تكثّف الكنيسة المسيحيّة بكلّ طوائفها وجماعاتها صلواتها بين 18 و25 كانون الثاني من كلّ سنة من أجل وحدة المسيحييّن. لهذه المناسبة، يجتمع المؤمنون للصلاة من أجل وحدتهم، ولكي يكونوا واحدًا كما شاء يسوع المسيح أن يكونوا. "ليكون الجميع واحدا، كما أنك أنت أيها الآب في وأنا فيك" (يو17/21).

لكنّ البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أراد أن يتخطّى هذه السّنة حدود المسيحيّة ويبرهن كما عاهدنا دائمًا بانفتاحه على الآخرين. لم يكتفِ بالصلاة مع الكنائس الأخرى من أجل الوحدة، بل وسّع إنفتاحه حتى وصل الى الطوائف الإسلاميّة الأخرى مثبّتًا نفسه بطريركًا لكلّ لبنان واللبنانييّن.

فاجأنا نهار الأحد 18 كانون الثاني 2015 بزيارة تضامن وتعزية قام بها الى جبل محسن في طرابلس للوقوف الى جانب إخوتنا العلوييّن الذين استهدفوا مؤخّرًا بتفجيرَين إنتحاريَيّن وإلى دارة رئيس الحكومة الراحل عمر كرامي في طرابلس معزّيًا بوفاته.

لم يرضَ الراعي بإرسال من ينوب عنه أو يمثّله، بل أراد إعلان تضامنه الشخصيّ وتضامن الكنيسة المارونيّة جمعاء مع كلّ حزين ومتألّم. كما أعلن تضامنه الأسبوع الفائت مع موارنة البقاع الذين فقدوا إثنين من ابنائهم غدرًا، ها هو اليوم يتضامن مع علويّي الشمال وسنّتهُ. أراد أن يعيش كلام القدّيس بولس إلى أهل روما "إفرحوا مع الفرحين وابكوا مع الباكين" (رو 12/15).

ما أكبر تواضعكَ أيّها البطريرك.

ما أعظم إنفتاحَكَ أيّها الكاردينال.

فمنذ تولّيكَ السدّة البطريركيّة وبالرغم من كلّ الإنتقادات والمخاطر لم تتوانَ عن إثبات إنفتاحَكَ على الجميع. زرتَ الشرق والغرب، زرتَ سوريا والأراضي المقدسة، زرتَ الشمال والجنوب والبقاع ولم تسمح لمنتقديكَ بوضع حدّ لنشاطكَ.

طوبى لكِ أيّتها الكنيسة المارونيّة فإنّ بطريرككِ قدّيس.

طوبى لكِ أيّتها الكنيسة المارونيّة فخليفة بطرس والدويهي والحويّك وصفير أمينٌ على رسالته.

طوبى لكِ أيّتها الكنيسة المارونيّة فإنّ على رأسكِ رجلاً شجاعًا وقويًّا بالمسيح الذي يقوّيه.

طوبى لكِ أيّتها الكنيسة المارونيّة فإنّ قائدكِ أمين.

طوبى لكَ يا لبنان فلا خوف عليكَ ما دام سيّد ​بكركي​ حاملا مجدَك.

طوبى لكَ يا وطن الرّسالة فإنّ الجالس على كتف وادي قنّوبين يذكر جيّدًا صعوبات إنطلاقتنا من ذلك الوادي المقدّس.

زيارتكم لطرابلس بشقيّها العلويّ والسنّي، وزياراتكم السابقة الى شيعة الجنوب والبقاع ودروز الجبل، ولقاؤكم مع المسؤولين الرّوحيّين والسياسيّين من باقي الطوائف وفتح باب بكركي لجميع زوّارها، أثبتت أنّكم ودون أدنى شكّ وجهٌ حواريّ وإنفتاحيّ بإمتياز.

أدامكم الله لنا، خيرَ قائدٍ لسفينةٍ عمرها أكثر من 1600 سنة، وخيرَ محاورٍ لبلدٍ يضمّ 18 طائفة وخير أبٍ لطائفةٍ تخطّت حدود لبنان والشرق ووصلتْ إلى أصقاع العالم.