لم يكن هجوم مسلّحي تنظيم «داعش» على مركز الجيش في ​رأس بعلبك​ مفاجئاً. كل المعطيات لدى الأجهزة الأمنية كانت تجزم بأنّ بلدتي رأس بعلبك والقاع اللبنانيتين، اللتين ينتمي سكانهما إلى الطائفة المسيحية، هما الأكثر عرضة للتهديد، وتحديداً من «الدولة الإسلامية». فالتنظيم الأكثر تشدّداً في جرود القلمون، ينفرد في حُكم مناطق شاسعة تتضمن معظم جرود عرسال (من عجرم إلى وادي الزمراني، وهي المنطقة نفسها التي يُطلق عليها الرعاة جبال الحلايم، ويقع ضمنها وادي ميرا الذي يُتداول اسمه كمنطقة يستهدفها الجيش السوري بالقصف)، وهي كامل المنطقة المحاذية لجرود رأس بعلبك والقاع والتي يُسيطر عليها مسلّحيه.

ورغم الخسائر التي مُني بها الجيش، كانت المعلومات الاستخبارية لديه تؤكد أن تحضيرات المسلّحين جارية، وأن هجومهم متوقّعٌ في كل لحظة. وقد عجّل السيناريو أكثر من مُحفّز. وبحسب المعلومات، فالتنظيم القابض على رقاب تسعة عسكريين أسرى، رغم التسريبات عن اقتراب حصول حلحلة في ملفّهم، يريد تحريك الملف من جديد. وترجّح مصادر لـ«الأخبار» أنّ «الدولة» كانت تسعى إلى خطف مزيد من العسكريين، لإحراج الحكومة اللبنانية ودفعها إلى التحرّك لقبول المقايضة مكرهة. وتشير مصادر مقرّبة من التنظيم المتشدد إلى أن الشعار المعلن سيُربط بـ«اقتحام سجن رومية وضرب السجناء الإسلاميين»، ليُقال إنّه ثأرٌ لـ«مظلومية إخواننا في معتقل رومية». في مقابل ذلك، ترجّح مصادر عسكرية أن غاية هجوم المسلّحين كان احتلال تلّة المحمّرة. وتشير المصادر نفسها إلى أنّ «الجيش أفشل المخطط»، كاشفة عن «رصد نداءات لمسلّحي داعش يستنجدون بجبهة النصرة بعد الهجوم المضاد الذي نفّذه الجيش وقصفه الخطوط الخلفية لمنع انسحابهم والحؤول دون سحبهم جثة شهيد أو أسير لاستخدامها في الابتزاز».