي هذا الإطار أعتقد أننا خطونا نحو الحد من هذه الأمور، خطوات اخرى أيضا من خلال تحضير بروتوكولات - عقود، مذكرات تفاهم مع سفارات الدول التي كانت تحظر إرسال مواطنيها الى لبنان. أعدنا النظر في التعامل، في توقيع العقود، في معرفة العاملة على ماذا توقع، الى أين تأتي؟ ماذا تأتي لتفعل؟ تأتي للعمل في المنازل او غير ذلك كالعمل في العلاج الفيزيائي مثلا، كل هذه الأمور وضعنا لها حدا من خلال إدارة وزارة العمل"، لافتا الى "ضرورة أن نتعاون معا في سبيل هذا الأمر، وتقدمت منذ ثلاثة أشهر الى مجلس الوزراء بقانون وقف الإتجار بالبشر، وأدرج على جدول أعمال مجلس الوزراء منذ ثلاثة أسابيع ولكنه أرجىء لأن بعض الوزارات أبدت تحفظا عليه، رغم اني اعتبر ان هذا القانون يبقى غير كاف لوقف الإتجار بالبشر، ورغم ذلك لا تزال هناك إدارات وعقلية وذهنية لبنانية ترفض إقرار هذا المشروع".