لا يبدو أن رئيس كتلة "المستقبل" النائب فؤاد السنيورة، نجح حتى الساعة في "هضم" فكرة حوار التيار، الذي يترأس كتلته النيابية مع "حزب الله"، خصوصاً أن جميع المعلومات تشير إلى أن رئيس الحكومة السابقة كان من أبرز المعارضين لهذه الخطوة، والتي توجت بتغيبه عنه ليتحمل هذه المسؤولية الكبيرة مدير مكتب رئيس الحكومة السابق سعد الحريري السيد نادر الحريري.

في خضمّ التقدم بهذا الحوار، الذي تؤكد عليه البيانات الصادرة عن الجلسات المتعددة التي عقدت حتى الآن، جاءت الغارة الإسرائيلية على مجموعة من قياديي "حزب الله" في القنيطرة السورية، في سياق ممارسات إسرائيل المتكررة تجاه الحزب والدول العربية، فقرر رئيس كتلة "المستقبل" إعتماد سياسة "الصمت" التي يلتزم بها الحزب في المواجهة، لكن على ما يبدو تسريب خبر تقديمه التعزية من قبل العلاقات الإعلامية في "حزب الله" أحرج السنيورة، الذي قرر عبر بيان واضح أن يوضح حقيقة موقفه.

في هذا السياق، تؤكد مصادر مطلعة، لـ"النشرة"، أن رئيس كتلة "المستقبل" وضع عبارة "المغامرة"، التي استعملت خلال العدوان على لبنان في تموز من العام 2006، بشكل مقصود، مستدركاً ذلك من خلال التأكيد على ضرورة الإلتزام بالقرار الدولي رقم 1701، الذي إعتبره "إنجازاً" على اللبنانيين التمسك به.

لا تستغرب هذه المصادر ما قام به السنيورة، خصوصاً بعد أن سعى إلى التأكيد على ضرورة التنبه إلى أن "عدونا لا تنقصه المبررات من أجل تنفيذ العدوان"، ولفت الإنتباه إلى أن "المهمة الاساسية للقوى السياسية اللبنانية يجب أن تكون التفكير بحماية لبنان واللبنانيين ومصالحهم وحياتهم الاقتصادية ومستقبل عائلاتهم وأولادهم"، لكنها تسأل عن كيفية تأكيده أن "العدو حين يريد الاعتداء على لبنان قادر على اختلاق الحجج والمبررات لأي عدوان"، في الوقت الذي يطالب فيه اللبنانيون والقوى السياسية بـ"عدم إعطاء أي مبرر من أجل القيام باعتداء على لبنان"، مع العلم أن الإسرائيلي هو من أقدم على القيام بالخرق الكاسر لقواعد اللعبة لا الحزب.

بالنسبة إلى مصادر نيابية في قوى الثامن من آذار، كان من المتوقع أن يذهب السنيورة أبعد من ذلك في هجومه، ولا أحد ينتظر منه غير ذلك، لكن حجم الإجماع حول المقاومة أمام هذا العدوان، "فرمل" إندفاعته على ما يبدو، والدليل أنه عندما تحدث عن "مغامرة" من أجل أجندات إقليمية جامحة لا تخص اللبنانيين وطموحاتهم، لم يسمِّ لا الحزب ولا أمينه العام السيد حسن نصرالله، بالرغم من أن هذا "التلميح" واضح، والرسالة وصلت بكل تأكيد.

وإنطلاقاً من ذلك، تشير هذه المصادر، لـ"النشرة"، إلى أن رئيس كتلة "المستقبل"، التي أصر أعضاء فيها على ضرورة أن يُقدم الحزب على الرد في سياق تحريضه من أجل إحراجه، لم يعمد رغم تأخر بيانه الرسمي إلى الحديث عن كيفية تحصين لبنان نفسه عسكرياً، مع علمه المثبت أن الرهان على القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان من أجل تحقيق هذا الهدف "كذبة" كبيرة، حيث مهمتها لا تشمل أكثر من مراقبة عناصر الحزب لمنعهم من تطوير قدراتهم، وبالتالي من المفترض على أي مسؤول أن يضع ضمن أولوياته هذا الأمر من أجل الحفاظ على سيادة بلاده وإستقرارها قبل أي شيء آخر.

وفي حين لا يزال البحث في إمكانية وإساليب الحزب في الرد بعيدا عن وسائل الإعلام، شدّدت هذه المصادر على أن التعامل مع إسرائيل من منطلق الخوف الذي تحدّث عنه السنيورة، لا ينفع، حيث أثبتت التجارب أنها لا تفهم إلا بلغة القوة، وخَلُصَتْ هذه المصادر الى التعبير عن أسفها للإنقسام السياسي في لبنان الّذي لم يسمح بتجاوز هذه المسألة الجوهرية.