إنطلاقاً من التجارب السابقة، قليلة جداً هي المواضيع التي يدرجها رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب ​وليد جنبلاط​ تحت خانة "غير مخصص للحديث الإعلامي" كما هو الحال راهناً مع مسألة إستقالته من مقعده النيابي في دائرة الشوف وتوريثه لنجله تيمور من خلال إنتخابات فرعية تجرى في الوقت عينه مع فرعية جزين المخصصة لإنتخاب بديل عن عضو تكتل "التغيير والإصلاح" النائب الراحل ميشال حلو.

في كل مرة يُسأل رئيس الحزب "التقدمي الإشتراكي" عن الإستقالة، الجواب واحد "كل شي منحكي عنو بوقتو" وهذا ما عُمّم أيضاً على كوادر الحزب وقياداته. "للزعيم الدرزي أسباب عدة تدفعه الى التعامل مع هذه القضية بتكتم شديد"، يقول عارفوه. أول هذه الأسباب يعود الى أن "البيك" لا يريد أن يحرق هذه المحطة المفصلية من حياته السياسية والشخصية قبل أوانها، كما أنه يفضّل أن يستثمرها بمؤتمر صحافي يعقده في دارة آل جنبلاط في المختارة نظراً لما يضفيه مكان الإعلان عن خطوته هذه، من رمزية تزوّد تيمور بزخم إضافي، لذلك فالحديث عنها في الإعلام مسبقاً يقلل من وهجها وهذا ما يحرص جنبلاط على عدم الوقوع به.

هناك في الشارع الجنبلاطي من يقول إنّ أحد أبرز أسباب رفض زعيم المختارة التحدث عن إستقالته من النيابة، مردّه النصائح التي تلقّاها خلال الأسابيع القليلة الماضية، بإعادة النظر في خطوته وتأجيلها بعض الشيء، على إعتبار أنّ دقة المرحلة التي يمر بها لبنان ومؤسساته، تتطلب وجوده شخصياً داخل مجلس النواب وعلى رأس الكتلة النيابية التي عاد اليها في الآونة الأخيرة أبناؤها الضالون مروان حمادة وهنري حلو وفؤاد السعد وأنطوان سعد بعد هجرة فرضها تكليف جنبلاط نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة عقب تطيير النائب سعد الحريري من منصبه. بعض هذه النصائح تلقاها "البيك" من أهل البيت وتحديداً من مشايخ وفعاليات الطائفة الدرزية وبعضها الآخر سمعه من أصدقائه المحنكين في السياسة.

من أسباب التكتم الجنبلاطي أيضاً، إستشارات في غاية الأهمية يريد رئيس كتلة "اللقاء الديمقراطي" أن يجريها مع مراجع عدة يحظون على ثقته السياسية، على رأسهم رئيس مجلس النواب نبيه بري. كل ذلك من دون أن يقلل العارفون بكواليس المختارة، من أهمية الأمور التقنية التي يجب التأكد منها قبل الإقدام على خطوة الإستقالة، ومن هذه الأمور على سبيل المثال السؤال التالي: هل يمكن لجنبلاط أن يتحدث في الإعلام عن إستقالته قبل التنسيق المسبق مع بري أولاً ووزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق ثانياً، وثالثاً مع الأفرقاء السياسيين الأساسيين للتأكد من أن الإنتخابات الفرعية في الشوف وجزين ستجرى في مهلة لا تتخطى الأسبوعين وأن ما من خلاف سياسي عليها وأن مقعده لن يبقى شاغراً إذا إستقال منه؟

أياً تكن الساعة التي سيهب فيها الزعيم الدرزي موقعه النيابي لنجله تمهيداً لتربعه على عرش الحزب الإشتراكي، ومهما كان الظرف الذي ستأتي به هذه الساعة، فهي آتية لا محال، بعد أسبوع أو أسبوعين، شهر أو شهرين وحتى لو طالت أكثر من ذلك، سيبقى وليد جنبلاط المرجع الأول في حزبه وسيبقى الموجّه الأول لمسيرة إبنه، كل ما في الأمر أنه بتسريع خطوته يجر نجله الى السياسة التي لا يهواها أساساً قبل أوانه، ويكون الى جانبه في إنطلاقته خصوصاً أن تيمور لا يتمتع بالخبرة التي إكتسبها الوالد طيلة السنوات الماضية منذ إغتيال كمال جنبلاط وحتى اليوم.