يبدو احد المرشحين الرئاسيين التوافقيين هادئا مطمئنا الى ان ربع الساعة الاخير الذي يفصلنا عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية لم يحن بعد. هو يتحدث عن ربيع رئاسي في آذار المقبل، لذلك يغتنم فرصة العيد للسفر الى احدى العواصم الأوروبية لانهاء بعض الأعمال الخاصة.

مرشح آخر للرئاسة يبدو واثقا بأن الموعد المنتظر قد حان وأن أول شهر من السنة الجديدة سيحمل رئيسا للبلاد، لذلك يفضل قضاء عطلة العيد في لبنان بمسعى لمتابعة المستجدات لحظة بلحظة بعد جولة قام بها على عواصم أوروبية مؤخرا جعلته مقتنعا بأن الدفع الدولي لن يهدأ قبل اتمام مهمته.

"الصمت الانتخابي" سياسة يعتمدها معظم هؤلاء المرشحين، وهم بخلاف المتعارف عليه يطبقونها قبل أشهر من لحظة الحسم وليس قبل الساعات الـ24 الأخيرة، باعتبار أن أحدا لا يستطيع التنبؤ بهذه الساعات. ويتفرغ هؤلاء حاليا لمعارك تكتيكية يخوضونها بمحاولة لاحراق اوراق خصومهم التوافقيين، بعدما باتوا على شبه يقين بأن أوراق الاقطاب المنافسين قد احترقت.

هذا يسرّب عن هدايا تلقاها ذاك من عاصمة اقليمية أو أخرى، وآخر يروّج لزيارة لم تتم حقيقة، قام بها مرشح آخر لدولة مجاورة بمسعى لاضفاء لون سياسي على ترشيحه ما يؤدي لضربه تلقائيا.

ولا تقتصر الألاعيب التكتيكية على المرشحين، بل يتقنها أيضا فرقاء سياسيون يحاولون تعويم مرشحهم من خلال تسويق معطيات تفيد بأنّه محسوب على الطرف الخصم لدفع هذا الأخير لتسميته ليعودوا ويلاقونه في منتصف الطريق باتجاه قصر بعبدا.

ويعوّل معنيون بالملف الرئاسي على معلومات تتحدث عن امكانية عقد اتفاقات تمهيدية تسبق الاتفاق الشامل المقبل على المنطقة، فيكون الملف اللبناني واحدا من هذه الاتفاقات ويأتي الحل الرئاسي في غضون اشهر قليلة.

وتشير المصادر الى ان "حل الأزمة الرئاسية سيقترن بلا شك مع توافق على قانون جديد للانتخابات، وعلى قائد جديد للجيش بالاضافة لتصور أولي للحكومة المقبلة"، لافتة الى حديث عن توجه لاعادة "توكيل رئيس الحكومة ​تمام سلام​ مجددا بالمهمة الحكومية مع انعدام حظوظ كل من وزيري العدل والداخلية أشرف ريفي و​نهاد المشنوق​".

وترى المصادر ان هناك "الف سبب وسبب" يحول دون عودة زعيم تيار المستقبل ​سعد الحريري​ لرئاسة الحكومة الجديدة، "باعتبار أن ما نحن مقبلون عليه ليس استقرارا وتسوية نهائية بل أشبه بحل جزئي"، مشددة على أن الحريري لا يمكن ان يعود ليستقر في لبنان رئيسا للحكومة، الا بعد انطلاق عجلة التسوية الشاملة في المنطقة.

وفيما بدأت جهات محددة بالحديث عن سيناريو كوبي مقبل على المنطقة، باشارة الى حل كبير للصراع الأميركي-الايراني على غرار الحل الطازج الأميركي–الكوبي، تشدّد مصادر أخرى على ان حيثيات الملف الكوبي مختلفة تماما عن حيثيات ملف منطقة الشرق الأوسط المتفجّر، قائلة: "ايران ليست كوبا!"

وبانتظار حلول قد تكون قريبة أو في المدى البعيد، يعمل المرشحون الرئاسيون وخاصة التوافقيون منهم، وكأن الانتخابات حاصلة غدا متممين جميع واجباتهم الرئاسية.