ما الذي يحمله العام الجديد على الصعيد الامني في ظل استمرار خطر الارهاب على المنطقة ومنها لبنان؟

رغم التوترات والتفجيرات الناجمة عن الهجمة الارهابية عليه وانتشار الخلايا الامنية المتطرفة، بقي لبنان مستقراً نسبياً باعتراف الاوساط الدولية مستفيداً من امرين: نجاح الجيش اللبناني والقوى الامنية في التصدّي لهذه الهجمة بكل حزم اكان في صيدا ثم في طرابلس والشمال او في محور المواجهة المكشوفة والمباشرة في عرسال والجرود الشرقية. والقرار الدولي غير المعلن بابقائه تحت سقف محدد من الاستقرار العام ومنع انتقال عدوى هذه الحرب الينا.

واذا كانت البؤر الارهابية ما تزال موجودة في غير منطقة لبنانية وتشكل خطراً دائماً على امن وسلامة البلاد، فان الوضع في جرود عرسال وجيرانها يبقى الاكثر خطورة بسبب الانتشار الكثيف والمعزز للمجموعات الارهابية على مختلف فئاتها والوانها.

وعشية العام الجديد شهدت هذه المنطقة وجرود القلمون السورية تطورات مهمة، تمثلت بتعاظم نفوذ وسيطرة وانتشار مجموعات «داعش» على حساب ما يسمى «بالجيش السوري الحره» وبعض المجموعات التابعة لجبهة النصرة.

وتنظر المراجع والجهات الامنية بشيء من القلق لهذه التطورات الخطرة، خصوصاً في ضوء الكلام والتسريبات عن رغبة هذا التنظيم الارهابي في التوسع باتجاه بلدة عرسال وجعلها نقطة ارتكاز لشن هجمات على البلدات والمناطق المجاورة.

وتأخذ هذه المراجع بعين الاعتبار الاحداث الاخيرة التي اسفرت عن عودة المجموعات الارهابية الى التحرك بشيء من الحرية في بعض المناطق الجردية السورية في القلمون، مشيرة الى ان هذا التطور يزيد من مساحة نفوذ وعمل هذه المجموعات، ويساهم مساهمة واضحة في اضعاف خطة حصارهم.

لكن المراجع نفسها تؤكد ان الخطة التي اتبعها الجيش في الاسابيع الاخيرة ادت الى التضييق على الجماعات الارهابية ان من جهة الحدود اللبنانية - السورية أو من جهة المنطقة الفاصلة بين الجرود وعرسال وبلدات اخرى.

وتضيف ان احتمال توسع نفوذ «داعش» يشكل تحدياً امنياً، ليس لان هناك فارقاً بين المجموعات الارهابية مهما تنوعت تسمياتها، بل لان هذا التنظيم ينظر الى بلدة عرسال كهدف آت ويسعى الى كسب مبايعة منها او من الجماعات المتطرفة فيها.

هل تبايع عرسال هذا التنظيم؟

يقول مصدر مطلع ان مثل هذا الامر مستبعد بل غير وارد باعتبار ان اهالي البلدة اكدوا ويؤكدون دوما رفضهم للارهاب والارهابيين، واذا كان بعض ابناء البلدة قد انخرط في مجموعات متطرفة فهي تدور في فلك «جبهة النصرة» او الجماعات المنتمية الى فكر وسلوك القاعدة.

اما السبب الآخر فهو ان النفوذ السياسي في هذه البلدة لا يزال مناهضاً لـ «داعش» لاعتبارات سياسية محلية تعود للنفوذ التقليدي لتيار المستقبل في المناطق السنية، او لاعتبارات تتعلق ايضاً بالولاء لدول اقليمية مناهضة لهذا التنظيم لا سيما السعودية.

من هنا، يعتقد المصدر المطلع ان مسألة مبايعة البلدة لـ «داعش» مستبعدة، لكن ذلك لا يعني ان يرث هذا التنظيم عناصر من جماعات اخرى تنتمي او تتعاون مع الجيش السوري الحر وبعض التشكيلات اللبنانية المتطرفة التي تدور في فلك جبهة النصرة.

ولذلك يرى المصدر ان الموقف الحذر والمتابعة الدقيقة التي تقوم بها الجهات الامنية اللبنانية هي في محلها، طالما ان هناك معطيات وتطورات تجعل خطوط التماس بين الجيش اللبناني والمجموعات الارهابية في اولويات التحديات الامنية المقبلة.

وبغض النظر عن حجم التحديات في هذه المنطقة والاخطار المترتبة عن انتشار بؤر انية متطرفة في عض مناطق الداخل، تؤكد مراجع بارزة بأن الوضع الامني في لبنان سيبقى على ما هو عليه ولن يتجاوز السقف الذي فرضته وتفرضه المعطيات الداخلية والقرار الدولي غير المعلن، وبالتالي لا خوف من حصول احداث امنية في الساحة الداخلية

ومما لا شك فيه ان الانظار تتجه بعد منطقة عرسال الى منطقة شبعا التي تكتسب اهمية جغرافية خاصة نظراً الى وجودها على الحدود السورية والاسرائيلية.

ويقول مصدر مطلع «اذا كان هناك خطر على بيروت هناك خطر على شبعا»، مستبعداً مثل هذا الخطر رغم محاولات المجموعات الارهابية التسرب الى الحدود الشرقية للبلدة.

ويضيف أن هناك اسباباً عديدة تؤكد هذا الأمر لعل ابرزها: ان البلدة والمنطقة لا تشكلان بيئة حاضنة للارهاب والارهابيين، وان أي محاولة للنيل من أمن شبعا والجوار يعني ان أمن اسرائيل سيكون موضع استهداف فوري ومباشر، وهذا ما يحسب له العدو كل الحسابات.

وماذا عن مخيم عين الحلوة؟

يقول المصدر ان الوضع في المخيم غير خطر كما يتراءى للكثيرين. صحيح ان هناك عناصر او خلايا امنية متطرفة في المخيم الا ان وجودها لم يصل الى مستوى أخذ قرار المخيم رهينة.

وحول ما جرى مؤخراً في حي التعمير المحاذي للمخيم بين عناصر تنتمي الى سرايا المقاومة و«المعلومات» التابعة لقوى الامن الداخلي يوضح المصدر استنادا الى تقارير امنية أن ما جرى حادث عابر عولج بعد تسليم المسببين الى الجهات المختصة.

ويلفت في هذا المجال الى الموقف الفلسطيني في مخيم عين الحلوة والذي تميز بالمسؤولية من كل الاطراف بما في ذلك القوى الاسلامية الفلسطينية. ففور حصول الحادث استنفرت المجموعات الفلسطينية المسلحة لمنع امتداده الى داخل المخيم ومنه الى الخارج ايضا، لا بل ان الجماعات الاسلامية اتخذت موقفا جيدا ما استدعى مدير مخابرات الجيش في الجنوب العميد علي شحرور الى الاتصال بالمسؤولين في المخيم على مختلف انتماءاتهم مهنئا بالموقف الذي اتخذوه.